تعمل دول الخليج العربي منذ سنوات على تطوير الصناعات العسكرية، وتحقيق مستوى طموح من التصنيع العسكري.
ومؤخراً تبنّى بعضها رؤية طموحة لتوطين التكنولوجيا العسكرية لتسهم في تنمية وتطوير اقتصاداتها، ولتحقيق تفوق في التوازن العسكري يضمن أمن المنطقة وسلامتها، ويمثل رادعاً قوياً لأي مُعتدٍ يفكر في تهديد أمنها واستقرارها.
ولعلّ السعودية والإمارات هما الدولتان الأبرز خليجياً اللتين أعلنتا أهدافهما الاستراتيجية المستقبلية في توطين الصناعات العسكرية.
تتبع أبوظبي برنامجاً يهدف إلى تنمية الصناعات الدفاعية المحلية من 10% إلى 30% في عام 2030، وهي تمتلك بالفعل صناعة دفاعية متطورة واقتصاداً متنوعاً، وترتكز تلك الصناعة على تطوير حلول جيدة يمكن أن تتقنها القوات المسلحة الإماراتية وتجتذب الأسواق الخارجية التي تُعنَى بالسلع المتخصصة مثل السفن البحرية والطائرات المسيَّرة المتقدمة.
الرياض، وفي إطار رؤية المملكة 2030، تهدف لتوطين الصناعات العسكرية ضمن هدف استراتيجي للوصول إلى تصنيع بنسبة 50% من المعدات العسكرية بحلول عام 2030، وتتيح الرؤية الانفتاح على العالم الخارجي بالدخول في شراكات مع مؤسسات عالمية لتنفيذ الصناعات العسكرية محلياً.
لكل صناعة تحدياتها، لذا فإن أهم التحديات التي تواجهها الصناعة العسكرية في دول الخليج العربي هو توطين التقنية، ونقص الإمكانات والخبرات الفنية اللازمة، ولحل هذه الإشكالية هناك متطلبات يتعين على صناع القرار في دول الخليج العربي أخذها بعين الاعتبار:
أولاً: تحفيز التعاون الصناعي العسكري بين دول الخليج بتطوير قاعدة مشتركة للصيانة والإصلاح والخدمات المتكاملة والبنية التحتية للإنتاج، والعمل على توفير بنية تحتية قادرة على استيعاب تقنية التسليح، وإعداد تشريعات لضبط إجراءات الحيازة والتداول بما يحمي الأمن القومي الخليجي، مما يخلق بيئة جاذبة وآمنة للاستثمار من قبل الشركات الكبرى.
ثانياً: ضرورة إقامة مراكز الأبحاث والتطوير وتبادل الخبرات مع الدول الرائدة في الصناعات العسكرية.
ثالثاً: أن يكون للتصنيع العسكري هدف استراتيجي وتكتيكي أكثر وضوحاً ودقة، فالعالم يتجه للتقنية الفائقة، ولذلك يجب اتباع نهج متنوع لنقل التقنية وتطوير قدرات البحث والتطوير المحلية، وإنشاء روابط أكثر ديناميكية بين صناعات الدفاع والمؤسسات العلمية مثل الجامعات والمعاهد والمجمعات العلمية ومراكز البحوث.
سينجح الخليجيون في تحقيق أهدافهم الدفاعية والأمنية إذا تعاملوا بقدر من العقلانية والتعاون البناء، ويمكن أن يساهم التصنيع العسكري في تنويع اقتصاداتهم وتعزيز نموها، والأهم أنه بالتأكيد سيحَسِّن من قدراتهم الدفاعية والأمنية الذاتية ليعتمدوا على أنفسهم في توفير الأمن في الخليج العربي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة