تحسن الإنتاج والتحديات الاقتصادية يدفعان الطلب العالمي على القمح للتراجع
تتجه واردات القمح عالميا للتراجع هذا العام مع تباطؤ النمو الاقتصادي لدى كبار المشترين وارتفاع إنتاج الحبوب محليا وصعود الدولار، ما يضع ضغوطا على الأسعار رغم أن المخزونات العالمية تتجه إلى أدنى مستوياتها في تسع سنوات.
وقد يحد تباطؤ عمليات الشراء من كبار المستوردين من صعود الأسعار من خلال تبديد تأثير المخاوف من أن الطقس غير الموات في منطقة البحر الأسود، أكبر منطقة مصدرة للقمح في العالم، والهند والولايات المتحدة قد يقلل الإنتاج، بحسب تحليل لرويترز.
في الوقت نفسه، من شأن انخفاض الواردات الصينية أن يؤثر على المزارعين الأستراليين الذين انتهوا في الآونة الأخيرة من حصاد كمية غير مسبوقة تقريبا وأصبحوا يعتمدون على الطلب الصيني في السنوات القليلة الماضية.
قالت مطاحن وتجار ومحللون إن من المتوقع أن تشتري الصين، وهي أكبر مستورد للقمح، في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري أقل من نصف الكميات التي اشترتها خلال العام الماضي، في حين من المرجح أن يتباطأ نمو الطلب في إندونيسيا، ثاني أكبر مشتر للقمح في العالم، ومصر ثالث أكبر مشتر.
وقال تجار ومحللون إن ارتفاع إنتاج القمح في الصين وانتعاش إنتاج الأرز في إندونيسيا من شأنه أن يحد من واردات كلا البلدين، في حين أن زيادة المحصول في العراق سيجعل أحد أكبر المشترين في الشرق الأوسط أقل اعتمادا على الواردات.
- هبوط حاد في أسعار السكر والزيوت يقود تراجع مؤشر «الفاو» للغذاء
- سعر القمح يقفز لأعلى مستوى في 3 أشهر مع نشوب حروب التجارة
زيادة الإنتاج
قال دينيس فوزنيسكي، المحلل في كومونولث بنك في سيدني "من العوامل الهيكلية في السوق والتي قد تضعف الطلب في الأمد البعيد زيادة الإنتاج في أسواق الاستيراد الرئيسية، ومنها الصين".
من المتوقع أن يرتفع إنتاج القمح في الصين خلال العام المنتهي في يونيو/حزيران 2025 بنسبة 2.6% على أساس سنوي، وفقا لتقديرات وزارة الزراعة الأمريكية في 22 يناير/كانون الثاني.
ونقلت وزارة الزراعة الأمريكية أيضا، عن بيانات مركز معلومات الحبوب والزيوت الوطني الصيني، أن الواردات خلال الفترة ذاتها قد تنخفض 37% على أساس سنوي إلى 8 ملايين طن.
وقال فوزنيسكي "البيئة الجيوسياسية المتقلبة حاليا، بما في ذلك المواجهات العسكرية والحروب التجارية، تدفع الدول المستوردة إلى زيادة الإنتاج المحلي لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية".
ومن المتوقع أن يأتي انخفاض الواردات وسط تراجع المخزونات العالمية، إذ تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوى لها في 9 سنوات بحلول نهاية يونيو/حزيران.
تباطؤ النمو
وقد ينخفض استهلاك القمح لدى المشترين الرئيسيين بسبب تراجع معدلات النمو، إذ من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي في الصين ويدخل الاقتصاد الإندونيسي في حالة ركود خلال العام الجاري، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي لمصر في العام المالي 2023-2024 بأقل من العام السابق.
ارتفعت تكاليف استيراد القمح أو ظلت ثابتة رغم تراجع الأسعار العالمية إلى أدنى مستوى لها في 4 سنوات في 2024، بسبب انخفاض العديد من عملات الأسواق الناشئة أمام الدولار.
وتراجع اليوان بسبب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، ووصل الجنيه المصري والروبية الإندونيسية إلى أدنى مستوياتهما على الإطلاق مقابل الدولار.
تأجيل صيني
أرجأت الصين مؤخرا واردات تصل إلى 600 ألف طن ويتوقع التجار انخفاض المشتريات في الأشهر المقبلة.
ولدى دارين فريدريشس، الشريك المؤسس بشركة سيتونيا ومقرها شنغهاي، نظرة سلبية تجاه الطلب الصيني على القمح خلال الأشهر الستة المقبلة.
وقال "حظي محصول 2024 الصيني بطقس مثالي تقريبا، وتجاوز الإنتاج معدلات قياسية، وبجودة جيدة جدا. لا توجد حاجة كبيرة للواردات".
من جانبه، قال رود بيكر، المحلل في أستراليان كورب فوركاسترز، إن المستوردين الصينيين حجزوا نحو مليون طن للتسليم في مارس/آذار، وهو "أقل من السنوات القليلة الماضية عندما وصلت المبيعات إلى المثلين أو ثلاثة أمثال في الفترة ذاتها".
ويخفض المستوردون الآسيويون المنافسون أيضا مشترياتهم.
تحسن إنتاج الأرز
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج الأرز الإندونيسي خلال العام الجاري بعد أن تسببت تداعيات ظاهرة النينيو المناخية في خفض محصول العام الماضي، إذ تتوقع الحكومة أن يزيد الإنتاج إلى 32.8 مليون طن، من 30.62 مليون طن في 2024.
يساعد ذلك مصنعي الأغذية على العودة إلى دقيق الأرز المنتج محليا بدلا من القمح المستورد.
وقال مسؤول تنفيذي كبير في جمعية منتجي دقيق القمح الإندونيسيين طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام إن تراجع الروبية يحد أيضا من مشتريات القمح.
أضاف "انخفضت القوى الشرائية بسبب قوة الدولار".
ومن المرجح أن تنخفض مشتريات القمح المصرية هذا العام، واشترى جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، وهو مشتري حكومي للحبوب، نحو 1.267 مليون طن في نهاية ديسمبر/كانون الأول، وهو ما يكفي احتياجات البلاد حتى يونيو/حزيران كما قال الجهاز في ذلك الوقت.
مع ذلك، اشترى جهاز مستقبل مصر ما يقرب من 250 ألف طن إضافية في يناير/كانون الثاني، وكانت الهيئة العامة للسلع التموينية، المشتري الحكومي السابق في مصر، تشتري عادة من 4 إلى 5 ملايين طن سنويا.
استوردت الحكومة المصرية والقطاع الخاص نحو 14.7 مليون طن من القمح في 2024، وفقا لبيانات تجارية اطلعت عليها رويترز.
وقال العراق، وهو من المشترين الرئيسيين في الشرق الأوسط، في أكتوبر/تشرين الأول إنه سيوقف استيراد القمح لبرنامج الدعم بسبب فائض المحصول البالغ 1.5 مليون طن.
aXA6IDMuMjIuNzkuMjEyIA==
جزيرة ام اند امز