مطالب بـ"قصقصة" أجنحتها.. جرائم مليشيات ليبيا لا تسقط بالتقادم
أيام صعبة عاشها الغرب الليبي مع عودة الاشتباكات بشكل متقطع بين المليشيات، ما أثر على الأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد.
ومع تزايد سطوة المليشيات وعودة الاشتباكات، تزداد معاناة الشعب الليبي، الذي يرى حلم الانتخابات بعيدا مع استمرار أسباب ما عرف بالقوة القاهرة التي أدت لتأجيل الاستحقاق عن موعده السابق 24 ديسمبر 2021.
جمال المبروك رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية في ليبيا (IOCEA)، أكد لـ"العين الإخبارية" أن الملف الليبي أصبح "شديد التعقيد ولا تزال عدة تساؤلات مشروعة حوله"، خاصة البوصلة التي يتجه إليها الملف.
المبروك أوضح أن خارطة التحالفات الأخيرة هي تحالفات مؤقتة لأن قواعد اللعبة لم تتغير، ولا تزال الحالة الليبية تتأرجح بين الفوضى.
الشعب والتغيير
رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية في ليبيا شدد على أن العامل الحقيقي والقوي القادر على تغيير المعادلة هو الشعب الليبي وهو وحده القادر على التغيير حال تحرك وانتفض انتفاضة قوية وسريعة.
ولفت إلى أهمية أن يخلع كل الفرق والجماعات والقوى الآتية من خارج الوطن بالأساس، ويفرض الشعب إرادته ويتجه إلى الانتخابات.
وأشار إلى أن ذلك يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي والذي لا يزال تدخله للأسف سلبي ويربك المشهد وفي كل مرة يحدث أي تقارب يحدث تدخل دولي يفشله، وما ينتج عنه استمرار حالة الفوضى، والتي تفضلها كثير من الدول الفاعلة لتحقيق مصالحها، المتضاربة ما يجعل الدور الدولي مرتبك وغير موحد.
ونوه إلى أن الشعب الليبي غاضب حقيقة مما يحدث ولكنه يلجأ إلى السكون الذي يفسره البعض بالرضا الظاهري؛ بسبب وجود عدة عوامل تمنعه من التحرك وتخيفه وأبرزها الجماعات المسلحة خاصة المؤدلجة أيديولوجيات متطرفة.
المليشيات وجرائمها
جمال المبروك قال إن المليشيات لن تتوانى - في حال أراد الشعب الليبي إحداث أي تغيير - في التصدي له بأقصى أنواع الأسلحة وأشدها فتكا، وهذا حدث كثيرا في السابق، حين خرجوا للتعبير السلمي وفق إجراءات قانونية صحيحة، إلا أنه تم إطلاق النار والقبض على كثير من النشطاء.
وإلى جانب وجود المرتزقة، أوضح المبروك أنه ما لم يتم الانتقال السلمي الديمقراطي فسيخرج الشارع الليبي رغم كل التحديات، وهنا قد يحدث ما لا يحمد عقباه.
ونبه إلى أن كل الأطراف السياسية تنادي ظاهريا بالانتخابات في حين أن جميعهم في الحقيقة رافض لها لأنها في تقديرهم التي ستقصيهم جميعا، قائلا: "ولذلك كانت المليشيات المدعومة من أطراف داخلية وخارجية أحد أطراف ما عرف بالقوى القاهرة التي أفشلت إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021".
وأضاف أن المليشيات ذات التوجه المتطرف ترفض إجراء الانتخابات، بأوامر من بعض الدول، ولذلك هناك إبطاء في ملف حل المليشيات التي تحصل على دعم متنوع لتحقيق مصالحها من الفوضى وعدم الاستقرار
فوضى السلاح
وحول الدعم الذي تتلقاه المليشيات، أكد المبروك أنه يجرى خرق القرارات الدولية بحظر التسليح المفروض على ليبيا، موضحا أن السلاح يتدفق عبر الحدود حتى هذه اللحظة، لتستلمه جماعات خارجة عن القانون "المليشيات".
ورأى أن هناك نقصا في المعلومات الرسمية والعلمية الدقيقة في ليبيا إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى أنه من 25 إلى 30 مليون قطعة سلاح يتم تداولها في البلاد.
ولعل ما يثير القلق هو تداول 30 مليون قطعة سلاح في بلد عدد مواطنيه 7 ملايين نسمة فقط، وفق آخر إحصائيات أعلنها النائب العام الليبي في مؤتمر صحفي العام الماضي.
وأضاف أن حركة السلاح في ليبيا تتجه دخولا وخروجا، مع رواج تجارته لبعض الجماعات في دول الجوار خاصة الجنوب الغربي –النيجر وتشاد- ومنها إلى أقصى دول القارة الأفريقية.
وأشار إلى أن كثيرا من قادة المليشيات مطلوبون للقضاء الجنائي أو الدولي وموضوعون على قوائم العقوبات الأممية، ومع ذلك يتحركون بأريحية ويشغلون مناصب قيادية بما فيها المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وبسؤاله عن خضوع المعاقبين دوليا والمتهمين للقضاء، أجاب: "من يحاكم من؟.. كثير من قيادات الأمن التي يفترض أن تقبض عليهم هم أنفسهم مطلوبون في قضايا للنائب العام أو مرتكبي الجرائم الجنائية أو العقوبات الدولية مع انتشار ظاهرة الإفلات من العقوبات".
واستبعد أن تتم محاكمة مرتكبي الجرائم من قادة المليشيات ما لم تستقر الأوضاع وتتشكل سلطة موحدة، إلا في حالة انتقائية بهدف تصفية بعض الخصوم ويكون ذلك بتعاون دولي ولسياسات دولية وتكون الإجراءات مسيسة من القبض والإحضار إلى إحالتهم للقضاء.
وأشار إلى أن الجرائم التي ترتكبها المليشيات بعضها محلي، مثل الخطف والاحتجاز القسري والابتزاز المالي، سواء ضد المواطنين أو المهاجرين أو الصحفيين أو الحقوقيين أو غيرهم وبعضها جرائم دولية، مثل التهريب والاتجار بالبشر، والتي تديرها شبكات متعددة الجنسيات، وتهريب الوقود إلى بعض دول الجوار الغربي والجنوبي.
الإفلات من العقاب
جمال المبروك رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية في ليبيا دلل على انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب بأنه خلال 12 يوما من العام الجديد ارتكبت المليشيات 5 جرائم في العاصمة طرابلس وحدها، بينها 4 جرائم قتل وسجلت في النهاية ضد مجهول.
إلى جانب جريمة الاعتداء المسلح على منزل إحدى عضوات مجلس النواب من قبل مليشيات مجهولة الهوية قامت بحرق بيتها وقصفه بالقذائف، وأيضا في مدينة الزاوية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وحده تم تسجيل 24 جريمة قتل.
وشدد على أن هذه القضايا لا تسقط لا بالتقادم ولا التنازل باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، وحتى في حال الذهاب إلى المصالحة فهو شأن اجتماعي ويكون بتنازل الأفراد أو المكونات أما من الناحية القانونية فالمسؤولية الجنائية لا تزال قائمة.
ومضى في حديثه بالتأكيد على أن النائب العام ومكتبه يبذلان جهودا متواصلة وكبيرة خاصة في مكافحة الفساد المالي والإداري، ويتعاونان مع الناشطين والمؤسسات الحقوقية التي تقوم بالرصد والتوثيق والتواصل مع النيابة العامة.
وأوضح أنه يتم تطوير أداء العمل وآخر ذلك إنشاء مركز البحوث الجنائية والتدريب التابع للنائب العام لتطوير العمل النيابي وتطبيق التخصص وتوفير قاعدة بيانات حول الجرائم وأنواعها ومرتكبيها وغيرها من الأسباب.
المصالحة الوطنية
وحول مسار المصالحة الوطنية، يرى المبروك أنه مسار طويل ويحتاج إلى دعم من كل الأطراف وعدة خطوات مهمة، وعلى رأسها عقلنة الدول المتداخلة في الملف الليبي، لإيجاد حلول سليمة للملف الليبي وتركهم لحل مشاكلهم بأنفسهم وطريقتهم.
وأضاف أنه بعد أن تم إسقاط الدولة هناك محاولات لإفلاس ليبيا باستمرار الصراعات وتجميد الأرصدة في الخارج ولاستيلاء على فوائدها وغيرها لهدف التحكم في القرار الداخلي.
ولفت إلى أهمية قصقصة أجنحة المليشيات وإبعادها عن مراكز اتخاذ القرار ومنعهم بقوة القانون من ارتكاب هذه الجرائم إلى حين الذهاب إلى سبيل حل هذه المليشيات ونزع سلاحها.
واختتم بالتأكيد أن المنظمة تجري دراسة بحثية وميدانية جيوسياسية عن القبيلة والمواطنة ودورهما في الاستقرار السياسي يقوم على تساؤل رئيسي من يحتوي من؟ هل القبيلة تحتوي الدولة أم الدولة تحتوي القبيلة؟ وتجهز مشروعا لتقديمه للجهات الرسمية لدعم مشروع المصالحة.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA=
جزيرة ام اند امز