بشائر 2023.. اجتماعات القاهرة تعبد طريق الحل في ليبيا
بشائر انفراجة يحملها 2023 للأزمة الليبية ترسمها خطوات ملموسة شكلت فيها الجارة مصر مفتاح آمال تحقيق حلم استقرار طال انتظاره.
فبعد عام كامل من مراوحة الأزمة مكانها، يطل الشهر الأول من العام الجديد 2023، محملا خطوات مبشرة في طريق حل أزمة صراع بين حكومة عينها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وأخرى انتهت ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
ويرفض الدبيبة تسليم السلطة رغم انتهاء مدته القانونية وقرار إعفائه من مجلس البرلمان الليبي، ما دفع بالأمم المتحدة إلى البحث عن مخرج تمثل في مبادرة تشكلت بموجبها لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود نحو انتخابات تجدد شرعية جميع الأجسام فيها.
وبعد عام من المحاولات، تعثرت جهود اللجنة في إخراج الوثيقة الدستورية للنور، لينتهي العام 2022 دون انتخابات وفي ظل استمرار الجمود نفسه.
اجتماعات القاهرة
لكن، وقبل أيام، التقى رئيسا مجلسي النواب المستشار عقيلة صالح، والدولة خالد المشري، في العاصمة المصرية القاهرة، واتفقا على "قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة الوثيقة الدستورية المؤدية للانتخابات التي ستحل الأزمة للمجلسين لإقرارها طبقا لنظام كل مجلس".
كما توافقا، وفق بيان مشترك، على "وضع خارطة طريق واضحة ومحددة تعلن لاحقا لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية سواء التي تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات".
ولاقى الاتفاق الذي شكل انفراجة في ملف حل الأزمة الليبية ترحيبا من المبعوث الأممي والولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية ومصر.
وفي ذات الإطار أيضا، التقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، أمس الإثنين، القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر في اجتماع استضافته مصر أيضا.
لقاء القاهرة بين فاعلين ليبيين جرى وفق مصادر تحدثت لـ"العين الإخبارية"، بمبادرة مصرية، فيما ناقش الرجلان جهود التهدئة بين الأطراف الليبية وإيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات بالعام الجاري.
المصادر ذاتها أكدت أن اللقاء بحث إشراك جميع الأطراف في العملية السياسية إضافة لحل أزمة التوزيع العادل لإيراد النفط الذي يمثل 90 في المئة من دخل البلاد.
كما ناقش أيضا "توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وآليات إنجاح المصالحة الوطنية الذي يعكف المجلس الرئاسي على إطلاقها".
بشائر يناير
تعليقا على التطورات، يرى المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني أن "يناير يعد شهر الانفراجة للأزمة الليبية، إذ إن الحدثين اللذين وقعا فيه من اتفاق المستشار عقيلة صالح وخالد المشري واجتماع رئيس المجلس الرئاسي مع المشير حفتر أمور تعد مبشرة".
ويقول الفزاني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الفضل في ذلك يعود للجارة مصر التي تمارس ثقلها وقبولها لدى الأطراف الليبية بشكل إيجابي".
وأوضح أن دافعها في ذلك "هو إدراكها أن أمن ليبيا يعود بشكل إيجابي على أمنها القومي الداخلي، فالدولتان جارتان وتربطهما علاقات تاريخية ومصاهرة وقبائل مشتركة أيضا هم ليبيون ومصريون في الوقت ذاته".
كما أنه في ليبيا، وفق الفزاني "يوجد أكثر من 2 مليون مصري يعملون في ليبيا وبالتالي فإن القاهرة حريصة على أمنهم، وذلك لن يتحقق إلا باستقرار الأمور في ليبيا".
وفي حين لم يعول الفزاني كثيرا على الاجتماع الأول بين صالح والمشري، إلا أنه أكد أن "الاجتماع الثاني بين المنفي والمشير حفتر هو الأقرب لحل الأمور المتأزمة".
وعن سبب ذلك، يقول المحلل السياسي إن "مجلس النواب ممثلا في عقيلة صالح قادر على الإيفاء بكل اتفاقاته مع الطرف الآخر فيما يخص مناطق ومدن شرق ليبيا التي يحكمها بشكل فعلي، في حين أن مجلس الدولة ممثلا في خالد المشري غير قادر على ذلك".
ولفت إلى أن "المشري لا يملك شيئا حتى داخل مجلس الدولة نفسه، فكيف سيتمكن من تنفيذ الاتفاقات داخل حدود المنطقة الغربية؟".
واستشهد الخبير على قوله بعدة أمثلة منها أن "مجلس الدولة قبل شهر فشل في عقد جلسة رسمية لمناقشة اتفاق سابق لرئيسه خالد المشري في المغرب مع عقيلة صالح، وذلك بسبب مليشيات مسلحة منعت أعضاء المجلس من دخول قاعة الاجتماعات".
عقبات
وبحسب الفزاني، فإن ما سبق يدل على أن "المشري ومجلسه لا يحكمون غرب ليبيا ولا يمثلونها فهناك أجسام أقوى منهم وهي المليشيات التي لن تخضع لأي حل يتفق عليه المشري مع الطرف الآخر إن كان في غير صالحها وحل المليشيات وإعادة دمجها إحدى تلك النقاط التي لن يستطيع المشري الإيفاء بها في حال اتفق وتعهد بذلك".
وقدم الفزاني دليلا آخر على عدم قدرة مجلس الدولة على تنفيذ مخرجات أي اتفاق قائلا: "كان من المقرر نحو شهر أيضا عقد لقاء بين المشري وصالح في مدينة الزنتان غرب ليبيا، إلا أن ذلك لم يحصل بعد أن رفض عميد بلدية المدينة ذلك".
ويتابع: "شرق ليبيا فيها جسم واحد يمثل المنطقة، وهو مجلس النواب المدعوم بقوة من الجيش الليبي، أما غرب ليبيا فهناك أجسام أخرى غير مجلس الدولة ومنها إلى جانب المليشيات متعددة التوجهات، أيضا حكومة الدبيبة التي تعارض أي اتفاق لمجلس الدولة مع الطرف الآخر وسبق للأخير إعلان ذلك أكثر من مرة".
أما عن استبشاره باجتماع المنفي والمشير حفتر، فيقول الفزاني إن "المجلس الرئاسي لا يعد طرفا في الأزمة الليبية ويحظى بدعم دولي كبير، ولذلك فهو قادر على حل الأزمة".
aXA6IDE4LjIxNy4yMDcuMTEyIA==
جزيرة ام اند امز