مرضى الأورام.. ضحية جديدة للانقسام السياسي في ليبيا
تستمر معاناة الليبيين جراء الانقسام السياسي الذي يضرب البلاد، والذي انعكس على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية حتى طال مؤخرا مرضى الأورام.
وتلك المرة ضرب الانقسام السياسي فئة هي الأضعف، وهي مرضى السرطان الذين يتلقون علاجهم بالخارج، رغم صرف الحكومة منتهية الولاية أكثر من 128 مليار دينار ليبي خلال العام الماضي وفقا لترتيباتها المالية رغم عدم الموافقة على ميزانيتها وسحب الثقة منها.
مديونيات ضخمة
وشركة الأريج الوكيل الحصري المتعاقد معها من قبل وزارة الصحة منذ سنوات لعلاج المرضى الليبيين في تونس، أخبرت عملاءها بتعذر استقبال مرضى جدد، وكذلك إخراج المرضى الحاليين من المصحات، قبل نهاية الأسبوع الجديد، بسبب تراكم الديون وعدم قيام السفارة بتسديد الديون والتي تفوق المئة مليون دينار تونسي عن سنتي 2021 وسنة 2022.
وأشارت الشركة إلى أن "المصحات التونسية وقفت وصبرت مع المرضى الليبيين لهذين العامين، دون تسديد المديونيات، ما اضطرها للاقتراض من البنوك ومع عدم قدرتها على سداد ديون الشركات المزودة للأدوية والمعدات الطبية والأطباء والأطقم الطبية المساعدة وتكاليف التشغيل".
ونوهت إلى أن عدم تلقي المرضى للجرعات سواء الكيماوي أو الليزر أو النووي في موعدها يضاعف من مشاكلهم الصحية ويؤخر تعافيهم.
وأثار الإعلان غضب الليبيين من الحكومة منتهية الولاية التي صرفت نحو 128 ملياراً خلال عام ولم تسدد مديونيتها للمستشفيات، ما أدى لتهديد المرضى بإخراجهم منها، خاصة أنه سبق ومر المرضى بمثل هذا الظرف والذي أسفر عن وفاة 5 أطفال من مرضى السرطان، نتيجة تأخر الإجراءات المتعلقة بنقلهم إلى الخارج لتلقي العلاج في الوقت المناسب.
وعود السداد
وسبق وأعلنت الشركة ذاتها وقف خدماتها الطبية للمرضى الليبيين بسبب هذه الديون المتراكمة، 30 أغسطس/آب الماضي، والتي تخطت 100 مليون دينار تونسي لنحو 4600 حالة.
واضطر المرضى الليبيون ومرافقوهم في تونس لتنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية حينها أمام القنصلية الليبية بعد إيقاف العلاج الخاص بهم، مطالبين الحكومة بالتدخل لوضع حلول عاجلة لمعاناتهم.
ووعد رئيس الحكومة منتهية الولاية الحكومة عبدالحميد الدبيبة بسداد المديونيات، كما أجرى زيارة لتونس نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وأكد البدء في تسييل المبالغ اللازمة للسداد، إلا أن الشركة أعلنت مؤخرا أنه لم يتم سداد الديون حتى الآن.
العلاج بالخارج
ومع تردي الأوضاع الصحية والطبية في ليبيا وانتشار أمراض مزمنة وخطيرة نتيجة الحروب المتلاحقة في البلاد، يضطر آلاف الليبيين لتلقي العلاج في الخارج.
ومع الأوضاع السياسية في الداخل الليبي تأخرت الدولة الليبية في سداد مديونياتها لدى عدد من الدول التي يتلقى مرضاهم فيها، واضطرار المرضى للتظاهر كما حدث في الأردن وتونس وتركيا في أوقات سابقة.
وكان رئيس الحكومة منتهية الولاية أعلن أن من أولى أولويات حكومته توطين العلاج بالداخل، وأعلنت حكومته مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي أنها ستطلق مشروعاً لإصلاح وتطوير النظام الصحي في ليبيا بهدف إتاحة الخدمة لما يقارب 90% من الحالات التي تعاني أمراضا يتطلب علاجها تكاليف عالية، وخفض نفقات العلاج بالخارج بمقدار 30% خلال عام واحد من بدء محفظة الإصلاح.
يأتي ذلك في حين كشف مصرف ليبيا المركزي، في بيانه، أن إجمالي ما تم صرفه خلال عام 2022 لوزارة الصحة تخطى 4 مليارات و679 مليون دينار ليبي، من بينها 113 مليوناً للسفارات للعلاج بالخارج و60 مليون دينار ليبي لمركز طب الطوارئ والدعم والعلاج بالخارج.
كما وصل الأمر إلى ديوان المحاسبة أعلى سلطة رقابية في البلاد، والذي أكد في خطاب من رئيسه أبريل/آذار الماضي أن الديوان لاحظ سوء إدارة أدى إلى تفاقم معاناة المرضى، وحرمانهم من الحصول على الخدمات العلاجية المطلوبة لأسباب عدة.