COP30 تحت سيطرة 300 جماعة ضغط زراعية.. والغابات والمناخ يدفعان الثمن
في قلب غابات الأمازون التي تستضيف COP30، تكشف تقارير استقصائية عن نفوذ متزايد للوبيات الزراعة الصناعية داخل المفاوضات المناخية، وسط مخاوف من تأثيرها على سياسات حماية الغابات ومواجهة أزمة المناخ العالمية.
وتأتي هذه المشاركة الواسعة من جماعات الضغط الزراعية في وقت تتعالى فيه تحذيرات العلماء والشعوب الأصلية، بينما يثير انتشار ممثلي الشركات الكبرى جدلًا واسعًا حول عدالة المفاوضات وحدود تأثير المصالح الاقتصادية.
أظهر تحقيق جديد أن أكثر من 300 من جماعات الضغط الزراعية الصناعية شاركوا هذا العام في محادثات الأمم المتحدة للمناخ، المنعقدة في منطقة الأمازون البرازيلية، رغم أن هذا القطاع يُعدّ أحد الأسباب الرئيسية وراء إزالة الغابات.
ويشير التحقيق المشترك الذي أجرته منظمتا DeSmog وصحيفة The Guardian إلى أن عدد جماعات الضغط الممثلة لمصالح تربية الماشية الصناعية، والحبوب السلعية، والمبيدات الحشرية، ارتفع بنسبة 14% مقارنة بقمة العام الماضي في باكو. ويفوق هذا العدد وفد دولة كندا، عاشر أكبر اقتصاد عالمي، التي أرسلت 220 مندوبًا فقط إلى مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم.
ويشارك واحد من كل أربعة من جماعات الضغط الزراعية الكبرى — 77 جهة — في مؤتمر الأطراف الثلاثين ضمن وفد رسمي تابع لإحدى الدول، بينما تتمتع مجموعة صغيرة منها، تتألف من ست جهات فقط، بامتياز الوصول المباشر إلى مفاوضات الأمم المتحدة، حيث يناقش الدبلوماسيون سياسات يُفترض أن تكون طموحة للحد من كارثة المناخ.
وتُعدّ الزراعة مسؤولةً عن ربع إلى ثلث الانبعاثات العالمية، فيما يؤكد العلماء أن تحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2015 سيكون مستحيلًا دون تغيير جذري في أنماط إنتاج الغذاء واستهلاكه. كما تُعدّ تربية الماشية العامل الأول في إزالة الغابات بالأمازون، تليها زراعة فول الصويا الصناعي المستخدم في الغالب كعلف للحيوانات. ويحذر الخبراء من أن ما يصل إلى نصف غابات الأمازون المطيرة مهدد بالوصول إلى نقطة تحول بحلول عام 2050، نتيجة نقص المياه، وتجريف الأراضي، والتغير المناخي.
ويشغل أكثر من 300 ممثل عن قطاع الأعمال الزراعية مساحة كبيرة في مؤتمر الأطراف الثلاثين، وهي مساحة تقول الشعوب الأصلية إنها كان يجب أن تكون مخصصة لسكان الغابات أنفسهم. وقالت فاندريا بوراري، من جمعية بوراري كوكسيماوارا للسكان الأصليين في إقليم ألتر دو تشاو: "بينما يتحدثون هنا عن التحول في مجال الطاقة، فهم يفرغون النفط في حوض الأمازون ويخصخصون أنهارنا مثل نهر تاباجوس لإنتاج فول الصويا. بالنسبة لنا، هذا ليس تنميةً، بل عنف."
وتأتي هذه النتائج في وقت يتزايد فيه الإحباط من الوصول غير المقيد الذي تحصل عليه الشركات التي تستفيد من استمرار الاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري وتدمير الغابات والمناطق البيئية الحيوية التي تُعدّ أساسية للتخفيف من آثار أزمة المناخ.
وقد احتفى قطاع الأغذية الصناعية مرارًا بغياب الإجراءات الملزمة في قمم المناخ الأخيرة، إذ لم تُحدّد أي أهداف صريحة لخفض الانبعاثات أو تقليص استخدام الوقود الأحفوري أو خفض استهلاك اللحوم.
وتشير دراسة صادرة عام 2020 إلى أنه حتى في حال القضاء فورًا على الوقود الأحفوري، سيظل النظام الغذائي العالمي، في حال استمراره بصورته الحالية، قادرًا وحده على جعل هدف الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية — بل وحتى هدف 2 درجة — شبه مستحيل.
وقد أرسلت شركات اللحوم والألبان أكبر عدد من المفاوضين، إذ مثّلت 72 من إجمالي 302 مندوب في القطاع، وهو ما يقارب ضعف عدد المفاوضين الذين أرسلتهم جامايكا، الدولة الجزرية الكاريبية التي ضربها إعصار ميليسا الشهر الماضي — وهو إعصار تقول الدراسات إنه اشتد بفعل الاحتباس الحراري الناجم عن الأنشطة البشرية. كما أرسلت الهند، التي يبلغ عدد سكانها 1.45 مليار نسمة وتواجه تحديات مناخية كبيرة، وفدًا من 87 مفاوضًا.
ووفقًا لتحليل حديث أجرته منظمة أصدقاء الأرض في الولايات المتحدة، تنفرد شركة JBS — أكبر شركة لحوم في العالم — بنسبة 24% من الانبعاثات داخل هذا القطاع، وقد أرسلت وحدها ثمانية ممثلين إلى مؤتمر الأطراف الثلاثين، بينهم رئيسها التنفيذي جيلبرتو تومازوني.
كما يمثّل قطاع الكيماويات الزراعية — المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية — 60 مندوبًا، بينما شارك 38 ممثلًا عن قطاع الوقود الحيوي، بزيادة بلغت 138% مقارنة بالعام الماضي. وقد أرسلت شركة باير العملاقة للمبيدات 19 ممثلًا، وهو العدد الأكبر ضمن مجموعات الضغط الزراعية، فيما أرسلت نستله تسعة ممثلين.
وتُشتق معظم الأسمدة الصناعية من الوقود الأحفوري، وتُطلق غاز أكسيد النيتروز، وهو غاز دفيئة أقوى بـ300 مرة من ثاني أكسيد الكربون. وتُعدّ الزراعة المصدر الأكبر لهذا الغاز عالميًا.
وقالت ليدي ناكبيل، من حركة الشعوب الآسيوية للديون والتنمية: "تُبيّن هذه النتائج أن الزراعة الصناعية استغلت اتفاقية المناخ إلى أقصى حد. ولن تُحقق اتفاقية باريس أي تقدم حقيقي طالما يستمر سماح الحكومات لجماعات الضغط الصناعية بفرض نفوذها على المفاوضين."
ورغم أن موضوع الغذاء ليس محورًا رسميًا لمفاوضات هذا العام، فمن المتوقع أن يستفيد القطاع من العديد من الملفات المطروحة، أبرزها القرارات المتعلقة بالوقود الحيوي، الذي يُشتق الكثير منه من محاصيل مثل الذرة وفول الصويا، وهي محاصيل تُسهم بقوة في إزالة الغابات.
وتسعى البرازيل إلى مضاعفة استخدام الوقود الحيوي أربعة أضعاف، رغم أن دراسة حديثة وجدت أن هذا الوقود يُمكن أن يُولّد انبعاثات أعلى بنسبة 16% من الوقود الأحفوري بسبب آثار زراعة المحاصيل الأحادية على الأراضي.
ويُعدّ تمويل المناخ من أبرز ملفات المفاوضات الحالية، إذ تسعى الجهات الأكثر تلوثًا في قطاع الزراعة — التي تحصل أصلًا على دعم حكومي واسع — إلى الفوز بنصيب كبير من هذا التمويل.
وقال راج باتيل، مؤلف كتاب "محشوون وجائعون: المعركة الخفية من أجل نظام الغذاء العالمي"، إن ما يحدث في بيليم هو "مفاوضات رهينة حول مستقبل الكوكب، حيث يجلس بارونات الصويا، وتجار لحوم البقر، وكبار مصنعّي المبيدات على الطاولة كوسطاء نزيهين." وأضاف أن جماعات الضغط الغذائية "تشتري الوصول والشرعية عبر سياسيين مستعدين لقبول شيكاتها فيما يحترق الكوكب".
ويعتمد هذا التحليل على القائمة المؤقتة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، التي تضم 56 ألف مندوب في مؤتمر الأطراف الثلاثين، وتشمل ممثلين عن أكبر شركات اللحوم والألبان، والأسمدة، والمبيدات الحشرية، ومصنعي الأغذية، وتجار السلع، والوقود الحيوي، إلى جانب اتحادات دولية وإقليمية ومجموعات مهنية للمزارعين ذات صلات وثيقة بمصالح القطاع الصناعي.
ويدعم الاتحاد الوطني البرازيلي للزراعة والثروة الحيوانية (CNA) — وهو الذراع السياسي الرئيسي للقطاع الزراعي — العديد من مشاريع القوانين المثيرة للجدل المناهضة للبيئة، بما في ذلك مشروع قانون يقيد ترسيم حدود الأراضي للسكان الأصليين، ومحاولات إلغاء قرار حظر فول الصويا في الأمازون، وهو اتفاق تاريخي هدفه منع بيع فول الصويا المرتبط بإزالة الغابات.
ويمثل معهد اللحوم الأمريكي — الذي يضم 350 شركة لإنتاج اللحوم والدواجن تشكل 95% من السوق الأمريكية — أحد الوفود المشاركة، وقد ضغط طويلًا ضد لوائح شفافية الانبعاثات وضد تحديث الإرشادات الغذائية المتعلقة بخفض استهلاك اللحوم الحمراء.
وفي الولايات المتحدة، أنفقت شركات الأعمال الزراعية ونقاباتها التجارية أكثر من نصف مليار دولار للضغط على الكونغرس بين 2019 و2023 لإقرار تشريعات تخدم مصالحها. ولذلك، ترى كارين بيري ستيلرمان، نائب مدير برنامج الغذاء والبيئة في اتحاد العلماء المعنيين، أن مشاركة الشركات الزراعية الكبرى في مؤتمر COP30 ليست مستغربة على الإطلاق.
ويطالب ناشطون بحظر تمثيل صناعة الوقود الأحفوري أو السماح لها ببث المعلومات المضللة في قمم المناخ، مؤكدين أن تأثير الزراعة الصناعية لا يقل سمّية. ويحذرون من أنه لن يكون ممكنًا بناء أنظمة غذائية مستدامة وعادلة وصحية أو قادرة على الصمود أمام تغير المناخ، طالما أن الشركات الزراعية العملاقة هي التي تضع القواعد.
وقال متحدث باسم باير: "نحن ملتزمون بالشفافية في مشاركتنا في مؤتمر الأطراف، وندعم بقوة الإجراءات الرامية لتجنب أزمة المناخ. فالمسألة تتطلب تضافر الجهود."
وقال متحدث باسم JBS: "تركز الشركة على زيادة إنتاجية المزارع وتعزيز كفاءة النظام الغذائي والحد من فقد وهدر الغذاء."
أما شركتا نستله وCNA ومعهد اللحوم، فلم تستجب لطلبات التعليق، كما لم تردّ رئاسة مؤتمر الأطراف الثلاثين واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على طلبات التعليق.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز