إنييستا وبرشلونة.. رحلة استثنائية تغلفها الدموع
أندريس إنييستا، لاعب برشلونة السابق، قضى 22 عاما في النادي الكتالوني حقق فيها العديد من الألقاب وسيطر مشهد الدموع على بدايتها ونهايتها
22 عاما قضاها لاعب الوسط أندريس إنييستا في فريق برشلونة الإسباني، تدرج فيها من صفوف الناشئين حتى بات أحد أبرز اللاعبين، ليس فقط في الفريق الأول، ولكن في تاريخ النادي الكتالوني بشكل عام، غير أن هذه الرحلة كانت مُحاطة بالدموع.
إنييستا الذي يحتفل بذكرى ميلاده الـ36 بدأ مسيرته في شباب برشلونة وهو في الـ12 من عمره، قبل أن يظهر مع الفريق الأول في موسم 2002-2003، غير أن الظهور الأخير له كان في 20 مايو/آيار 2018، قبل الانتقال إلى فيسيل كوبي الياباني.
طفولة رغدة
وُلد إنييستا لعائلة ميسورة في قرية فيونتبيلا الواقعة في بلدية ألباسيتي الإسبانية، حيث كان والده جوزيه أنطونيو إنييستا يعمل كرجل أعمال.
ولأن عائلة إنييستا لم تحرمه من شيء، فكان رد الجميل لها أن يحقق حلم أبويه فيه، ومن ثم بدأ لعب كرة القدم في سن العاشرة في فريق محلي في ألباسيتي، يدعى ألباسيتي ألبومبي.
وبعد عامين، جذب إنييستا أنظار العديد من الأندية الإسبانية بعد مشاركته في بطولة ودية، لكن علاقة والده بمدرب شباب البارسا إنريكي أوريزولا فتحت له أبواب الانتقال إلى كامب نو.
رحلة الدموع الأولى
يروي والد إنييستا في تصريحات نشرتها صحيفة "موندو ديبورتيفو" الكتالونية أن أول رحلة لنجله نحو أكاديمية برشلونة "لا ماسيا" كانت مليئة بالدموع، حيث كان طفلا في الـ12 من عمره.
ويقول الأب: "كانت عملية صعبة وطويلة، كان هو صاحب القرار النهائي فيها، تلقينا عرضاً من برشلونة وكان يتوجب أن يذهب للأكاديمية، كان يجب أن يرحل بمفرده إلى هناك، ولم يكن قد غادر فيونتبيلا من قبل، لم يكن يريد أن يرحل، قالها صراحة لي إنه لا يرى نفسه يرحل عن هذا المكان".
واستدرك: "قلت له إن تلك النوعية من الفرص لا تتاح كثيراً، وإنه سيتلقى الكثير من المعرفة في الأكاديمية، وبعد يومين جاء لي وقال لي إنه سيذهب لبرشلونة".
وشدد والد إنييستا على أن تغيير رأي طفله في أقل من 48 ساعة أشعره بالحيرة: "قلت لنفسي لماذا غير رأيه، ولكن ما صدمني كان رده، إذ أخبرني قائلا "سأذهب لأن هذا هو حلمك"، لقد علمني الكثير وهو في الـ12 من عمره".
ولكن اليوم الأصعب كان يوم الرحيل الفعلي لـ"لاماسيا" والذي يروي عنه إنييستا نفسه: "لقد بكيت أنهاراً في أول يوم لي في لا ماسيا، وعانيت لأني سأعيش بدون أبي وأمي".
المجد في كامب نو
لعب إنييستا لفرق الناشئين، وأثبت نفسه منذ الأيام الأولى، وفي 1999 سلمه بيب جوارديولا، مدربه اللاحق في الفريق الأول ولاعب البارسا وقتها، جائزة أفضل لاعب في بطولة "نايك" الممتازة، بعدما سجل هدف الفوز في المباراة النهائية في الدقيقة الأخيرة.
بداية إنييستا مع الفريق الأول للبارسا جاءت في موسم 2002-2003، حيث لعب 9 مباريات في كل المسابقات، زادت في الموسم التالي لـ11 ثم 37 في 2004-2005.
بدأ إنييستا يثبت نفسه من لاعب صاعد لبديل دائم التواجد في فترة المدرب فرانك ريكارد الذهبية، ما بين عامي 2004 و2006، ثم اقتنص الفرصة في موسم 2005-2006، حين استغل إصابة تشافي هرنانديز ليصبح لاعباً أساسياً في الفريق بداية من موسم 2006-2007.
ما منح إنييستا ميزة إضافية أن بدايته كانت مع الفريق الذي أحرز دوري أبطال أوروبا عام 2006 من جانب، وبدأ هيمنة محلية على "الليجا" من جانب أخر، ثم بات بعدها أحد أفراد جيل بيب جوارديولا الذي توج بلقبين لدوري أبطال أوروبا.
في عهد إنييستا حقق برشلونة لقب الدوري الإسباني 9 مرات، وكأس الملك 6 مرات، والسوبر المحلي في 7 مناسبات.
ولأن هذا الجيل الذي ضم ليونيل ميسي وتشافي وصامويل إيتو ومر عليه زلاتان إبراهيموفيتش وداني ألفيس لم يكن عادياً، فاز برشلونة 4 مرات بدوري أبطال أوروبا، و3 بالسوبر الأوروبي، ومثلها لكأس العالم للأندية.
رحلة الدموع الأخيرة
رغم الألقاب الجماعية والفردية التي حققها إنييستا مع برشلونة، فإن المشهد الأخير له مع الفريق في دوري أبطال أوروبا لم يختلف عن الأول، إذ اعتصرت الدموع اللاعب الكبير، وهو في عامه الـ34، عقب مباراة روما الإيطالي.
وعلى الملعب الأولمبي الذي توج فيه إنييستا بلقب دوري أبطال أوروبا لثاني مرة في تاريخه عام 2009، بكى إنييستا وهو يرى فريقه يفقد تقدمه 4-1 ذهاباً، ليخسر 0-3 إياباً، ليتبدد حلمه بختام مسيرته مع الفريق الكتالوني بالحصول على الكأس ذات الأذنين.
وعن هذا المشهد الحزين تحدث إنييستا لصحيفة "سبورت" الكتالونية: "لم أتوقف عن البكاء منذ ما جرى في روما، حدث ذلك لأننا خرجنا من البطولة، وبكيت أيضاً في أخر لقاء لي مع الفريق في نهائي كأس ملك إسبانيا، بكيت حين رأيت صفين من المشجعين يهتفون باسمي".
إنييستا حقق آخر ألقابه مع برشلونة يوم 21 أبريل/نيسان 2018، عندما قاد الفريق الكتالوني للفوز على إشبيلية بنتيجة 5-0، في المباراة النهائية من بطولة كأس ملك إسبانيا.
واختتم إنييستا قصة الدموع الحزينة بقوله: "بكيت في المؤتمر الصحفي الأخير، وعند وداع النادي لي، وفي منزلي أشاهد فيديوهاتي مع الفريق، أمر مؤثر للغاية حين تدرك أن كل شيء قد انتهى".
المجد مع إسبانيا
رغم أن إنييستا لم يسجل إلا 13 هدفاً دولياً على مدار مسيرته، منهم هدفان فقط في البطولات الكبرى، إلا أن آخرهما كان أهم هدف في تاريخ إسبانيا.
في 11 يوليو/تموز 2010، سجل إنييستا بتصويبة من داخل منطقة الجزاء هدف فوز إسبانيا على هولندا في نهائي كأس العالم في الدقيقة 117، ليكون ذلك الهدف هو مفتاح أكبر إنجاز كروي في تاريخ "الماتادور".
إنييستا لم يكن فقط أحد أبناء الجيل الذهبي لإسبانيا المتوج بثنائية كأس أمم أوروبا في 2008 و2012 بالإضافة لكأس العالم، ولكنه كذلك كتب التاريخ مع فرق الشباب، وكان من اللاعبين الذين زرعوا الحلم والطموح في المنتخب الإسباني.
وتُوج إنييستا في 2001 ببطولة أوروبا تحت 16 سنة، وتبعها في العام التالي 2002 ببطولة أوروبا تحت 19 سنة، وسجل خلالها هدفاً في مرمى التشيك.
aXA6IDEzLjU4LjI4LjE5NiA=
جزيرة ام اند امز