جريمة التضخم في أمريكا.. من هو المشتبه به الرئيسي؟
ينظر للتضخم على أنه العدو الأول للرواتب والمدخرات، فهو لص يسرق كل شيء، ويحرم الأسر من أطعمة وأمور كثيرة تعودوا عليها.
لكن من أطلق العنان لهذا اللص لكي يعبث بأكبر اقتصاد في العالم؟ ما هو مصدر التضخم؟ ومن المسؤول الأول عنه في الولايات المتحدة؟
من هم المشتبه بهم؟
يقول العديد من الاقتصاديين والسياسيين في الولايات المتحدة إن التضخم نتج عن الإنفاق الحكومي وبرامج المساعدة المختلفة.
على الجهة الأخرى، يحمل البعض الحرب في أوكرانيا مسؤولية التضخم، حيث تسبب ارتفاع أسعار النفط في كل هذا الضرر.
لكن أصابع الاتهام لم تخطئ "جشع الشركات" كأحد أبرز المتهمين في تصدير أزمة التضخم، فعلى الرغم من روايات عن أزمات سلاسل التوريد وارتفاع التكاليف، حققت الشركات بعض الأرباح القياسية.
كيف أثر "جشع الشركات" على التضخم؟
التهمة الموجهة للشركات ومسؤوليتها عن التضخم المتزايد في أمريكا يمكن توضيحها من خلال، الأرباح واعترافات الشركات نفسها.
بالنظر إلى أرباح الشركات، سنجد أنها وصلت إلى أعلى مستوى لها هذا العام، وشهدت العديد من الشركات أرباحا بلغت مستويات قياسية.
وهو ما يثير بعض الدهشة، إذا كانت الشركات تكافح أزمة التكاليف وسلاسل التوريد، فمن أين تأتي كل هذه المليارات من الأرباح؟
يبدو أن كل هذه الشركات التي تبكي بشأن ارتفاع التكاليف قد تكون حالة من دموع التماسيح، حتى ترفع أسعار السلع الخاصة بها.
أما فيما يتعلق باعترافات الشركات نفسها، فقد أوضحته ركين مابود وهي كبيرة الاقتصاديين في مركز الأبحاث التقدمي Groundwork Collaborative، حيث قالت لـ"NPR": إنها كثيرا ما تسمع الرؤساء التنفيذيين يتفاخرون بمدى قدرتهم على رفع الأسعار.
على سبيل المثال، حققت شركة Kroger العملاقة للبقالة أرباحا بمليارات الدولارات على مدار العامين الماضيين، وشهدت AutoZone، التي تبيع قطع غيار وإكسسوارات السيارات، قفزة في الأرباح بنسبة 13%.
أضف لذلك وجود الكثير من عمليات الدمج التي شهدناها في الشركات الأمريكية على مدار الأربعين عاما الماضية، فهناك 4 شركات في الولايات المتحدة تسيطر على حوالي 80% من سوق لحوم الأبقار والدواجن.
يمكن أن يعني هذا النوع من الدمج أن الشركات لا تضطر إلى التنافس بنفس القدر من أجل تقديم منتج أفضل وأسعار أقل.
لكن هذه الرؤية يعارضها، جوستين ولفرز، الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيجان، قائلا إن جشع الشركات هو خدعة وأن الشركات ليست مصدر التضخم، هم يحاولون خفض الأسعار قدر الإمكان، للقضاء على الشركات المنافسة.
بافتراض صحة هذه الرؤية.. فلماذا ترتفع الأسعار؟
يقول ولفرس إن معظم الشركات لديها مصروفان رئيسيان: المواد الخام وأجور العمال، بالنسبة للمواد الخام فقد أصبحت أغلى بكثير.
أما الأجور فقد ارتفعت بنحو 5% مقارنة بالأسعار التي ارتفعت بنسبة 7.7%، حيث لا ترفع الشركات الأجور بالسرعة التي ترفع بها الأسعار. وهذا هو مصدر بعض أرباح الشركات.
وبمجرد أن تبدأ الشركات في دفع المزيد من الأجور، فإن تلك الأرباح القياسية التي يتفاخر بها الرؤساء التنفيذيون ستذهب على الأرجح إلى رواتب العمال.
يتوقع ولفرس أن أرباح الشركات ستبدأ في العودة إلى المستويات الطبيعية مع ارتفاع الأجور.. لكن هل ستنخفض الأسعار؟
إذا كانت الشركات غير مذنبة.. فهل يتحمل المستهلك مسؤولية التضخم المرتفع؟
قد يكون المستهلك هو الطرف المذنب في لغز التضخم، فارتفاع الأسعار يأتي من الطلب المتزايد على السلع، وهو ما يفعله بالفعل المستهلك الأمريكي وفقا للعديد من الخبراء.
فعلى الرغم من التضخم، فالطلب لم يتراجع، حيث ترفع الشركات الأسعار والمستهلك يدفع ولا يتوقف عن الشراء، في أجزاء كثيرة من الاقتصاد الأمريكي، كان الإنفاق يتزايد مع ارتفاع الأسعار.
وعندما تتباطأ المشتريات، ستبدأ الشركات في خفض الأسعار لإغراء الناس بالشراء، وبالتالي سيقل التضخم، ولكن حتى ينخفض الطلب، ستدفع الشركات الأسعار لأعلى قدر الإمكان.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDEuMjUxIA==
جزيرة ام اند امز