تركيا في الإعلام.. اقتصاد أصابه الإعياء بفعل أطماع الرئيس
لا يزال التضخم المزمن الناجم عن الهبوط الحاد لليرة التركية، أحد أبرز المخاطر المعقدة التي تواجه الاقتصاد المحلي
أصيب الاقتصاد التركي بحالة من الإعياء الشديد بفعل خطط وأطماع الرئيس رجب طيب أردوغان، وتدخلاته في شؤون بلدان عديدة، ما دفع أوروبا للتلويح بورقة العقوبات الاقتصادية ضد أنقرة حال استمرار أردوغان في سياساته.
اقتصاديا لا يزال التضخم المزمن الناجم عن الهبوط الحاد لليرة التركية أحد أبرز المخاطر المعقدة التي تواجه الاقتصاد المحلي، في وقت عجزت فيه الحكومة والبنك المركزي عن خفض أسعار المستهلك، بسبب غياب السياستين المالية والنقدية.
ومنذ الربع الأخير من عام 2016 حتى اليوم، لم تهبط أسعار المستهلك في السوق التركية عن 8%، وهي 4 أعوام كانت كافية لاستنزاف جيوب المواطنين الأتراك، بفعل الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية، أبرزها الخبز والكهرباء والوقود.
وسجلت أسعار المستهلك في السوق التركية، صعودا خلال يونيو/ حزيران الماضي، إلى 12.62% على أساس سنوي، بفعل صعود مجموعات الصحة والتعليم والغذاء والسلع المعمرة، والوقود والكهرباء المنزلية.
وما يثبت صدق أزمة التضخم المزمن في السوق التركية، مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، لـ "لهكان كارا"، كبير الاقتصاديين السابق بالبنك المركزي التركي، الذي أشار إلى ضرورة تعامل السلطات الاقتصادية التركية بجدية بشأن محاربة التضخم المرتفع".
والأسبوع الفائت، هوت الليرة التركية لأدنى مستوى لها أمام الدولار منذ مايو/ أيار الماضي، رغم حزم إنقاذ مصرفية حكومية بلغت أكثر من ملياري دولار خلال يومين.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن العملة التركية هبطت 1.6%، في تعاملات الثلاثاء، لتسجل 6.97 مقابل الدولار، فيما انهارت الدفاعات التركية عن العملة.
ولم يستجب البنك المركزي لطلب التعليق بشأن تدخله هذا الأسبوع لدعم الليرة، غير أنه نفى في وقت سابق أنه يستهدف مستوى محدد للعملة، قائلًا إنه عمل فقط على تهدئة التقلبات.
والثلاثاء أيضا، واجهت الليرة التركية موجة عاصفة أمام الدولار الأمريكي واليورو بشكل جنوني، حيث شهدت السوق المصرفية في تركيا تقلبات عنيفة خلال الساعات الماضية، وذلك بعد الارتفاع المفاجئ للدولار أمام الليرة، حيث سجل الدولار 6.96 ليرة.
انهيار تجاري
تجاريا، قفز مجددا عجز الميزان التجاري التركي (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات)، ما يعكس مدى تدهور نشاط التجارة الخارجية للبلد الذي يعاني من أزمات متلاحقة هبطت بسعر العملة المحلية- الليرة-.
وضاعف العجز المتصاعد في الميزان التجاري أزمة نقص النقد الأجنبي في تركيا، وفق بيانات رسمية.
وقالت هيئة الإحصاء التركية إن إجمالي العجز في الميزان التجاري التركي خلال النصف الأول من العام الجاري 2020، قفز 73.2% مقارنة مع نفس الفترة المقابلة من العام الفائت 2019.
وبلغت قيمة العجز التجاري التركي مع الخارج خلال النصف الأول 2020، نحو 23.87 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع عجز تجاري بقيمة 13.7 مليار دولار أمريكي في الفترة المناظرة من العام الماضي، بزيادة 10 مليارات دولار.
في شأن آخر، وبعد أسابيع صعبة واجهتها تركيا أمام رفض أوروبي وأمريكي لقيام أنقرة بخطوات فعلية تمهد لسرقة غاز شرق المتوسط، يبدو أن الأخيرة لمست حدة الرفض وأثره المحتمل على مفاصل العلاقات المشتركة خاصة في الشق الاقتصادي منها.
ونشرت وكالة رويترز للأنباء، الثلاثاء، عن إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة التركية، قوله إن بلاده "قد توقف عمليات استكشاف الطاقة في شرق البحر المتوسط لبعض الوقت، انتظارا لمحادثات مع اليونان"، التي ترفض وبشدة خطوات تركيا الاستفزازية في المتوسط.
ويرى مراقبون أن الخطوة التركية بمثابة تراجع وهزيمة أمام الغضب اليوناني والأوروبي الواسع.
وقال كالين في مقابلة مع قناة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية، إن "الرئيس رجب أردوغان طلب تعليق العمليات كنهج بنّاء تجاه المفاوضات"، وهي لغة لم تعتد الرئاسة التركية إطلاقها، بعيدا عن أسلوب الانفراد والاستحواذ من طرف واحد الذي اتبعته سابقا.