تضخم تركيا "المزمن".. كابوس لا يفارق واقع الأتراك
منذ الربع الأخير من عام 2016 حتى اليوم، لم تهبط أسعار المستهلك في السوق التركية عن 8%
منذ الربع الأخير من عام 2016 حتى اليوم، لم تهبط أسعار المستهلك في السوق التركية عن 8%، وهي 4 أعوام كانت كافية لاستنزاف جيوب المواطنين الأتراك، بفعل الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية، أبرزها الخبز والكهرباء والوقود.
وسجلت أسعار المستهلك في السوق التركية، صعودا خلال يونيو/ حزيران الماضي، إلى 12.62% على أساس سنوي، بفعل صعود مجموعات الصحة والتعليم والغذاء والسلع المعمرة، والوقود والكهرباء المنزلية.
وما يثبت صدق أزمة التضخم المزمن في السوق التركية، مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، لـ "لهكان كارا"، كبير الاقتصاديين السابق بالبنك المركزي التركي، الذي أشار إلى ضرورة تعامل السلطات الاقتصادية التركية بجدية بشأن محاربة التضخم المرتفع".
- الخوف من جنون التضخم وركود السوق يربك حسابات المركزي التركي
- اقتصاد تركيا يواصل الخسائر.. العجز التجاري يرتفع 73 %
وقال كارا في مقاله المنشور خلال وقت سابق من الشهر الجاري، إن "تحقيق معدل تضخم مستقر لا يجب أن يكون صعبا، وإبطائه سيعزز نموا اقتصاديا مستداما وطويل الأمد وفرص عمل كاملة واستقرارا في أسعار الفائدة".
وذكر أن ارتفاع معدل التضخم في تركيا، شجع الدولرة بسبب عدم اليقين بشأن القوة الشرائية لليرة، مما يعني أن ودائع العملات الأجنبية في البنوك التركية، وصلت إلى 50% من إجمالي الودائع في الآونة الأخيرة.
إلا أن نسب التضخم فشلت في تحقيق نسب هبوط دون 6% خلال العامين الماضيين، مع تدخلات لـ رجب طيب أردوغان، الذي أقحم نفسه في رسم السياسة النقدية لدى البنك المركزي التركي، في وقت يجب أن تكون استقلالية راسمي السياسة النقدية موضع احترام وصون.
ويشير مسح لموقع (العين الإخبارية) استنادا إلى البيانات التاريخية للتضخم في السوق التركية، أن نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، كان آخر شهر تقل فيه نسبة التضخم في البلاد عن 8% إذ بلغت النسبة حينها 7%.
وواصلت نسبة التضخم منذ 2017 المراوحة بين 8 - 11%، وسط ارتفاع متواصل في الأسعار، خاصة الطاقة والوقد والسلع الغذائية على وجه الخصوص، تبعها ارتفاع أكبر في أسعار العقارات والخدمات التعليمية والصحية.
في مقالته، يرى كارا بأهمية استقلال تعمل البنك المركزي في تركيا لتحقيق الأهداف المرجوة بعيدا عن تدخلات الرئاسة التركية أو وزارة المالية والخزانة، "يحتاج البنك المركزي ببساطة إلى السماح له بالقيام بعمله.. سنوات من الخبرة والأبحاث، تشير إلى أن وجود بنك مركزي ذي مصداقية يتمتع بالاستقلالية لوضع أدواته الخاصة".
واعتبارا من مطلع 2018، لم تنزل نسبة التضخم في السوق التركية عن 10% ، بينما كانت القفزة اعتبارا من يونيو/ حزيران 2018، بارتفاع التضخم إلى 15.39%، إلا أن القفزة الأكبر كانت في أكتوبر/ تشرين أول 2018.
في ذلك الشهر، قفزت أسعار المستهلك في تركيا إلى 25.24% على أساس سنوي، مدفوعة بانهيار الليرة التركية مقابل النقد الأجنبي على خلفية أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة، بسبب اعتقال الأخيرة قس أمريكي.
في المقابل، يتخوف البنك المركزي التركي من جنون التضخم في السوق المحلية، والعودة لمستويات مرتفعة كما كان عليها في الربع الأخير من عام 2018، حال اتخاذه قرارا بتنفيذ خفض أسعار الفائدة الرئيسية للإقراض، من المستوى الحالي البالغ 8.25%.
بينما يدفع الإبقاء على سعر فائدة مرتفع، كما هو المستوى الحالي، إلى تخوفات الاستثمارات المحتملة من الدخول للسوق التركية، إذ تلجأ البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار والاقتراض في مختلف القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية.
أمام جحيم التضخم المرتفع، والخوف من نفور المستثمرين الجدد من السوق المحلية، لم يجد البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، إلا الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستوياتها السابقة والبالغة 8.25%.
ويأتي الإبقاء على أسعار الفائدة للمرة الأولى بعد خفض استمر طيلة 9 شهور سابقة، إذ وصلت أسعار الفائدة في السوق المحلية لمستويات قياسية في 2019، عند 24%، في محاولة من لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة التي تجاوزت 20%.
ويعني قرار رفع أسعار الفائدة أن البنك المركزي يريد اتباع أدواته النقدية لتحقيق عدة أهداف، منها تخفيض الإقبال على القروض في السوق المحلية، والبحث عن خفض أسعار المستهلك في السوق، من خلال إضعاف النشاط في الأسواق.
بينما تقوم الدول بخفض أسعار الفائدة لتحقيق عدة أهداف، من بينها رفع نسب التضخم في حال كانت متراجعة من خلال زيادة الإقراض وضخ السيولة في الأسواق عبر أدوات الاستثمار المختلفة وبالتالي زيادة الإنتاج والتوظيف، وزيادة الاستهلاك.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg
جزيرة ام اند امز