التضخم يقسو على الأتراك ويقفز 20%.. فاتورة عناد البنك المركزي
قفز معدل التضخم في تركيا لنحو 20% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، معلنا المزيد من الأعباء على كاهل الشعب التركي.
ويأتي ارتفاع التضخم كنتيجة طبيعية لسياسات البنك المركزي التركي الذي أصر على معاندة المنطق الاقتصادي عبر خفض أسعار الفائدة وتجاهل أثر ذلك على التضخم.
- موجة غلاء جديدة في تركيا بعد زيادة أسعار الغاز الطبيعي
- خلل في الحد الأدنى للأجور بتركيا.. أزمة عملة بطلها الرئيس
وتأتي سياسات المركزي التركي استجابة لضغوط الرئيس رجب أردوغان الذي يصف نفسه بأنه "عدو أسعار الفائدة".
تضخم قاسٍ
وأفادت هيئة الإحصاء التركية، اليوم الأربعاء، بأن معدل التضخم ارتفع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة 19.89% على أساس سنوي.
ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن الهيئة أن معدل التضخم السنوي ارتفع بنسبة 0.31% عن المعدل المسجل في الشهر السابق عند 19.58%.
وكان التضخم في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي قد بلغ 11.89%.
وتتقارب تلك البيانات مع تقديرات سابقة توقعها استطلاع أجرته وكالة بلومبرج الأمريكية.
وتوقع جميع الاقتصاديين العشرين المشاركين في الاستطلاع، باستثناء واحد منهم، حدوث تسارع للتضخم بنسبة 20.35٪ على أساس سنوي.
الغلاء يجتاح الغذاء
وتم تسجيل أعلى زيادة في الأسعار على أساس سنوي في قطاع الأغذية والمشروبات غير الكحولية، حيث ارتفعت بنسبة 27.41%، والفنادق والمقاهي والمطاعم بنسبة 25.53%، والمفروشات والمعدات المنزلية بنسبة 23.03%.
وعدل البنك المركزي التركي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي توقعاته الخاصة بالتضخم لنهاية العام الجاري، حيث قال إنه من المتوقع أن يصل معدل التضخم السنوي إلى 18.4% بنهاية عام 2021، مقابل 14.1% في التوقعات السابقة.
وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 2.39% في أكتوبر تشرين أول.
وقرر البنك المركزي التركي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تخفيض معدل الفائدة الرئيسي إلى 16%، بعدما كان خفضه في الشهر السابق بـ100 نقطة أساس إلى 18% .
خطأ في السياسة
وفي هذا الإطار قال بيوتر ماتيس، محلل العملات البارز في شركة انتوتش كابيتال (InTouch Capital) بلندن: "المزيد من التسارع في التضخم في أكتوبر/تشرين الأول سيكون بمثابة تذكير بأن البنك المركزي قد ارتكب خطأ في السياسة" بخفض أسعار الفائدة.
وأضاف أنه من السابق لأوانه اعتبار مستوى 9.85 ليرة للدولار الذي جرى تسجيله في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هو "قمة رئيسية"، في إشارة إلى أن الليرة قد تشهد مزيدا من التراجع أمام الدولار.
وحتى أوائل سبتمبر/أيلول، كان محافظ البنك المركزي التركي ساهاب كافجي أوغلو قد وعد بالحفاظ على سعر الفائدة القياسي أعلى من التضخم المتوقع والمحقق.
ولكن موقفه تغير مع ارتفاع الأسعار ومطالبة الرئيس رجب طيب أردوغان بخفض تكاليف الاقتراض، مع إعطاء أولوية على مجموعة أضيق من الأسعار الأساسية التي لا تشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة.
ومن ثم قام البنك بإسقاط جميع التوجيهات المستقبلية، قائلا إن التضخم المتسارع سيثبت أنه "مؤقت" مع خروج الاقتصاد من قيود جائحة كورونا.
فرضية أردوغان
وأردوغان، الذي فقد الدعم مع تراجع الاقتصاد خلال الوباء، يؤيد الفرضية غير التقليدية القائلة بأن خفض معدلات الفائدة سيؤدي إلى إبطاء التضخم.
وقال محافظ البنك المركزي عندما كشف النقاب عن أحدث تقرير للتضخم، إن الوصول إلى فائض دائم في الحساب الجاري سيؤدي إلى استقرار الأسعار.
وأدى خفض سعر الفائدة مرتين متتاليين بشكل مفاجئ إلى انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار منذ عام حتى تاريخه إلى أكثر من 20٪، وهو أسوأ انخفاض بين جميع العملات الرئيسية التي تتبعها بلومبرج.
وقال ماتيس "في الوقت الذي كان فيه التضخم أعلى بأربع مرات من الهدف الرسمي، فإن خفض المعدلات يأتي بنتائج عكسية لأنه يضعف الليرة ويغذي الضغوط التضخمية".