خطة بايدن في مواجهة وحش التضخم.. من يربح المعركة؟
تترقب أسواق المال العالمية، بيانات التضخم في أكبر اقتصاد في العالم، أمريكا، التي ستصدر الأربعاء عن شهر يوليو.
البيانات المرتقبة، تأتي بعد أيام قليلة من موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على خطة جو بايدن الكبرى بشأن المناخ والصحة.
وتوقعات التضخم عنصر حيوي يراقبه عن كثب صانعو السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي بينما يزيدون بنشاط أسعار الفائدة لاحتواء ضغوط الأسعار التي وصلت لأعلى مستويات في أربعة عقود.
وأقر المجلس الخطة التي تزيد قيمتها عن 430 مليار دولار بأصوات الأعضاء الديموقراطيين فقط، وهي ستحال الأسبوع المقبل على مجلس النواب حيث من المتوقّع أن تقر بتصويت نهائي قبل أن يوقّعها الرئيس لتصبح قانونا نافذا.
- بخطة كبح التضخم.. جو بايدن يأمل استعادة شعبيته
- 18 شهراً من المفاوضات.. الشيوخ الأمريكي يقر خطة بايدن للمناخ
يشمل التشريع المعروف رسمياً بـ"قانون الحد من التضخّم" 370 مليار دولار لأهداف مناخية طموحة و64 مليار دولار للرعاية الصحية.
وفي الإطار، قالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية إن مشروع قانون الإنفاق الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي ويهدف لمكافحة تغير المناخ وتخفيض أسعار العقاقير الطبية وزيادة بعض ضرائب الشركات سيخفض التضخم في الأجل المتوسط إلى الطويل وكذلك العجز في الموازنة العامة.
وأضافت قائلة "نعتقد بالفعل أن هذا القانون سيكون له تأثير (لخفض التضخم) لأنه يزيد الإنتاجية"، متوقعة أن يحدث هذا خلال عامين إلى ثلاثة أعوام.
وفي 3 أغسطس آب الجاري، قال توماس باركين رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في ريتشموند إن البنك المركزي الأمريكي ملتزم بالسيطرة على تضخم وإعادته إلى مستوى 2 بالمئة الذي يستهدفه.
وأضاف باركين في تعليقات مكتوبة "نحن ملتزمون بإعادة التضخم إلى مستوى 2% الذي نستهدفه وأوضحنا أننا سنفعل كل ما يتطلبه ذلك."
وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأسبوع الماضي إن البنك المركزي قد يدرس زيادة أخرى للفائدة "كبيرة بشكل غير معتاد" خلال اجتماعه للسياسة النقدية في 20 و21 سبتمبر أيلول ،وإن مسؤولي مجلس الاحتياطي سيسترشدون في صنع قراراتهم بطائفة من البيانات، من بينها التضخم والتوظيف وإنفاق المستهلكين والنمو الاقتصادي، ستصدر من الآن وحتى ذلك الموعد.
ومشيرا إلى المخاوف من ركود، قال باركين إنها "غير منسجمة بعض الشيء" مع الوتيرة الحالية لنمو الوظائف التي تبلغ حوالي 400 ألف وطيفة شهريا ومعدل للبطالة عند 3.6 بالمئة، قرب أدنى مستوى في نصف قرن.
خبير عالمي
وقال الخبير الاقتصادي "محمد العريان" إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يخاطر بتقويض سمعته في حال فشل سياسته النقدية في كبح جماح التضخم المتسارع.
وذكر كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة "أليانز" في تصريحات لموقع "ياهو فاينانس": "ما يقلقني بشكل أكبر هو الأضرار الجانبية المرتبطة بخفض معدل التضخم، لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي تأخر في استجابته".
وأضاف "العريان": "يجب أن نسيطر على وحش التضخم، الفيدرالي يحتاج إلى التصرف بقوة ليس فقط لتشديد السياسة النقدية ولكن لاستعادة المصداقية".
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تؤدي معدلات الفائدة المرتفعة إلى خفض مستويات التضخم بحلول نهاية العام الجاري، لكنها ستواصل تجاوز المستهدف البالغ 2%.
التضخم في يونيو
وقالت وزارة العمل الأمريكية، إن التضخم قفز في الاثني عشر شهرًا الماضية حتى يونيو إلى 9.1٪.
يشار هنا إلى أن معظم الزيادة في يونيو مدفوعة بقفزة في أسعار البنزين، والتي ارتفعت بنحو 60٪ على مدار العام. واجه الأمريكيون ارتفاعًا قياسيًا في أسعار الوقود الشهر الماضي، حيث تجاوز المتوسط الوطني 5 دولارات لجالون البنزين في جميع أنحاء البلاد.
كما ارتفعت أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي بنسبة 13.7 و38.4٪ على التوالي لفترة الـ 12 شهرًا المنتهية في يونيو. بشكل عام، ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 41.6٪ على أساس سنوي.
وتسارعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في يونيو 2022، مع استمرار ارتفاع تكاليف البنزين والمواد الغذائية.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تصريحات سابقة، إن قراءة التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يونيو كانت "مرتفعة بشكل غير مقبول" لكنه أشار إلى أنها "قديمة أيضًا"، حيث انخفضت أسعار الوقود في الثلاثين يومًا الماضية. أسعار البنزين والنفط الخام الآن أقل من 100 دولار للبرميل، بانخفاض عن أعلى مستوياتها في يونيو.
وقال بايدن: "شكلت الطاقة وحدها ما يقرب من نصف الزيادة الشهرية للتضخم، هذه البيانات اليوم لا تعكس التأثير الكامل لما يقرب من 30 يومًا من الانخفاضات في أسعار الوقود، والتي خفضت السعر في المضخة بنحو 40 سنتًا منذ منتصف يونيو. توفر هذه المدخرات مجالًا مهمًا للتنفس للأسر الأمريكية، وقد انخفضت أسعار بعض السلع مثل القمح بشكل حاد منذ هذا التقرير."
كما كرر بايدن أن معالجة التضخم هي "أولويته القصوى".
أسعار الفائدة
على الصعيد نفسه، تراجعت توقعات التضخم في الولايات المتحدة للسنوات المقبلة بشدة، في أحدث مسح لبنك الاحتياطي الاتحادي لنيويورك، وهو ما يمكن أن يخفف مخاوف مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي بشأن تأثيرات ارتفاع الأسعار على سلوك المستهلكين في الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء اليوم الإثنين، عن بنك الاحتياطي الاتحادي لنيويورك القول إن معدل التضخم المتوقع للسنوات الثلاث المقبلة تراجع خلال مسح تموز/يوليو الماضي إلى 3.2% مقابل 3.6 % في مسح الشهر السابق عليه، ليستمر تراجع توقعات التضخم للشهر الثاني على التوالي. كما تراجع المعدل المتوقع للعام المقبل إلى 6.2% خلال الشهر الماضي مقابل 6.6% خلال الشهر السابق عليه.
وذكرت بلومبرج أن معدل التضخم في الولايات المتحدة ارتفع خلال العام الماضي إلى أعلى مستوياته منذ 4 عقود، نتيجة نقص الإمدادات على خلفية تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد وارتفاع أسعار المواد الخام، إلى جانب زيادة الطلب الاستهلاكي نتيجة إجراءات التحفيز المالي الحكومية، وأسعار الفائدة المنخفضة.
ويقول مجلس الاحتياطي الاتحادي الذي يسعى إلى كبح جماح التضخم من خلال زيادة أسعار الفائدة دون أن يدفع الاقتصاد الأمريكي إلى دائرة الركود، إن هناك خطرا من أن تدفع الأسعار المرتفعة المستهلكين الأمريكيين إلى توقع استمرار الارتفاع في المستقبل، وهو ما يؤدي إلى تحقيق هذه التوقعات بآليات الدفع الذاتي.