ركود تضخمي بالأفق الأمريكي بفعل الحرب.. كيف يستجيب "الفيدرالي"؟
كل ارتفاع بـ10 دولارات لسعر النفط يتسبب في تراجع النمو الأمريكي بنحو 0.1 نقطة وبزيادة التضخم بـ0.2 نقطة، وقد بلغ الأخير 7.9% في فبراير/شباط.
هذا ما قدره جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الأسبوع الأول من مارس/آذار 2022 أمام الكونجرس، تعقيبًا على التداعيات المتوقعة في ظل استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية.
تسريع تحركات رفع الفائدة
من المقرر أن يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمراجعة أسعار الفائدة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وتشير التوقعات إلى أن الفيدرالي سيمضي قدمًا في أول رفع للفائدة منذ ما يقرب من أربعة أعوام على الرغم من الاضطرابات الحالية في الأسواق.
ولا يرجح مراقبون أن يقدم البنك المركزي الأمريكي على رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كما كان متوقعا قبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، ويرون أنه بدلا من ذلك سيقوم الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في محاولة للموازنة بين الحد من التضخم وتقليل حالة عدم اليقين المتزايدة بالأسواق.
وتزايدت الضغوط على الفيدرالي للتحرك الأسبوع الماضي، بعد أن أظهرت بيانات حديثة ارتفاع معدل التضخم لأعلى مستوى له خلال 40 عاما في فبراير. وبلغ تضخم أسعار المستهلكين 7.9% الشهر الماضي، مقارنة بـ 7.5% في يناير/كانون الثاني الماضي، مسجلا أعلى مستوى له منذ عام 1982.
معضلة التضخم المتسارع
من المرجح أن يخفض صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو للاقتصاد العالمي بسبب الصراع في أوكرانيا، عندما ينشر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الشهر المقبل، حسبما قالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا يوم الخميس. وقالت أيضا إن الصدمة في أسواق السلع والتضخم الناتج عنها يتسببان في انكماش التجارة العالمية وتراجع ثقة المستهلك والأعمال، محذرة من أن البنوك المركزية قد تستجيب للتضخم المتسارع من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة.
وكان الصندوق قد خفض توقعاته للنمو لعام 2022 بالفعل مرة واحدة هذا العام، إذ خفض توقعاته بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 4.4% في يناير/كانون الثاني الماضي بسبب استمرار اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع التضخم وتشديد الأوضاع النقدية.
ويتوقع المحللون حدوث ركود بالاقتصاد الأمريكي: "بمرور الوقت، فإن العوامل الثلاث الأكبر التي تميل إلى دفع الاقتصاد الأمريكي إلى الركود هي انقلاب منحنى العائد على السندات، أو نوع من صدمة أسعار السلع الأساسية، أو تشديد مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وفقا لقول أحد المحللين الاستراتيجيين لبلومبرج. "في الوقت الحالي، يبدو أن هناك احتمالية لحدوث الثلاثة معا في نفس الوقت".
فقدان زخم التعافي
يواجه الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من أزمة وباء كوفيد - 19، تهديد الحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار المواد الأولية، مبددا الآمال التي برزت مطلع العام.
بحسب "الفرنسية"، يرى ياكوب كيركيجارد العضو في مجموعة صندوق مارشال الألماني للأبحاث في بروكسل، أن "الحرب اندلعت في وقت كانت أوروبا والولايات المتحدة تستفيدان من تعاف ممتاز".
وأقرت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي بأن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الذي بدأ منذ أسبوعين فقط، "يزيد بشكل كبير" المخاطر. وخفض المصرف بـ0.5 نقطة مئوية توقعاته للنمو في 2022 في منطقة اليورو، ليصبح 3.7%.
كذلك خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني توقعاتها بـ0.7 نقطة إلى 3.4% بسبب الانهيار المرتقب للناتج المحلي الإجمالي الروسي وارتفاع أسعار الطاقة.
يقدر جان - بيزاني فيري الخبير الاقتصادي لدى معهد بروجيل، أن الحرب ستكلف الاتحاد الأوروبي 175 مليار يورو بسبب تأثير فاتورة الطاقة واستقبال اللاجئين والدعم المالي.
ومع ذلك لا داع للخشية من ركود كبير. لكن كيركيجارد يتحدث عن خطر حدوث ركود تضخمي، وهو ظاهرة تحدث عندما يترافق النمو الضعيف مع معدل تضخم مرتفع.
إلا أن تفشي الوباء مجددا في الصين يثير القلق. ويقول كيركيجارد إن "هذا الغموض كبير بقدر حجم الحرب على الأقل".
هذا التضخم مستمر منذ عام. فقد كان في البداية مرتبطا باضطرابات سلاسل الإمداد بسبب أزمة الوباء ويعكس اليوم الارتفاع الحاد لأسعار المواد الأولية التي تشكل عبئا على تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركات وعلى القدرة الشرائية بالنسبة للأسر.
يقول توماس بيلوران -كارلان مدير مركز الطاقة في معهد "جاك دولور" الأوروبي، "نواجه صدمة النفط، تضاف إليها صدمة الغاز وصدمة الكهرباء. لم نر مثل هذا التزامن من قبل، هذا يتعلق بالطاقة فقط".
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز