كونغرس المجلس الدولي للأرشيف 2023 بالإمارات.. منصة عالمية لتعزيز التعاون
يعد كونغرس المجلس الدولي للأرشيف منصة عالمية لتعزيز التعاون عالميا في مجال الأرشفة والتوثيق.
وأكد الدكتور عبدالله الريسي، رئيس اللجنة المنظمة لكونغرس المجلس الدولي للأرشيف - أبوظبي 2023 ، المستشار الثقافي في ديوان الرئاسة بالإمارات أن "كونغرس المجلس الدولي للأرشيف – أبوظبي 2023" منصة مهمة لتعزيز التعاون الدولي وتسليط الضوء على أهمية التواصل والتعاون في مجال الأرشفة والتوثيق على الصعيدين الوطني والعالمي.
وقال الريسي في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، إن توافر المعلومات الموثوقة على المدى الطويل يلعب دوراً محورياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن هذا المنطلق فإنَّ مؤسسات الأرشيف تحرص على ضمان الوصول السهل والمستدام إلى المعلومات والمواد المعرفية وإتاحة استخدامها في المجالات العامة والبحثية والعلمية، ورفد صناع القرار بها لتعزيز كفاءة آليات تطوير السياسات.
وأضاف أن كونغرس المجلس الدولي للأرشيف الذي يعقد في دولة الإمارات، برعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير ديوان الرئاسة، خلال الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر المقبل تحت شعار “إثراء مجتمعات المعرفة”، يوفر منصة تُتيح للمؤسسات والجهات المحلية المعنية بمجال الأرشيف مشاركة وتبادل الخبرات والمعارف في هذا المحفل الدولي البارز.
وأكد أن استضافة الإمارات للكونجرس ، الذي يعقد بتنظيم من الأرشيف والمكتبة الوطنية ويجمع تحت مظلّته أكثر من خمسة آلاف مشارك من نحو 135 دولة مُمثَّلة في الكونجرس إضافة إلى 60 جهة عارضة، يعكس قدرتها على تعزيز الثقافة والتراث العالمي وترسيخ حضورها الفاعل على الساحة الدولية.
وأضاف أن الكونجرس يوفر فرصة استثنائية للمشاركين للاطلاع على أحدث التطورات والممارسات في مجال الأرشفة والتوثيق، وتطوير وتحسين أساليب الحفظ والوصول إلى المعلومات، وتعزيز الشراكات والعلاقات الدولية وأكد أن استضافة هذا الحدث خير دليل على التزام الإمارات بالحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز قطاع الأرشيف.
وأشار الدكتور عبدالله الريسي إلى أن فعاليات الكونغرس ستفرد حيزاً واسعاً للقدرة التحولية لتوفير المعلومات وإمكانية الوصول إليها بأسرع وقت ممكن عبر التركيز بدورته المُقبلة على خمسة محاور هي، “ الثقة والأدلة”، و"التقنيات الناشئة - السجلات والحلول الإلكترونية"، و"الإتاحة والذكريات"، و"المعرفة المستدامة والكوكب المستدام.. الأرشيف وتغير المناخ"، و"السلام والتسامح".
وحول محور السلام والتسامح، قال إن الأرشيف يؤدي دوراً بارزاً في مدّ جسور التفاهم وتعزيز الحوار بين الثقافات المتنوعة، وفي عالم تعصف به التحديات والنزاعات، خاصةً في حقبة ما بعد الجائحة ، يبرز دور قيم التفاهم والاحترام المتبادل بصفتها أموراً بالغة الأهمية للحفاظ على السلام وتعزيز قيم التسامح.
ولفت إلى أنه في هذا السياق يأتي دور الأرشيف في المساهمة في تعزيز هذين الجانبين عبر المساعدة في توثيق التاريخ والثقافات المتنوّعة للمجتمعات، ما يُتيح للأجيال الحالية والمستقبلية فهم الجذور والتجارب المتنوعة لمختلف الشعوب وهو ما يؤدي بدوره إلى المساهمة في إرساء أُسس السلام وترسيخ التسامح.
وأضاف أن سجلات ووثائق الأرشيف تضم أمثلة إيجابية تُوثّق التعايش والتعاون بين مجموعات متنوعة، ما يُسلّط الضوء على أهمية التسامح والسلام بصفتهما قيماً أساسية في المجتمع موضحا أن السجلات التاريخية والأدلة تسهم في فهم أسباب النزاعات وإدراك منحى تطورها ، وتعكس السجلات والأرشيف النجاحات والمساهمات المتعددة للثقافات المختلفة في بناء المجتمعات والحضارات.
وذكر الريسي أن الأرشيف يُمكن أن يُشكّل أداةً تعليمية قيمة للأجيال الشابة، تُسهم في نقل قصص التسامح وبناء الوعي حول أهمية السلام والتعايش السلمي، وقد يُشكّل الأرشيف وسيلة للتواصل بين الثقافات المختلفة ما يُعزّز التفاهم.
وعن محور التقنيات الناشئة، قال إن تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة الكمومية تحدث تغييراّ جذرياً في ملامح عالمنا وتمسّ ماضينا بشكل مباشر من خلال دورها في حفظ السجلات والأرشيفات بصورة إلكترونية، وشهدت البشرية على مرّ التاريخ تحوّلات نوعية في حفظ تاريخها وإرثها، ابتداءً بمرحلة الانتقال إلى استخدام المخطوطات عوضاً عن النقش على الصخور، ووصولاً إلى عصرنا الراهن الذي يشهد حلول الوسائط الرقمية محلّ الورق.
وأضاف أن مستقبل قطاع الأرشيف يتمحور حول الوثائق الرقمية، وبالتالي يجب أن تكون استراتيجيات الأرشيف والحفظ متوافقة مع هذا التطور وأن تكون السجلات الرقمية موثوقة وآمنة ومستدامة لضمان الحفاظ على التاريخ والمعلومات بشكل فعّال، لافتا إلى أنه مع ذلك، لا يخلو طريق هذا التحوّل من العقبات وعليه يجب توفير الحماية الكافية للبيانات وضمان الوصول إليها بسهولة ودقة.
وقال إن هذا التحوّل يمثل فرصةً لتحسين إجراءات البحث والاسترجاع لتلبية احتياجات المستخدمين بكفاءة أكبر، وتُجسّد الجهود المبذولة لتطوير حلول إلكترونية متقدمة بوابةً للعبور إلى مستقبل الأرشيف ، كما تُسهم في تُعزيز دوره في المجتمع الرقمي وفي حال تخطّي التحديات التقنية والأمنية يُمكن عندها حفظ السجلات الرقمية بشكل مستدام ما يُسهم في تعزيز البحث والتعلم والتأريخ في العصر الرقمي.
وذكر الدكتور عبدالله الريسي أنه وبطبيعة الحال، فإنَّ هذا التحول المتسارع سيتيح فرصاً وآفاقًا جديدة لقطاع الأرشيف والتوثيق، شأنه في ذلك شأن مُختلف القطاعات الأخرى.
وأضاف : “ سنشهد خلال الفترة المقبلة تنامي تأثير التقنيات والمفاهيم الناشئة، لاسيما الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وتعلُّم الآلة، على عمليات التوثيق وسجلات الأرشفة، وسيفرد هذا المحور حيزاً واسعاً لمناقشة التحديات التي تكتنف عمل أمناء الأرشيف ومدراء السجلات في دمج التقنيات الجديدة ضمن مهامهم، فضلاً عن الإضاءة على قصص النجاح على صعيد إدماج التقنيات الناشئة في مجالات إدارة السجلات والأرشفة”.
وقال إن المعرفة المستدامة تمثل إحدى الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، وقوةً دافعة لتحقيق مستهدفاتها، لاسيما الهدف المتمثل في العمل المناخي، والذي يتطلب تبني ممارسات مسؤولة بيئياً وفي قطاع الأرشيف، يتوجب علينا المضي قُدُماً في اعتماد المنهجيات الكفيلة بالحد من الانبعاثات الكربونية في إطار التزاماتنا بحماية البيئة، لافتا إلى أن الكونجرس يعد منصةً للتعاون الدولي واستكشاف سبل تخفيف وطأة التغير المناخي وتداعياته على المجموعات الأرشيفية وبرامج الحفظ والوصول إلى الوثائق .
وحول محور الثقة والأدلة، أوضح أنه سيسلط الضوء على الأهمية غير المسبوقة للمعلومات الموثَّقة والمستندة إلى الأدلة في ظل تنامي ظاهرة الأخبار الزائفة، وتسارُع وتيرة انتشارها في عصرنا ،وعلى هذا الصعيد، يُعنى قطاع الأرشيف بإتاحة مصدر للمعلومات الكفيلة بالحفاظ على ثقة الرأي العام وإمكانية الوصول إليها على نطاقٍ واسع.
وأضاف أن مفهوم الثقة والأدلة من المنظور الأرشيفي يشمل الانفتاح على المستخدمين، للتعرُّف عن كثب على احتياجاتهم وترسيخ ثقتهم بالمجتمع الأرشيفي وبشفافية منهجيات حصولنا على المعلومات ووسائل حفظها، وتكتسب الأدلة التي تتيحها المجموعات الأرشيفية أهميةً كبيرة باعتبارها موارد معرفية عابرة للأجيال، وأدوات تدوّن ذاكرة الماضي وتصونها لأجيال المستقبل، وسنتطرق خلال هذا المحور إلى التحديات التي تلقي بظلالها على قيمة الأرشيف، بما في ذلك التأثيرات الناجمة عن الإهمال التكنولوجي والإداري، والتدمير والتخريب المتعمد، والصراعات والنزاعات والنهب والإتجار غير المشروع.
وأوضح الدكتور عبدالله الريسي أن الأرشيف يلعب دوراً اجتماعياً في مشاركة الذكريات المشتركة لبناء مجتمعات غنية ، مؤكدا أن الوصول إلى الأرشيف حق وليس امتيازاً ، وأن الباحثين وأصحاب المصلحة هم من يقررون ما الذي يريدون تحقيقه من وصولهم إلى الأرشيف ومع ذلك يبرز الوصول إلى الأرشيف تحديات لا سيما في ما يتعلق بسوء استخدام المواد والاقتباس الخاطئ وخاصة البيانات الرقمية.
ولفت إلى أن قائمة المتحدثين الرئيسيين خلال كونغرس المجلس الدولي للأرشيف تشمل كوكبةً من كبار الشخصيات من أبرزهم فرانسوا أولاند الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية و معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، والشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، وكولين شوجان رئيسة الأرشيف الأمريكي وجيف جيمس رئيس الأرشيف البريطاني وإيان ويلسون الرئيس الأسبق للمجلس الدولي للأرشيف والأرشيف الكندي وحمد المطيري مدير إدارة الأرشيفات في الأرشيف والمكتبة الوطنية، ولورا ميلر.
وأوضح أن جدول أعمال الكونغرس سيتضمن سلسلةً من الفعاليات الرامية إلى تعزيز التواصل وتبادل المعرفة والأفكار بين رواد المجال الأرشيفي في جميع أنحاء العالم، ومن بينها ندوات ومحاضرات علمية تتناول مواضيع مختلف في مجال الأرشفة، والفعاليات الثقافية والفنية التي تعرض تراث الإمارات والثقافات العالمية المختلفة، والجلسات التشاورية وورش العمل التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتبادل بين الخبراء في مجال الأرشفة، والمعارض والعروض الخاصة التي تعرض أحدث التقنيات والأدوات المستخدمة في مجال الأرشفة.
وحول ما يتميز به “ كونجرس أبوظبي 2023” عن الدورات السابقة ، قال رئيس اللجنة المنظمة لكونجرس المجلس الدولي للأرشيف - أبوظبي 2023 ، إن أهم ما يميز الكونجرس الذي يقام للمرة الأولى في أبوظبي، عرض أحدث التقنيات في مجال الأرشفة .
وأوضح أن هذه الدورة تكتسب أهمية خاصة في ظل تنامي الاستثمارات في مجالات إدارة المجموعات الأرشيفية وحفظ السجلات الرقمية والبرمجة العامة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن الكونجرس سيضم "هاكاثون الأرشفة" الذي يُنظّم لأول مرة في تاريخ الكونغرس الدولي للأرشيف، ويشمل المدارس والجامعات في دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك للمرة الأولى وستمنح المسابقة جوائز مُجزية بقيمة 20 ألف دولار أمريكي لفريق الجامعة الفائز و10 آلاف دولار أمريكي لفريق المدرسة الثانوية الفائز.
وذكر أن فعاليات الكونغرس تستمر خمسة أيام، وسيتم خلالها توثيق أنشطته وفعالياته إلكترونيًا وورقيًا، وذلك بالصوت والصورة عن طريق استخدام وسائل الحفظ والتوثيق الرقمي، إضافة إلى استخراج نسخ لتوثيقها ورقيًا.
وأوضح أن كونغرس المجلس الدولي للأرشيف في الإمارات يستهدف شرائح متنوعة من الجهات والأفراد المهتمين بمجال الأرشفة مثل موظفي ومسؤولي المؤسسات الأرشيفية محليًا ودوليًا، والأكاديميين، وصناع السياسات ومتخذي القرار، إضافة إلى الحكومات والمنظمات الدولية، فضلاً عن الجمهور العام المهتم بمجال حفظ الوثائق والسجلات ومجال الأرشفة.
وعن الدور الإعلامي المعول عليه قبل الكونجرس وخلاله وبعده، قال الدكتور عبدالله الريسي، يمكن للإعلام أن يساهم في جعل كونجرس المجلس الدولي للأرشيف أكثر تأثيراً من خلال نشر المعلومات حوله والموضوعات المطروحة فيه عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تغطية الأحداث المهمة خلال الكونغرس ونشرها ، ما يعزز الوعي بأهمية الأرشيف والحفاظ عليه، وتسليط الضوء على الجهود التي تبذلها الحكومات والمؤسسات للحفاظ على الأرشيف من خلال إجراء لقاءات وحوارات مع المشاركين في المؤتمر، وتشجيع الخبراء والمهتمين بمجال الأرشيف على المشاركة في الكونغرس، والتواصل مع الجمهور الذي لا يمكنه حضور الكونغرس بشكل مباشر، مما يسمح لهم بالمشاركة عن بعد والاستفادة من المعلومات والأفكار.
وأضاف أن الكونغرس سيستفيد من شراكته الإعلامية مع وكالة أنباء الإمارات "وام"، لما لها من دور مهم في تحقيق الاستدامة المعرفية بتاريخ وتراث الإمارات ومسيرتها الحافلة بالإنجازات على مدى أكثر من نصف قرن.
وحول الفعاليات المصاحبة التي تقام على هامش المؤتمر، لفت الريسي إلى أنه سيكون لهذه الفعاليات دور في إضافة قيمة اقتصادية للكونغرس من خلال جذب الزوار والمشاركين الدوليين إلى المدينة المستضيفة، ما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على الإقامة في الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية، كما سيكون لها دور في تعزيز السياحة الثقافية والتراثية من خلال تسليط الضوء على المواقع التاريخية والثقافية المحلية، إضافة إلى تعزيز العلاقات الدولية والتبادل الثقافي بين المشاركين من مختلف الدول فضلاً عن تنشيط قطاع سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض الذي يلعب دوراً مهماً في اقتصاد دولة الإمارات نتيجة استضافة وفود كبيرة من أنحاء العالم فضلاً عن زيادة زخم أنشطة السياحة والسفر وقطاع الخدمات في دولة والترويج للدبلوماسية الناعمة في دولة الإمارات.