الجنائية الدولية وجرائم إسرائيل.. تحذير أمريكي وإصرار فلسطيني
الفلسطينيون يبدون تصميما على المضي في معركتهم لملاحقة من يصفونهم "مجرمي الحرب" الإسرائيليين
مقابل الضغوط والتهديدات الإسرائيلية والأمريكية المزدوجة للمحكمة الجنائية الدولية، يبدي الفلسطينيون تصميما على المضي في معركتهم لملاحقة من يصفونهم "مجرمي الحرب" الإسرائيليين.
ومع انزعاجها من الموقف الأمريكي من المحكمة الجنائية، تظهر والدة الشهيدة الفلسطينية المسعفة رزان النجار، على المضي في معركة تحقيق المساءلة والإنصاف لمحاسبة الاحتلال على قتل ابنتها جنوب قطاع غزة.
وقُتلت رزان (21 عاماً) وهي مسعفة متطوعة، بعدما أصابها قناص إسرائيلي بعيار ناري في الصدر في 1s يونيو/حزيران 2018 بعد دقائق من إسعافها أحد الجرحى في مسيرة العودة شرق بلدة خزاعة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.
الإفلات من العقاب
وقالت والدة الشهيد لـ"العين الإخبارية": "واشنطن لن تنصفنا إطلاقا وتهديداتها للدفاع عن المجرمين أمام أهالي الضحايا دليل على مدى الحقد والعنصرية الأمريكية".
وهاجم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، السبت، المحكمة الجنائية الدولية بعد تأكيد صلاحياتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، في مغازلة صريحة ومعتادة للاحتلال الإسرائيلي.
وقال بومبيو إن "المحكمة الجنائية الدولية ليست مؤسسة قضائية، بل كيان سياسي، وليس لها ولاية قضائية على إسرائيل لأنها ليست طرفا في نظام روما الأساسي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية".
غير أن الأم الفلسطينية التي عملت محل ابنتها لأشهر في إسعاف الجرحى، وشاركت في جولة حول العالم لفضح انتهاكات الاحتلال، رأت أن "سياسات أمريكا تشجع إسرائيل على مواصلة جرائمها لأنها توفر لها منصة دعم غير عادية للإفلات من العقاب.
وقالت: "مثل أي أم أموت في اليوم 100 مرة؛ لأن ابنتي قتلت دون وجه حق، وهي تقوم بعمل جليل، والقاتل حر طليق"، مضيفة: "ننتظر أن نرى القتلة في قبضة العدالة وندعو المحكمة لمواصلة عملها حتى النهاية ولا تخشى التهديدات".
وأشارت إلى أنها تقدمت بشكوى للمحكمة الجنائية عبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، لمتابعة قضية ابنتها الشهيدة في مختلف الساحات القضائية، قائلة: "نؤمن أن الحق لا بد أن ينتصر في نهاية المطاف".
موقف غير مستغرب
ويقر الحقوقي الفلسطيني البارز شعوان جبارين، أن تهديدات واشنطن للمحكمة ليست غريبة ولا مفاجئة ولا حتى المدعية نفسها لأن واشنطن سياستها تقوم على مهاجمة والانتقاص من أي جهة تطبق القانون الدولي خصوصا ضد أمريكا وإسرائيل".
وقال جبارين، وهو مدير مؤسسة الحق، وهي واحدة من 4 مؤسسات حقوقية فلسطينية قدمت للمحكمة الجنائية عشرات الوثائق والشكاوى لدعم فتحها التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية: "لن يؤثر تهديد أمريكا؛ بدليل أن المدعية العامة عندما أصدرت مؤسسات إسرائيلية تقارير مؤخرا تحاول ربط المدعية بعلاقات مع الفيدرالية ومعي شخصيا واتهمومها بعدم الحياد ردت بأنها ستقوم بعملها وفق ما تمليه عليها الأمانة والقانون".
وأشار إلى أنه لو كان الأمر يتعلق بدولة غير إسرائيل لرحبت أمريكا بدور المحكمة وأشادت بها، معتبرا أن "سلوك واشنطن أقرب لسلوك العصابات".
وأكد أن أميركا وإسرائيل تلتقيان عند نقطة ترهيب المنظمات الدولية عندما يتعلق الأمر بالتحقيق بجرائمهم.
تهديد سابق وقرار مرتقب
وذكّر بتعرض فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية، والطاقم المساعد في المحكمة وعائلاتهم لتهديدات أمريكية لثنيهم عن التحقيق في جرائم الضباط الأمريكيين بأفغانستان، لكن محكمة الاستئناف قررت أن تمضي المدعية قدما في التحقيق بالجرائم وهذا عزز دور المدعية وأنها لن تخضع للضغوط، وفق تقديره.
ونبه إلى أن أمريكا ليست عضوا في المحكمة وبالتالي لا تساهم بأموال ورسوم للمحكمة، قائلا: "لا أعتقد أن الدول الأعضاء في المحكمة والداعمة لها ستوقف الدعم بسبب إسرائيل".
لكنه أشار إلى أن 7 دول -يشكل دعمهم نحو نصف موازنة المحكمة- دعمت إسرائيل مؤخرا بينهم ألمانيا، قائلا: "نأمل ألا تذهب الدول لوقف الدعم".
وتوقع أن يصدر قرار المحكمة التمهيدية بخصوص فلسطين نهاية الشهر الجاري أو في يونيو/حزيران المقبل، وقال: "نحن مطمئنون أن كل شيء متعلق بالجانب الفلسطيني مكتمل ومتوافرة فيه كل الشروط".
واشنطن تشجع جرائم إسرائيل
واعتبر طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين موقف واشنطن بأنه دليل على تشجيع إدارة ترامب سلطات الاحتلال الإسرائيلي لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو ظريفة لـ"العين الإخبارية" أن هذا الموقف لن يوقف الجهود الفلسطينية لملاحقة الاحتلال وجرائمه، داعيا المجتمع الدولي إلى الخروج من دائرة الصمت وإسناد كل جهد من شأنه تطبيق الشرعية الدولية وقراراتها ومواثيقها، ومحاسبة من يخترقها.
وأدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، مساء السبت، التحذير الأمريكي للمحكمة الجنائية الدولية من السير في التحقيق بـ"جرائم" إسرائيل في الأراضي المحتلة، مؤكدا أنه مرفوض.
واعتبر عريقات في بيان نشره على حسابه بـ"تويتر" أن الموقف الأمريكي يمثل "تدخلا سافرا في عمل المحكمة الدولية، ومرفوض".
تأكيد الصلاحية
وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا جددت تأكيدها، مايو/أذار الجاري، أن للمحكمة صلاحية على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تشمل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وغزة.
وقالت بنسودا في تغريدة على " تويتر" إن "حملات التضليل لا تغير الحقائق المتعلقة بعمل مكتبي فيما يتعلق بحالة فلسطين".
وأضافت: "مكتبي ينفذ تفويضه فيما يتعلق بالوضع في فلسطين بأقصى قدر من الاحتراف والاستقلالية والموضوعة بما يتفق تماما مع نظام روما الأساسي".
ومن المتوقع أن تطلق المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا رسميا في شبهات جرائم الحرب التي ارتكبها مسؤولون إسرائيليون ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وكانت السلطة الفلسطينية طلبت من المحكمة التحقيق في جرائم حرب إسرائيلية تتعلق بالاستيطان والعدوان على غزة واعتقال فلسطينيين.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg جزيرة ام اند امز