يحتفل العالم بعد غدٍ الخميس بـ"اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، للمرة الأولى في تاريخه.
تطبيقاً للقرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في ديسمبر الماضي، باعتبار يوم 4 فبراير من كل عام يوماً دوليًّا للأخوة الإنسانية، بناء على المبادرة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الأشقاء في كل من البحرين ومصر والسعودية، وهي مناسبة جديرة بأن نتوقف عندها قليلاً لسببين مهمين:
الأول: أن هذه المناسبة الدولية المهمة هي نتاج مبادرة رعتها وطوّرتها دولتنا الحبيبة؛ دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من قناعة تامة بأن تعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش بين الدول والشعوب هو مفتاح تحقيق السلام العالمي ومواجهة نزعات التطرف والعنف والإرهاب، وهذه القناعة ترسخت منذ عهد القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي كرّس حياته لنشر هذه القيم الإنسانية السامية في المجتمع الإماراتي، حتى أصبحت ثقافة مجتمعية عامة، وعمل على نشرها خارج حدود الإمارات، استناداً إلى رؤية تنظر للإنسان بوصفه إنساناً بصرف النظر عن عرقه أو دينه أو طائفته أو ثقافته أو لونه، حتى أصبح، رحمه الله، رمزاً للتسامح والإنسانية داخل الإمارات وخارجها.
وقد تعزز هذا النهج بصورة أكبر في السنوات الأخيرة، حيث عملت قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، على ترسيخه عالمياً كثقافة مؤسسية، ولا سيما مع تنامي نزعات التطرف والإرهاب والكراهية والتعصب التي غزت العالم. وتجسد هذا واضحاً في استضافة الدولة في فبراير 2019 أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين؛ بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر والتصدي للتطرف الفكري والديني، وقيامها بجمع ممثلي أكبر ديانتين في العالم؛ وهما الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، على أرض الإمارات، ورعاية توقيعهما على أهم وثيقة في التاريخ الحديث لتعزيز الحوار الديني ونشر ثقافة التسامح والحوار والسلام؛ وهي "وثيقة الأخوة الإنسانية"، التي اعتُمد يوم توقيعها في الرابع من فبراير، يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية؛ تأكيداً لأهميتها وأهمية القيم التي تدعو إليها. ومن ثم فإن هذه المناسبة الدولية المهمة هي صناعة إماراتية بامتياز، وتمثل تأكيداً على أهمية الدور الذي تلعبه دولة الإمارات لنشر ثقافة السلام والتسامح والأخوة الإنسانية في العالم كله.
السبب الآخر يتعلق بأهمية هذه المناسبة الدولية، التي تأتي في توقيت يشهد فيه العالم تنامياً في الأعمال التي تدعو إلى الكراهية الدينية وتؤدي إلى تقويض روح التسامح واحترام التنوع، لا سيما في وقت يواجه فيه العالم الأزمة غير المسبوقة الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، التي تتطلب اتخاذ تدابير عالمية تقوم على تعزيز قيم الوحدة والتضامن والتعاون متعدد الأطراف، وفق تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس. ومن ثم فإن هذه المناسبة الدولية تأتي لتعزز الوعي الدولي بأهمية بذل جهد أكبر لنشر قيم التعاون والتسامح والأخوة الإنسانية بين المجموعات البشرية والدينية المختلفة، وتأكيد أهمية نبذ خطابات الكراهية والتطرف التي تهدد حالة التعايش السلمي بين الشعوب والدول بكل صورها وأشكالها.
ومن المعروف أن الأيام الدولية بشكل عام هي مناسبات لتثقيف الناس حول العالم بشأن القضايا ذات الأهمية، وتعبئة الموارد والإرادة السياسية لمعالجة المشاكل العالمية والاحتفال بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها، وبالتالي فإن هذه المناسبة الدولية، وما سيرافقها من فعاليات توعوية حول العالم كله، ستسهم بلا شك في تعزيز الوعي العالمي بقيمة الأخوة الإنسانية، وهو أمر تسعى الإمارات إلى تحقيقه وتعمل من أجله.
إن الاحتفال باليوم الدولي الأول للأخوة الإنسانية هو تذكير لجميع الدول والشعوب بأهمية العمل على ترسيخ هذه القيمة السامية، باعتبارها الأساس لتحقيق الأمن والسلام والرخاء ومواجهة نزعات التطرف والكراهية في العالم كله، ورسالة لا لبس فيها للعالم كله بأن الإمارات دولة تنشد الأمن والسلام والاستقرار ليس لشعبها فقط، وإنما لكل شعوب العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة