الاحتفال باليوبيل الفضي لليوم العالمي للغة الأم.. نحو عالم متعدد الثقافات

في هذا العام، تحتفل اليونسكو باليوبيل الفضي لليوم العالمي للغة الأم، الذي يوافق الذكرى الخامسة والعشرين من تأسيسه، للتركيز على التحديات التي تواجهها اللغات، خصوصًا تلك المهددة بالاندثار.
يعد اليوم العالمي للغة الأم مناسبة سنوية مهمة تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على اللغات الأم باعتبارها أساسًا لنقل المعرفة وتطوير المجتمعات.
لماذا يحتفل العالم باليوم العالمي للغة الأم؟
تعتبر اللغات عنصرًا أساسيًا في التعليم والتنمية المستدامة، حيث تساهم في تعزيز التواصل الاجتماعي وتسهيل عمليات التعلم. ومن المؤكد أن الطلاب الذين يتعلمون بلغاتهم الأم يظهرون نتائج تعليمية أفضل في الفهم والمشاركة والتفكير النقدي. إلى جانب ذلك، يعزز التعليم المتعدد اللغات التفاهم الثقافي ويدعم المجتمعات الشاملة التي تشجع التنوع.
ومع ذلك، يواجه العالم تحديات كبيرة تتعلق بحماية اللغات الأصلية واللغات الأقليات، التي ما زالت في خطر الانقراض. وفقًا للموقع الرسمي للأمم المتحدة، تشير التقديرات إلى أن لغة تختفي كل أسبوعين، وهو ما يعنى ضياع التراث الثقافي والفكري الذي كانت تلك اللغات تمثله.
فقد أظهرت تقارير منظمة اليونسكو أن هناك أكثر من 7000 لغة قيد الاستخدام حاليًا، لكن القليل منها فقط يتم استخدامه في التعليم والمجالات العامة، مما يعكس ضعف الاهتمام بالتنوع اللغوي في العالم الرقمي.
أهمية الاحتفال باللغة الأم
أهمية هذه اللغات لا تقتصر على حفظ التراث الثقافي فقط، بل تشمل أيضًا تعزيز العيش المشترك بين مختلف المجتمعات وتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة. التعليم متعدد اللغات لا يساهم فقط في ضمان وصول التعليم للجميع، بل يعزز أيضًا احترام ثقافات الشعوب المختلفة ويزيد من وعيهم بالتقاليد اللغوية الخاصة بهم.
منذ إعلان اليونسكو لأول مرة عن اليوم العالمي للغة الأم في عام 1999، كانت المبادرة بمثابة إقرار عالمي بأن اللغات لها دور محوري في التعليم والحفاظ على التنوع الثقافي. وقد تم دعم هذا القرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2002.
كما عملت اليونسكو من خلال مشروعات استراتيجية مختلفة على تعزيز اللغة والثقافة في مختلف أنحاء العالم، من خلال تبني سياسات لغوية وطنية تهدف إلى صون اللغات المهددة.
جهود اليونسكو للحفاظ على اللغة الأم
تتمثل أهم التحديات الحالية في توفير بيئات تعليمية تُدعم باللغات الأم، إضافة إلى تطوير السياسات اللغوية التي تُشجع على استخدام جميع اللغات في التعليم والمجال العام. في هذا السياق، تمثل جهود اليونسكو في هذا المجال أداة استراتيجية هامة لدعم المجتمعات المتعددة الثقافات، وتشجيع الحوار بين الثقافات من خلال التعدد اللغوي.
ويؤكد هذا اليوم ضرورة التعاون الدولي لحماية اللغات المهددة، حيث إن تدمير أي لغة يؤدي إلى فقدان جزء من التنوع الثقافي، وبالتالي فإننا بحاجة إلى الالتزام الجماعي لضمان استمرار تنوع الألسن في كافة أنحاء العالم، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمعات أكثر استدامة وإنسانية.