شركات الشحن العالمية والبحر الأحمر.. نعمة تحولت إلى نقمة «مؤقتة»
ما زالت قائمة الشركات العالمية التي تعلق أنشطتها عبر البحر الأحمر تتوسع يوما بعد يوم، رغم الإعلان عن عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة الدولية.
ومساء الإثنين، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، عن عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر في أعقاب هجمات الحوثيين.
وتضم الدول المشاركة في العملية التي تقودها أمريكا: بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وستنفذ تلك الدول دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
- البنتاغون يحذر: هجمات الحوثيين تشكل تهديدًا لحرية التجارة العالمية
- قناة بنما تتحدى الجفاف.. عائدات قياسية تُقدر بـ3.3 مليار دولار خلال عام
أما على صعيد الشركات الدولية فقد أعلنت مجموعة "ولينيوس فيلهلمسن" البحرية، اليوم الثلاثاء، أنها قررت تعليق جميع الرحلات بالبحر الأحمر حتى إشعار آخر.
قالت "ولينيوس فيلهلمسن" إنها أعادت توجيه جميع السفن المقرر أن تعبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح بسبب تدهور الوضع الأمني في المنطقة.
وتابعت أنه تم بنجاح تحويل مسار عدة سفن كان من المزمع أن تعبر من البحر الأحمر، قائلة "ليست لدينا سفن في المنطقة أو متجهة إليها".
وكانت شركات شحن عالمية عدة، بينها "إيفرغرين" التايوانية، و"ميرسك" الدنماركية، و"سي إم إيه" الفرنسية، و"هاباغ لويد" الألمانية، وشركة "بريتش بتروليوم"، وغيرها أعلنت وقف نشاطها بالبحر الأحمر حتى إشعار آخر.
سفن تجارية تخفي مواقعها
يرسو عدد من سفن الحاويات في البحر الأحمر وأوقف عدد آخر أنظمة التتبع لديها، بينما يعدل التجار مسارات رحلاتهم وأسعارها بسبب الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثيين على طريق التجارة الرئيسي بين شرق العالم وغربه.
وأثارت الهجمات التي وقعت في الأيام الماضية على السفن في طريق الشحن الرئيسي في البحر الأحمر مخاوف من تعطل التجارة الدولية مجددا على غرار ما حدث في أعقاب الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
ويرتبط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس، التي تشكل أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا. ويمر نحو 12% من حركة الشحن العالمية عبر القناة.
وقالت شركات شحن كبرى، منها هاباغ لويد وإم.إس.سي وميرسك، وشركة النفط الكبرى بي.بي ومجموعة ناقلات النفط (فرونت لاين)، إنها ستتجنب طريق البحر الأحمر وستغير مسار رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح الذي يمر بالجزء الجنوبي من أفريقيا.
لكن العديد من السفن لا تزال تبحر في الممر المائي. وأظهرت بيانات من (إل.إس.إي.جي) وجود حراس مسلحين على متن عدد من السفن التي تبحر حاليا.
وجاء في البيانات أن ما لا يقل عن 11 من سفن الحاويات التي مرت عبر قناة السويس وتقترب من اليمن حاملة سلعا استهلاكية وحبوبا لدول مثل سنغافورة وماليزيا، ترسو الآن في البحر الأحمر بين السودان والسعودية.
وأظهرت البيانات أن أربع سفن حاويات تابعة لشركة (إم.إس.سي) في البحر الأحمر أوقفت تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال لديها منذ يوم الأحد، حتى لا يرصد أحد مكان وجودها على الأرجح.
وقال إيوانيس باباديميتريو، كبير محللي الشحن في فورتيكسا، إن بعض السفن تحاول إخفاء مواقعها عن طريق إرسال إشارات تظهر أنها في مواقع أخرى كإجراء احترازي عند دخول الساحل اليمني.
وأوقفت شركة ميرسك الدنماركية يوم الجمعة عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر بعد "حادث وشيك" تعرضت له سفينتها (ميرسك جبل طارق) يوم الخميس. وأظهرت بيانات (إل.إس.إي.جي) أن عددا من السفن الراسية في البحر الأحمر تابعة لشركة ميرسك.
وقالت الشركة اليوم الثلاثاء، إن السفن التي أوقفت رحلاتها في وقت سابق وكانت من المقرر أن تبحر عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن ستغير مسارها حول أفريقيا.
ودخلت مليشيات الحوثيين في الصراع بين إسرائيل وحركة (حماس) من خلال مهاجمة السفن في ممرات الشحن الحيوية وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، على بعد أكثر من 1600 كيلومتر عن العاصمة صنعاء.
وتقول مليشيات الحوثي، إنها تدعم الفلسطينيين الذين يئنون تحت الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليهم في قطاع غزة.
وهاجمت مليشيات الحوثيين سفينتي شحن تجاريتين جنوب البحر الأحمر أمس الإثنين.
وتقول مصادر إن مدى تأثر التجارة العالمية سيتوقف على مدة استمرار الأزمة، لكن أقساط التأمين والطرق الأطول ستشكل أعباء آنية.
وقال باباديميتريو من فورتيكسا، اليوم الثلاثاء، إن تكلفة نقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر إحدى ناقلات (سويزماكس) ارتفعت 25 بالمئة خلال أسبوع.
وقال بنك غولدمان ساكس، أمس الإثنين، إنه من غير المرجح أن يكون لتعطل تدفقات الطاقة في البحر الأحمر آثار كبيرة على أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، لأنه يمكن إعادة توجيه السفن.
وأضاف البنك "تشير تقديراتنا إلى أن عملية إعادة توجيه افتراضية طويلة الأمد لجميع تدفقات النفط (المتجهة شمالا وجنوبا) البالغة 7 ملايين برميل يوميا سترفع أسعار النفط الخام الفورية مقارنة بالأسعار طويلة الأجل بمقدار ثلاثة إلى أربعة دولارات للبرميل".
وقال مشتر آسيوي لمادة النافتا البتروكيماوية التي تصدرها أوروبا، إن السفن التي تنقلها لا تزال تستخدم طريق البحر الأحمر، مشيرا إلى أن عملية إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح ستستغرق ما بين سبعة و14 يوما إضافية.
وقال سماسرة بحريون، إن بعض مالكي ناقلات النفط يدخلون بندا جديدا لإدراج خيار رأس الرجاء الصالح في عقود الشحن التي يبرمونها كإجراء احترازي.
وقال مصدر مطلع بشركة ساينياو اللوجستية التابعة لشركة علي بابا، إن أوقات تسليم الشحنات ورسوم الشحن قد تزيد قليلا، ولكن بشكل عام فإن عملية إعادة توجيه السفن لن يكون لها تأثير يذكر على الأعمال.