يوم المرأة العالمي.. نساء تألقن في حرب كورونا
لعبت النساء دورا بارزا في التصدي لجائحة كورونا وكن في طليعة الكفاح ضد الفيروس التاجي، سواء داخل المستشفيات أو أروقة البحث الأكاديمي.
ورغم أن هذا ليس الحدث العالمي الأول الذي تلعب فيه المرأة دورا محوريا، فإنه الأبرز لتخليد مواقفهن المشرفة والاعتراف بالحواجز التي تغلبن عليها في ظل جائحة بقوة "كوفيد-19".
يحل يوم المرأة العالمي (IWD) 8 مارس/أذار سنويا، بهدف تسليط الضوء على الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للنساء.
وتركز احتفالية 2021 على الفجوات بين النساء والرجال، مع التأكيد على بعض المطالب مثل العمل من أجل تسريع التكافؤ بين الجنسين.
موضوع يوم المرأة العالمي هذا العام هو "في القيادة: تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم COVID-19"، في إشارة إلى الجهود الهائلة التي تبذلها النساء والفتيات حول العالم نحو تشكيل مستقبل أكثر مساواة في ظل جائحة كورونا.
الجائحة تعمق أزمة الباحثات
العوائق والتحديات التي تواجه النساء في مجال العلم كانت موجودة قبل فترة طويلة من انتشار الوباء، لكنها الآن في دائرة الضوء بسبب زيادة عدم المساواة الاجتماعية والمهنية، خاصة في الأوساط الأكاديمية وأبحاث اللقاحات وتطويرها.
ووفقا لبيانات وإحصاءات دولية عرضها موقع MEDICAL NEWS TODAY، فإن النساء يشكلن 28% فقط من القوى العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مع تمثيل أقل في قيادتها، في حين أن أقل من 30% من الباحثين في العالم هم من النساء.
واستند الموقع لعدد من الدراسات التي خلصت إلى أن "النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ينشرن أقل، ويتقاضين رواتب أقل مقابل أبحاثهن، ولا يتقدمن بقدر الرجال في حياتهم المهنية، مع تفاقم الفجوة منذ بداية الوباء".
لكن عمليات الإغلاق التي شهدها العالم أدت إلى تحمل الأكاديميات والعلماء مسؤوليات متزايدة في رعاية الأطفال والأقارب الأكبر سنًا وأفراد الأسرة المرضى. كما واجهت العديد منهن مسؤوليات منزلية متزايدة حيث أصبح العمل والمنزل مكانين لا ينفصلان.
وتشير الأبحاث المنشورة في مجلة "نيتشر" Nature إلى أن "النساء يشكلن 12% من مؤلفي الأبحاث المتعلقة بفيروس كورونا المستجد".
المجلة العلمية البريطانية تحدثت عن تراجع الدور البحثي للنساء، موضحة أن "الأوراق البحثية التي تضم نساء كأول مؤلفين أقل بنسبة 19% في 2020 مقارنة بعام 2019".
ورأى الموقع العلمي أن "مسؤوليات الرعاية المتزايدة للمرأة لم تؤد إلى انخفاض الإنتاج العلمي فحسب، بل أيضًا إلى منعها من تولي المناصب القيادية واتخاذ القرارات المؤسسية، وبالتالي توسيع فجوات عدم المساواة في العلوم والأوساط الأكاديمية".
رائدات في الجائحة
من تمهيد الطريق لاستخدام لقاحات "الرنا المرسال" mRNA، إلى الإشراف على التجارب السريرية واسعة النطاق، أنجزت النساء الكثير من العمل الحاسم في جلب لقاحات "كوفيد-19" إلى العالم.
وخلال الحرب على الفيروس التاجي، لعبت النساء دورا جوهريا سواء بتصدر الصفوف الأمامية داخل المستشفيات أو بالوقوف خلف اكتشاف بعض اللقاحات.
ورغم أن بعض الأسماء قد لا تكون مألوفة، فإنهن وراء الكواليس عملن مع الباحثين والأطباء بلا كلل، في محاولة لحفر طريق للخروج من الوباء.
بعض جهود النساء للتصدي للجائحة بدأت قبل أكثر من 3 عقود، إذ مهدن الطريق لبعض التقنيات الطبية التي أتت ثمارها في إنتاج لقاح سريع يتصدى للفيروس التاجي.
كاتالين كاريكو
من أبرز النساء اللاتي يقفن وراء أمصال "كوفيد-19" كاتالين كاريكو، التي مهدت الطريق أمام لقاحات "mRNA" وعدد لا يحصى من العلاجات المحتملة الأخرى.
بدون الدكتورة كاريكو، ربما لم تكن تقنية "mRNA" التي تشغل لقاحي فايزر وموديرنا ضد فيروس كورونا المستجد موجودة.
أمضت كاريكو، البالغة من العمر حاليا 66 عامًا، أكثر من 40 عامًا من حياتها في البحث عن الرنا المرسال، لكن تم تجاهلها مرارًا وتكرارًا للحصول على تمويل.
في عام 1995، تم تخفيض رتبتها من منصبها في هيئة التدريس في جامعة بنسلفانيا لأن رؤسائها اعتقدوا أن عملها كان بعيد المنال بحيث لا يجذب الاستثمار، ما حدث لها يعادل إعادتك إلى أسفل السلم الوظيفي لعدة عقود.
بينما ركز آخرون على العلاج الجيني، كانت كاريكو مقتنعة بأن الحمض النووي الريبي يحمل الإمكانيات الأكثر إثارة، ونقل موقع "إي بي سي نيوز" ABC News عن كاريكو قولها: "من الخارج يبدو الأمر وكأنك كافحت، لكن لا، لقد استمتعت".
اعتاد زوج وابنة كاتالين على عملها في عطلات نهاية الأسبوع. وتقول إن زوجها فهم أن "هذه ليست وظيفة للجميع".
الدكتورة كاتالين تشغل الآن منصب نائب رئيس أول في شركة بيونتك BioNTech الألمانية التي تقف وراء لقاح فايزر.
ماهشي راماسامي
الطبيبة الأسترالية السريلانكية ماهشي راماسامي هي كبير الأطباء في تجارب لقاح أوكسفورد المضاد لفيروس كورونا، وهي المسؤولة عن الإشراف على سلامة 23000 مشارك في المملكة المتحدة وحول العالم.
راماسامي، التي عملت ذات يوم في مستشفى بالارات بيس الأسترالية، تعيش الآن في أكسفورد مع زوجها طبيب الأورام و3 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 15 و13 و10 سنوات.
تقسم وقتها بين كونها طبيبة استشارية وباحثة رئيسية لمجموعة أكسفورد للقاحات، وزميلة ومعلمة في كلية ماجدالين.
وتعمل في العادة على تجربتين أو 3 تجارب في السنة مع 20 أو 30 شخصًا فقط في موقع واحد.
تقول الباحثة: "كان هذا وحشًا مختلفًا تمامًا.. أصعب شيء كان محاولة إعداد دراسة بهذا الحجم بسرعة في منتصف فترة الإغلاق".
لقد كان تحديًا كبيرًا لتجنيد 12000 مشارك من المملكة المتحدة، وإبقائهم بعيدًا اجتماعيًا وتأمين معدات الوقاية الشخصية الكافية، كل ذلك أثناء التعامل مع المصلحة العامة المكثفة.
وتضيف الطبيبة للموقع الأسترالي: "بصفتي باحثة تنشر بحثًا بين الحين والآخر ولا أحد يعير اهتمامًا كبيرًا، لكن خلال الجائحة كان هناك الكثير من التدقيق. من الرائع أن يتفاعل الناس مع العلوم".
أصبحت راماسامي مهتمة باللقاحات والمناعة منذ كانت في المدرسة الثانوية، عندما كانت الملاريا وحمى الضنك والتهاب الدماغ الياباني من المشاكل الصحية العامة الرئيسية.
أما بالنسبة لعملها على لقاح "كوفيد-19" فهي لم تنته بعد، وتقول إنه لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي يتعين الإجابة عليها.
وتوضح: "أفكر دائمًا أنه سنصل إلى هذه النقطة ونأخذ قسطًا من الراحة، لكن هناك دائمًا النقطة التالية، والتالية، وهكذا".
كاثرين جرين
يمكن إرجاع لقاح أكسفورد/أسترازينيكا ضد الفيروس التاجي، الذي يتم تصنيعه حول العالم حاليا، للدكتورة كاثرين جرين.
تقول: "صنعنا بضع مئات من اللقاحات لأول التجارب السريرية في المملكة المتحدة، وشحننا بعضها إلى أسترا زينيكا AstraZeneca لبدء تصنيع دفعات أكبر".
تقود جرين مرفق التصنيع الحيوي السريري في جامعة أكسفورد، جنبا إلى جنب مع فريقها المكون من 29 شخصًا بينهم 18 امرأة، وضعت تصميم الحمض النووي للبروفيسور سارة جيلبرت في الخلايا، ما جعل الفيروس الذي أصبح اللقاح.
وتقول لموقع "إي بي سي نيوز" إن فريقها استغرق 65 يومًا من تلقي الحمض النووي في فبراير، لبدء التجربة السريرية الأولى على البشر في 23 أبريل.
وتضيف: "عادة ما يستغرق الأمر نحو 6 أشهر، لأننا سنختبر في كل مرحلة وننتظر النتائج. لهذا افترضنا أن الاختبار سيكون على ما يرام وبدأنا المرحلة التالية قبل ذلك كانت النتائج الإلكترونية".
تتذكر اليوم الذي تم فيه وضع المادة النهائية المنقاة في عازل المختبر لتكون جاهزة لوضعها في قوارير. جاء أحد أعضاء فريقها "يرقص خارج غرفة الأبحاث".
وتقول: "كانت هذه هي المرة الأولى التي علمنا فيها أن لدينا لقاحًا كافيًا لبدء التجارب، ثم قيل لنا إن البيانات تبدو جيدة، والمتطوعون الذين تم تلقيحهم كانوا يصنعون الأجسام المضادة والخلايا المناعية الصحيحة".
وتتابع: "كان هذا أول دليل على أن اللقاح الذي صنعناه سيعمل حقًا في البشر".