تسمم الماء.. عندما يهدد الإفراط في الشرب بالوفاة
يُعرف الماء بأنه أحد أفضل الحلول العلاجية لأي مرض وأن استهلاك الكثير منه يفيد الجسم، لكن الأبحاث خلصت إلى أن الإفراط فيه يقود للتسمم.
من المعروف أن جسم الإنسان يتكون من 60% من الماء، ووجود المياه ضروري لأداء العديد من الوظائف لكن الشرب الزائد ليس صحيًا لجسمك ويسبب تسمما، لذا من المهم معرفة الكمية التي يجب استهلاكها في اليوم.
ويحمل الماء المغذيات إلى الخلايا ويطرد السموم وينظم درجة الحرارة ويسمح للجسم بامتصاص واستيعاب المعادن والفيتامينات والأحماض الأمينية والجلوكوز والمواد الأخرى، وأيضا يلعب الماء عدة أدوار مهمة، بما في ذلك ترطيب المفاصل، ويشكل اللعاب والمخاط ويعزز صحة الجلد.
وفقًا للأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب، فإن كمية السوائل اليومية الكافية للرجال تبلغ نحو 15.5 كوبًا (3.7 لترًا)، بينما تبلغ 11.5 كوبًا (2.7 لترًا) من السوائل يوميًا للنساء.
ومع تفشي وباء "كوفيد-19" وتتابع التقارير عن أهمية شرب السوائل بكثرة بما فيها الماء، اتخذ البعض خطوات جذرية لحماية أنفسهم من الفيروس التاجي عبر شرب كمية زائدة من المياه، لكن انتهى بهم المطاف في المستشفى.
خلصت العديد من الدراسات إلى نتائج مختلفة على مر السنين، لكن احتياجاتك الفردية من المياه تعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك صحتك ومدى نشاطك والمكان الذي تعيش فيه.
ما هو تسمم الماء؟
يعرف تسمم المياه طبيا بأنه "اضطراب في الأداء السليم والسلس للدماغ الذي ينتج عن شرب الكثير من الماء".
إن استهلاك الكثير من الماء يشير إلى الأداء غير السليم للكلى، ويمكن أن يؤدي تسمم الماء إلى زيادة الحمل غير الضرورية على عضلات القلب ويمكن أن يتسبب في خفض ضغط الدم.
إلى جانب ذلك، فإن شرب الماء الزائد ليس مفيدًا لصحتك لأنه يضعف قدرة الكلى على إفراز كمية الماء الزائدة ويخفف الصوديوم في الجسم، وتُعرف هذه الحالة بـ"نقص صوديوم الدم"، ويمكن أن تكون مهددة للحياة.
للتوضيح أكثر، فإن شرب الكثير من الماء يمكن أن يزيد من كميته الموجودة في الدم، ما يؤدي بدوره إلى تخفيف الإلكتروليتات خاصة الصوديوم.
ومن المعروف أن الصوديوم يساعد في الحفاظ على توازن السوائل داخل وخارج الخلايا، وعندما تنخفض مستوياته إلى أقل من 135 مليمول لكل لتر (مليمول/لتر)، تنتقل السوائل من الخارج إلى داخل الخلايا، ما يؤدي إلى تورمها.
أيضا بدون الصوديوم لتنظيم توازن السوائل داخل الخلايا يمكن للدماغ أن ينتفخ، واعتمادًا على مستوى المضاعفات يمكن أن يؤدي تسمم الماء إلى غيبوبة أو حتى الموت.
وتشمل أعراض نقص صوديوم الدم: التعب والقيء والضعف والمشية غير المستقرة والتهيج والارتباك والتشنجات.
مخاطر شرب الماء الزائد
نقص صوديوم الدم ليس المشكلة الصحية الوحيدة التي يسببها الإفراط في شرب الماء يوميا، لكن هناك مجموعة من المضاعفات الصحية الخطيرة منها:
1- انخفاض أيونات البوتاسيوم
حالة تنتج عن الإفراط في ترطيب الجسم، إذ يحدث اضطراب في التوازن بين أيونات البوتاسيوم داخل الخلايا وخارجها عندما يشرب الشخص الكثير من الماء، ما يؤدي هذا إلى الإسهال الشديد والتعرق لفترات طويلة.
2- أضرار جسيمة بأنسجة العضلات والدماغ
يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الصوديوم في الجسم إلى السماح للماء بدخول الخلايا من خلال غشاء الخلية شبه القابل للنفاذ، ما يسبب تورمًا في الخلايا التي بدورها تتسبب في إلحاق أضرار جسيمة بأنسجة العضلات والأعضاء والدماغ للشخص.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى حالات إعاقة في الكلام والارتباك وعدم استقرار المشي والذهان وحتى الموت.
3- التعب والإرهاق
يمكن أن يسبب الاستهلاك المفرط للماء التعب والإرهاق، حيث تم تصميم الكلى البشرية لتصفية الماء الذي يشربه الشخص، كما أنه يحافظ على مستويات السوائل في مجرى الدم.
مع الاستهلاك المفرط للمياه، قد تتعرض كليتك للضغط للعمل بشكل أكبر، ما يخلق رد فعل مرهق من هرموناتك التي تترك جسمك وأنت متوتر ومتعب.
4- التبول المتكرر
يمكن أن يؤدي شرب الكثير من الماء في فترة زمنية قصيرة إلى التبول المتكرر ودخول الحمام كل 30 دقيقة، لأن الكلية تحت ضغط مستمر للعمل، ونتيجة لذلك يندفع الشخص إلى الحمام مرارًا وتكرارًا. يحدث التبول المتكرر أيضًا عندما يفشل جسمك في امتصاص كمية إضافية من السوائل.
جائحة كورونا
كاد رجل من المملكة المتحدة أن يموت بعد شرب 5 لترات من الماء يوميًا في محاولة لعلاج فيروس كورونا.
وتناول لوك ويليامسون (34 عامًا) الكثير من السوائل، ونتيجة ذلك أخرج كل الصوديوم الطبيعي تقريبًا من جسده، وكاد أن يموت.
كان ويليامسون، موظف حكومي من بريستول، يعتقد أنه كان يعاني من Covid-19، لذا بدأ في شرب 4 إلى 5 لترات من الماء يوميًا، وهو ضعف الكمية اليومية الموصى بها.
لكن الحجم المتزايد تسبب في تسمم الماء، ما يعني أن مستويات الملح في جسمه انخفضت بشكل خطير، ونقل إلى المستشفى حيث ظل على جهاز التنفس الصناعي لمدة يومين.
في حين يُنصح الذين ثبتت إصابتهم بكورونا بشرب الكثير من الماء لتجنب الجفاف، فإن هذه الطريقة ليست فعالة للمساعدة في الوقاية من الفيروس، ولم يثبت الأطباء مثل هذا الشيء أيضًا.
حتى الآن لا توجد صيغة واحدة تناسب الجميع فيما يتعلق بكمية الماء الذي يجب أن يستهلكها كل شخص يوميا، ويفضل متابعة كل فرد مع اختصاصي تغذية لتحديد كمية المناسبة.
aXA6IDMuMTQ1LjkzLjIyNyA= جزيرة ام اند امز