مخترعا جهاز إنتاج أوكسجين المريخ لـ"العين الإخبارية": نتابع بشغف رحلة مسبار الأمل
هل يمكن أن تصبح المياه المالحة التي أعلنت "ناسا" توفرها بالمريخ في سبتمبر 2015، مفيدة لرواد الفضاء في المستقبل؟
حتى وقت قريب جدا كانت الإجابة على هذا السؤال تبدو بلا قيمة، لكن تبدلت الأحوال وأصبحت مفيدة جدا بعد نجاح فريق بحثي من جامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميزوري الأميركية، في ابتكار تكنولوجيا تستخدم الكهرباء لانتاج الأكسجين اللازم للحياه والطاقة باستخدام هذه المياه.
ومنذ تم الإعلان عن هذه التكنولوجيا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)"، وهناك تساؤلات في حاجة إلى إجابة حول الشكل التطبيقي للإستفادة من هذه التكنولوجيا:
فهل سيكون مثلا في صورة جهاز يسافر مع رواد الفضاء في رحلاتهم؟
وما مصدر الكهرباء الذي يمكن استخدامه في المريخ لتفعيل هذه التكنولوجيا؟
وكيف تكون رحلات المركبات الفضائية إلى المريخ مثل "مسبار الأمل" مفيدة في تقديم بيانات ومعلومات لتطويرها؟
هذه الأسئلة وغيرها كانت الإجابات عليها محور تصريحات خاصة أدلى بها الباحثان الرئيسيان في الفريق البحثي مطور هذه التكنولوجيا لـ "العين الإخبارية".
ويقول الدكتور شريهاري سانكاراسوبرامانيان، من قسم الطاقة والبيئة والهندسة الكيميائية، وأحد الباحثين الرئيسيين بالدراسة، إن الشكل المقترح لهذه التكنولوجيا سيكون جهاز يتم إرساله مع رواد الفضاء إلى المريخ، وبمجرد وصولهم إلى هناك، يستخدمون محلول البركلورات الملحي (الماء المالح) المتاح هناك كمدخل تغذية ويستخدمون الجهاز لإنتاج الهيدروجين (كوقود للصواريخ) والأكسجين (لدعم الحياة).
والتكنولوجيا التي يقوم عليها الجهاز، هي عبارة عن محلل كهربائي معياري، وسبق أن فكرت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" في هذا التوجه، عبر إنتاج الأكسجين من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء باستخدام التحليل الكهربائي.
كانت النتيجة كمية من الأكسجين غير مشجعة، ولكن النظام الذي وضعه شريهاري ورفاقه، ينتج كمية من الأكسجين تزيد بمقدار 25 مرة عن المحاولات السابقة، كما أنه ينتج الهيدروجين، والذي يمكن استخدامه لتزويد رواد الفضاء في رحلات العودة إلى الأرض.
ويشتمل المحلل الكهربائي الجديد الخاص بالفريق البحثي على أنود وكاثود من مكونات مختلفة، وتم تصميمها بدقة وعناية، بما يسمح بالعمل دون الحاجة إلى تسخين أو تنقية مصدر المياه.
ويوضح شريهاري، أنه اعتمادا على الطاقة الاستيعابية لرواد الفضاء يمكن إرسال وحدة واحدة من الجهاز أو أكثر.
وعن مصدر الكهرباء اللازم لتشغيل الجهاز، يقول: "سيشترك المحلل الكهربائي في نفس مصدر الطاقة الخاص بمركبة الهبوط التي تصل إلى المريخ، وأتخيل أن مصدر الكهرباء في مركبات الهبوط النموذجية سيكون الألواح الشمسية، كما أن استخدام المولدات الكهروحرارية بالنظائر المشعة (RTG) ممكنة أيضًا".
وأبدى شريهاري تطلعه للبيانات التي سيوفرها مسبار الأمل الإماراتي، قائلا: "مهتم بشكل خاص بما يكتشفه هذا المسبار فيما يتعلق بدورة المياه على المريخ، ويمكن أن يساعد هذا المسبار بشكل مباشر في تحديد مناطق المريخ التي تحتوي على المزيد من موارد المياه، حيث يمكن نشر تقنية المحلل الكهربائي الخاصة بنا، وأتمنى للعلماء الإماراتيين كل التوفيق في جهودهم الفضائية".
ومن جانبه، يقول الدكتور فيجاي راماني، الأستاذ بقسم الطاقة والهندسة البيئية والكيميائية، وأحد الباحثين الرئيسين بالدراسة، إن التكنولوجيا الخاصة بهم لم تتعدى حتى الآن نطاق المختبر، مشيرا إلى أن تصغيرها في جهاز مضغوط يسمح لرواد الفضاء أخذه معهم ليس بالأمر الصعب.
والخطوة التالية التي سيعمل عليها ورفاقه هي إنتاج الجهاز وتعزيز الأداء والكفاءة، وتقليل وزنه وحجمه.
ويقول راماني: "نتطلع لتحقيق ذلك عبر الدخول في شراكة مع الوكالات الفضائية، مثل وكالة ناسا، أو الوكالات المماثلة في البلدان الأخرى بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، لإجراء الاختبارات الميدانية والتحسين، ولتمهيد الطريق لتضمين هذا الجهاز للتقييم على المريخ، من خلال مهمة (روفر) بدون طيار أو ربما مهمة مأهولة في المستقبل".
وأعرب راماني أيضا عن تطلعه للبيانات التي سيوفرها مسبار الأمل الإماراتي، قائلا: "آمل أن يساعد في تحديد كميات المياه المالحة ورسم خرائط لها على سطح المريخ وتحته، وآمل أن أكون قادرًا على العمل بشكل وثيق مع وكالات الفضاء، بما في ذلك وكالة الفضاء الإماراتية ومركز محمد بن راشد للفضاء، لمواصلة تطوير هذه التكنولوجيا وإضفاء الطابع الرسمي عليها".