منحنى العائد المقلوب.. إنذار مبكر قبل الركود العالمي
منحنى العائد المقلوب، مفهوم أشار إليه اقتصاديون في كندا كمؤشر يحذرنا من الركود المحتمل الذي يتوقعه الكثير للسنوات المقبلة.
السندات قصيرة الأجل حاليًا تأتي بعوائد أعلى من السندات طويلة الأجل في انعكاس للنمط المعتاد، حيث كان العائد على السندات قصيرة الأجل لمدة عامين في كندا مثبتا عند 3.8%، في حين بلغ عائد السندات ذات الـ10 سنوات 2.8%.
ماذا يعني العائد المقلوب وما أهميته؟
يقول أستاذ المالية في جامعة ديوك، كامبل هارفي، والذي يُنسب إليه الفضل في اكتشاف العلاقة بين منحنيات العائد المقلوب والنمو الاقتصادي إن منحنيات العائد المقلوب أخبار سيئة للغاية. لقد سبق هذا النموذج، بشكل موثوق، فترات الركود في الولايات المتحدة وكندا على مدى العقود القليلة الماضية.
وأوضح هارفي، إن منحدر منحنى العائد الإيجابي مفيد للنمو الاقتصادي، بينما "الثابت أو السلبي سيئ". ولقد سمحت هذه القراءة للنموذج بالاستفادة منه كإنذار مبكر لحدوث حالة الركود.
وكشف هارفي عن أن السندات طويلة الأجل عادة ما يكون لها أسعار فائدة أعلى من تلك قصيرة الأجل، مع "اتخاذ استثمارات طويلة الأجل" والتي تعتبر بشكل عام أكثر خطورة.
لكن في بعض الأحيان ينعكس النمط، بسبب عوامل مثل تخلي الناس عن الأصول ذات المخاطر العالية، كالأسهم والاستثمار في سندات الخزانة الحكومية التي تعتبر أكثر أمانًا، على حد قوله.
كما أن هناك عاملا آخر محتملا، وهو التضخم المتزايد، الذي يدفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل استجابة لذلك، وتتخذ البنوك المركزية في كل من كندا والولايات المتحدة هذا التكتيك في الوقت الحالي، وفقا لـ"هارفي"، الذي أشار إلى أن الاتجاه السياسي أدى إلى تباطؤ اقتصادي وركود في الماضي.
ومن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة تورنتو، أنجيلو ميلينو، إن منحنى العائد يعكس ما تعتقد الأسواق أنه سيحدث، وفي الوقت الحالي يُظهر توقعًا لانخفاض أسعار الفائدة.
وفقا لـ"bnnbloomberg.ca"، قال ميلينو، في مقابلة عبر الهاتف: "إن منحنى العائد يخبرك أن الناس يعتقدون إما أنهم سيحصلون على تضخم أقل في المستقبل وإما سيحصلون على أسعار فائدة حقيقية أقل في المستقبل بسبب الركود، أو كليهما".
ما هي إمكانية الهبوط الهادئ؟
أشارت الأبحاث التي نشرها مجلس المؤتمر الكندي في أكتوبر/تشرين الأول، إلى بيانات منحنى العائد في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول في كندا كدليل على تراجع معنويات المستثمرين وتوقعات السوق السلبية، لكنها أشارت إلى أن هذا النمط "لا يشير بالضرورة إلى أن الركود بات وشيكًا".
وأكد الخبير الاقتصادي في كونفرنس بورد، ديفيد ريستوفسكي: "ما يخبرنا به انعكاس منحنى العائد هو أن معنويات المستثمرين قد تضاءلت، وازداد خطر الركود".
وأشار ريستوفسكي، في مقابلة، إلى أن انعكاس منحنى العائد قد نما منذ نشر التحليل الصادر عن كونفرنس بورد. وقدرت المنظمة مخاطر حدوث ركود في الإثني عشر شهرًا القادمة بأنها مرتفعة نسبيًا، لكنها لا تتوقع ركودًا تامًا.
وقال ريستوفسكي: "نحن ندعو إلى مزيد من النمو الراكد بدلاً من الركود الفني المباشر".
ما هو الهبوط السلس؟
قال هارفي إنه يرى أن هناك مجالًا لـ"هبوط سلس" بالنظر إلى الصورة الحالية لسوق العمل، مع زيادة الطلب على العمالة، مما يساعد بعض القطاعات على التعافي سريعًا من عمليات التسريح.
كما أشار إلى التضخم قصير الأجل، والذي يقف حاليًا أعلى مما يتوقعه الناس على المدى الطويل، باعتباره "بطاقة أساسية" أخرى في اتجاه النمو الاقتصادي.
وقال: "من الممكن أن نتجنب الركود من الناحية الفنية مع استمرار النمو البطيء".
فيما قال ميلينو إن منحنى العائد المقلوب هو إشارة "مثل طائر الكناري في منجم الفحم" تشير إلى حدوث تراجع اقتصادي قادم، ولكن يجب أخذها في الاعتبار مع عوامل أخرى
ماذا يجب أن تفعل البنوك المركزية؟
بعد الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في الولايات المتحدة وكندا وباقي دول العالم، ماذا تفعل البنوك المركزية؟
قال هارفي إنه ينصح البنوك المركزية في كندا والولايات المتحدة بإدخال زيادات أقل من المتوقع في أسعار الفائدة لتجنب تجاوز هدفها المتمثل في خفض التضخم.
وأكد أن الاستمرار في رفع أسعار الفائدة لفترة أطول من اللازم قد (يتدحرج) إلى الركود، وربما الركود الصعب المروع الذي لا يريده أحد.
وهو الأمر الذي يؤكده ريستوفسكي، حيث قال إنه إذا قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة، فيفضل أن يكون الرفع بزيادة أقل من الزيادات الأخيرة.
واعترف بمخاطر رفع أسعار الفائدة المركزية بشكل مفرط وبسرعة كبيرة، مشددا على ضرورة خفض التضخم دون الإضرار بالاقتصاد.
aXA6IDE4LjExOC4zNy44NSA=
جزيرة ام اند امز