قبل أن تستثمر في البورصة.. هل تعرف متى تبيع الأسهم؟
إن قرأت التاريخ تقود لاستقراء المستقبل، خاصة في الاقتصاد وتحديدا عند مستثمري البورصة الراغبين في معرفة التوقيت المناسب لبيع الأسهم.
تاريخيا سأل أحدهم المستثمر الأمريكي الشهير "برناردباروخ" ذات مرة: كيف أصبحت ثريا؟ فأجاب الرجل قائلا: لقد جنيت أموالي عن طريق البيع قبل فوات الأوان.
من هنا تبرز الحقيقة الأولى لكثير من مستثمري سوق الأسهم الذين يمتلكون القدرة على التقاط أفضل الأسهم في السوق غير أنهم في الوقت ذاته فاشلون في تحديد أفضل وقت للتخارج من هذه الأسهم أو بيعها، أغلبنا يقع في حب الأسهم الرابحة في محفظته ولا يرغب في التخلي عنها.
- قبل أن تستثمر في بيتكوين والعملات الرقمية.. 6 معلومات عليك معرفتها
- قبل أن تسافر.. تعرف على مدة الحجر الصحي بأشهر مدن العالم
- قبل أن تشتري سيارة مستعملة.. لا تقترب من هذه القائمة نهائيا
لذلك ربما يعد سؤال "متى أتخلى عن السهم؟" هو أصعب الأسئلة التي يوجهها جمهور المشاركين في سوق الأسهم كل يوم، والسطور التالية تحاول إلقاء نظرة سريعة على ثلاثة عوامل من شأنها مساعدة المستثمر على معرفة الوقت الأمثل للبيع.
سبب شراء الأسهم
ربما يقدم البعض على شراء السهم "س" بناء على امتلاك الشركة لميزة تنافسية تضعها في المقدمة أمام كل اللاعبين بنفس القطاع، ولكن إذا تغير هذا الوضع وفقدت الشركة ميزتها التنافسية لأي سبب فيجدر بك ألا تعيش في حالة من الإنكار لواقع جديد وانتظار ما لن يأتي أبدًا، لأن استمرارك في الاحتفاظ بالسهم في تلك الحالة لن يزيدك إلا خسارة.
هذا السهم حتما سيتراجع بمجرد أن يدرك جمهور المستثمرين حقيقة أن أساسياته تتدهور أو تسير في الاتجاه الخاطئ، لذلك من الأفضل أن تبيع مبكرا بخسارة صغيرة؛ لكي تجنّب نفسك ويلات الخسارة الكبيرة التي ستصبح واقعًا بمجرد انخفاض سعر السهم مستقبلًا ليعكس حالة أساسياته المتراجعة.
أما إذا كان تراجع السهم هو نتيجة هزة عابرة بينما لا تزال حالة الأساسيات صلبة فقد تمثل تلك الانتكاسة المؤقتة فرصة لشراء المزيد من ذلك السهم بعد أن ينخفض سعره بمجرد قرار الخائفين منه، ولكن إذا كان هناك تغير جذري سلبي بحالة الأساسيات بحيث أصبحت الافتراضات والعوامل التي بنيت عليها قرارك الاستثماري غير قائمة فمن الأفضل أن تتراجع وتغير مسارك قبل فوات الأوان.
صعوبة التخلي عن الأسهم
ورغم منطقية ما سبق إلا أن أكثر مستثمري سوق الأسهم يجدون صعوبة في التخلي عن أسهمهم الخاسرة؛ بسبب نفورهم من الخسارة ورغبتهم في تجنب ألمها النفسي حين تتحول من خسارة على الورق إلى خسارة حقيقية، كما أن الأمل قد يسيطر على بعضهم ويوهمهم دون أي سبب منطقي بأن السهم قد يرتد في المستقبل.
هذا بالضبط هو الخطأ الذي وقع به عالم الرياضيات الأمريكي "جون ألينبولوس" الذي رفض أن يتخلى عن سهم شركة الاتصالات الأمريكية "ورلد كوم" الآخذة في التدهور ليستمر في الاحتفاظ به ويهبطا معًا إلى القاع. بعد أن اشترى الرجل السهم مقابل 47 دولارًا في أوائل عام 2000 قبل أن يبيعه في أبريل من عام 2002 مقابل أقل من 5 دولارات للسهم.
ما يحتاج المستثمر إليه في هذه الحالة هو أن يسأل نفسه ببساطة السؤال التالي: لماذا اشتريت هذا السهم في المقام الأول؟ وهل ما زالت هذه الأسباب قائمة؟ لو رأيت أن الأسباب التي اشتريت من أجلها السهم لا تزال قائمة فليس هناك ما يدعوك للتخلي عن السهم.
أما إذا كان الحال هو العكس وغابت الأسباب التي اشتريت من أجلها السهم أو تدهورت أساسيات الشركة كأن انخفضت حصتها السوقية أو تباطأ نموها أو تغيرت الإدارة الجيدة للشركة بأخرى متهورة، ففي تلك الحالة يجد أن يكون خيار البيع مطروحًا على الطاولة.
ظهور فرصة أفضل
من الأسباب التي قد تدفعك لبيع السهم أو التخلي عنه هو ظهور فرصة استثمارية أفضل أمامك، في سوق الأسهم دائمًا ما تظهر من آن لآخر فرص لا يمكن تفويتها، تكون عبارة عن أسهم جيدة متاحة بأسعار ربما لن تكرر، وإذا لم يكن لديك ما يكفي من الكاش لاقتناصها فربما تجد نفسك مضطرًا لتسييل جزء من محفظتك للحصول على السهم الذي ترى أن آفاق نموه قوية.
ولكن أكثر المستثمرين لا يفعلون ذلك بسبب ارتباطهم عاطفيًا بحيازاتهم من الأسهم وهو ما يدفعهم للاحتفاظ بها لفترات طويلة بغض النظر عن أدائها، ولكن بعض الأسهم يكون التمسك بها كمحاولة الفوز بمباراة كرة قدم في الدوري الممتاز بمجموعة من اللاعبين القدامى والمسنين الذين لم يعودوا قادرين على المنافسة، نفس الأمر بالنسبة للاستثمار بسوق الأسهم والذي لا يتم في الفراغ، لذلك فالمستثمر في حاجة إلى أن يقارن عوائده الحالية بالعوائد السائدة في السوق.
في أواخر عام 2008 وفي عز الأزمة المالية العالمية التي شكلت تهديدًا وجوديًا للنظام المالي الأمريكي سارع عدد من المستثمرين إلى تسييل جزء كبير من محافظهم لاقتناص أسهم البنوك والشركات المالية التي كانت تباع بأسعار رخيصة جداً ودون قيمتها الدفترية، وهو ما مكنهم لاحقًا من تحقيق مكاسب كبيرة بمجرد اختفاء الذعر وارتداد أغلب أسهم الشركات المالية بعد أن تدخلت الحكومة بخطة الإنقاذ الشهيرة.
متى تتمسك السهم؟
أول شيء يجب أن ينتبه إليه المستثمر هو أنه لا علاقة لسعر السهم بأي من الأسباب التي تم ذكرها بالأعلى أو بمقدار الربح أو الخسارة الذي تم تحقيقه منذ شراء السهم، في الواقع إن اتخاذ قرارات البيع والشراء على أساس التقلبات السعرية للسهم قد يكون له عواقب خطيرة.
بعض المستثمرين يقررون بيع أسهمهم بمجرد ارتفاع أسعارها رغبة منهم في تحصيل المكسب الذي قد لا يستمر طويلًا، ولكن في بعض الأحيان يكمل السهم مسيرته ويستمر في الصعود ليعوض المستثمر المتسرع الذي لم يتخذ قراره بناءً على عوامل موضوعية بعيدًا عن تقلبات السوق أصابع الندم.
خلاصة القول، هناك الكثير من الأسباب الوجيهة التي قد تحمل المستثمر على بيع السهم، وهذا شيء لا عيب فيه بل يفعله كبار المستثمرين طوال الوقت، المهم هو أن يتأكد المستثمر في النهاية من أنه يبيع السهم للأسباب الصحيحة.