"العين الإخبارية" تفتح ملفا شائكا.. هل يبيع محامون مصريون قضاياهم للخصوم؟
أثار مقتل محام مصري على يد أحد موكليه، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضجّة واسعة بين أوساط المحامين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
القاتل اعترف أمام جهات التحقيق بقتل المحامي بنداري حمدي بأن فتح النار عليه داخل مكتبه في منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة، شمالي مصر.
وعزا القاتل ارتكابه الجريمة إلى "خيانة محاميه الأمانة وتسليمه وبيعه أسرار قضيته إلى خصومه وهم طلقيته وأسرتها".
وقال شاهد عيان إن المتهم كان قد أفصح عن نيته في قتل المجني عليه، الذي وكّله في متابعة قضايا متداولة بينه وبين طليقته، ولظن المتهم خطأً أن المجني عليه قد تواطأَ مع طليقته في تلك القضايا نفّذ جريمته.
وباستجواب المتهم نفسه فيما هو منسوب إليه من اتهام، أقر بارتكابه الجريمة لاعتقاده في تواطؤ المجني عليه مع طليقته.
الجريمة التي هزّت مصر فتحت الباب أمام "العين الإخبارية" للتحقيق في اتهام بعض الموكلين للمحامين ببيع أوراق القضية إلى الخصوم في حال خسارتها.
اعتداء متكرر
المحامي أيمن محفوظ يقول إن حالات الاعتداء الجسدية واللفظية على المحامين من قِبَل بعض الموكلين باتت متعددة.
ويضيف محفوظ لـ"العين الإخبارية": "واقعة شهيد مهنة المحاماة ربما سلّطت الضوء، لكن أزمة اعتداء الموكلين على المحامين متأصلة لدى قطاع عريض من الموكلين، لعدة أسباب أهما أن بعض الموكلين وأهاليهم لا يعرفون القانون أو إجراءاته".
ويتابع: "بعض الموكلين يحمِّلون المحامين جميع الأخطاء والنتائج القائمة على القضية، حتى إذا كانت تتعلق بإجراءات التقاضي الخاصة بالوقت الذي يحدده القاضي نفسه. وأسهل ما يمكن اتهام المحامي به هو التشكيك في سمعته أو اتهامه ببيع القضية للخصوم".
ويوضح أن "الأمر يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك مثل الاعتداءات الجسدية، في الوقت الذي لا يملك فيه المحامي حتى حق اللجوء إلى الشرطة، لأن ذلك يمس هيبته وكرامته وسمعته، وهي أمور باتت متعددة خلال الفترة الأخيرة".
ويشير إلى "نوع آخر من الصراع يدخله المحامي مع الموكل، سواء كسب القضية أو خسرها، وهو صراع تحصيل الأتعاب، وفي الحالتين قد يتعرض قطاع عريض من المحامين لأنواع ابتزاز أو تعنيف من قبل بعض الموكلين بعد أن أدى رسالته ومهمته".
جهل بالقانون!
المحامي محمد رشوان يؤكد أن القول بإن جميع المحامين منزهون عن خيانة الموكلين أمر عبثي، غير أن هذا التصرّف هو الاستثناء، لأن المحامي سيخشى في المقام الأول على سمعته وسيرته وبالتالي لن يقدم على هذا التصرف المنافي للأخلاق وللمهنة وللقسم الذي أقسمه يوم استلامه بطاقة مزاولة مهنة المحاماة.
ويضيف رشوان لـ"العين الإخبارية" أن الجهل بالقانون آفة من آفات المتقاضين في مصر، ذلك بأن أي إجراء يجريه المحامي يمكن للموكل أن يستخرج ورقة منه من المحكمة لكي لا يحدث شجار أو يدخل الشك بينهما.
ويوضح: "على سبيل المثال، في جميع محاكم الأسرة حالياً هناك مكاتب مساعدات قضائية يستطيع الموكل من خلالها التعرف إلى مختلف مراحل قضيته؛ للتأكد من إجراءات محاميه، وفي الوقت نفسه يطالب المحامون بضرورة التواصل مع الموكلين أولاً بأول لأن تجاهل التواصل معهم يشعرهم بالشك ويجعلهم ربما يقدمون على تصرفات مخالفة للقانون".
ويشدد رشوان على حتمية زيادة الوعي التعليمي والإعلامي لمبادئ ومداخل القانون، بحيث يكون لدى المواطنين دراية عامة بالقانون ما يقلل بشكل مباشر نسبة الجهل التي تسبب مشكلات بين المحامين والموكلين.
عقوبات رادعة
ويعلّق أبو بكر الضو، أمين عام نقابة المحامين المصريين، على الحديث الدائر حول الخلاف بين المحامين والموكلين، مؤكداً أن عمليات قتل الموكلين للمحامين قليلة للغاية، ولا تحدث إلى من شخص مجرم معتاد الإجرام كما هو الحال بالنسبة لقضية كرداسة، التي تبين من تحقيقاتها أن المتهم كان معتاداً على تعاطي المواد المخدرة.
ويوضح الضو أن هناك إجراءات عقابية رادعة قد تصل إلى الشطب من النقابة إذا تقدّم أي موكل بشكوى ضد محام، وثبت من التحقيقات صدق روايته بأنه قد خان الأمانة مثلاً وباع أسرار القضية لخصمه، حيث تتم طبقاً للقانون تحويلها من النقابة الفرعية إلى النقابة العامة التي تحيلها إلى المحكمة التأديبية التي هي مشكلة بالكامل من قضاة، ومَن يثبت ارتكابته مخالفات مهنية أو لا تتماشى مع القانون قد تصل عقوبته إلى الشطب من عضوية النقابة.
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز