"نيويورك تايمز": إيران تستغل جهل اللاجئين الأفغان لصالح الأسد
صحيفة نيويورك تايمز تكشف استغلال السلطات الإيرانية لفقر وجهل اللاجئين الأفغان لدفعهم للقتال لصالح بشار الأسد في سوريا
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كيف تغوي إيران مئات الآلاف من الأفغان على أراضيها لتجنيدهم من أجل الانضمام إلى مليشياتها المسلحة التي تساند نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية المستعرة منذ أكثر من 6 سنوات.
تشتت ملايين الأفغان حول العالم بسبب الحرب والفقر اللذين يعصفان بالبلاد، ويتجه العديد منهم إلى مخيمات لجوء في باكستان أو إيران، وخلال السنوات الماضية تفاقمت معاناة الأفغان بسبب البُعد جيوجرافي الجديد الذي ظهر على الساحة متمثلا في النزاع السوري.
ونقلت الصحيفة رحلة عبدالأمين (19 عاما) الذي ترك منزله منذ عامين في مدينة باميان، إحدى أفقر مناطق أفغانستان، للبحث عن عمل في إيران التي يعيش فيها مليونا أفغاني غير مسجلين بجانب مليون آخرين كلاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى أن ثلثي سكان باميان الأفغانية يعيشون على أقل من 25 دولارا في الشهر، ما يعكس فقرا مدقعا وغيابا للفرص مما يجبر الشباب على السفر بشكل غير شرعي إلى إيران بحثا عن العمل، وكثير منهم مثل عبدالأمين ينتهي بهم الأمر يقاتلون في حروب لا تخصهم.
وتمكن عبدالأمين من توفير 200 دولار أمريكي في الشهر، بعد أن عمل كبناء بمدينة أصفهان الإيرانية، قبل أن يستخدم مدخراته العام الماضي للسفر إلى كربلاء العراق مع مجموعة من اللاجئين الأفغان، وعندما عاد إلى إيران لم يستطع العثور على وظيفة لمدة 3 أشهر كما يحدث مع العديد من اللاجئين الأفغان هناك.
وقال عبدالأمين للصحيفة إنه تعرض للإهانة والتمييز أثناء إقامته في إيران، وعاش في خوف دائم من أن يتم ترحيله، مضيفا: "إيران ليست بلادنا.. إما أن تحاول لكسب بعض المال أو تموت".
وقدمت السلطات الإيرانية لعبدالأمين، الشتاء الماضي، عرضا مثيرا للانتباه يمكن من خلاله أن يجني إقامة شرعية ويتخلص من الخوف من الترحيل، حيث عرض عليه الإيرانيون تصريح إقامة لمدة 10 أعوام، وأجر شهري 800 دولار إذا وافق على الذهاب "للقتال من أجل حماية" ضريح السيدة زينب جنوب دمشق.
ووجهت إيران مليارات الدولارات وآلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الأعوام الماضية بداية من 2013 عندما كانت قوات الأسد تخسر أراضيها أمام المعارضة المسلحة، حيث أدخلت وقتها مقاتلي حزب الله وبدأت في تشكيل مليشيات مسلحة من عراقيين وأفغان وباكستانيين ومناطق أخرى أغلب سكانها من الشيعة.
لكن انطلاق مليشيات إيران المسلحة في الأراضي السورية ليس إلا قطعة أخرى في معركتها لتوسيع سيطرتها ونفوذها في الشرق الأوسط، وهي معركة يقودها قاسم السليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتحرص إيران على إبقاء الأسد على رأس السلطة في سوريا حتى يتاح لها نقل الأسلحة والدعم إلى حزب الله الإرهابي في لبنان عبر الأراضي السورية، وطالما يسيطر الأسد على سوريا تستطيع إيران نقل دعمها وأيضا العمل على تأسيس ممر بري يربط إيران مباشرة بالبحر المتوسط.
وبدأت إيران في تشكيل مليشياتها في سوريا بعد شهور قليلة من دعم حزب الله للنظام السوري، حيث أسست "كتيبة الفاطميون" وهي مليشيا من اللاجئين الأفغان الشيعة تشكلت في أول 2014 ودربها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وتقدر قواتها بين 8 إلى 14 ألف مقاتل، تصفهم السلطات الإيرانية بأنهم "متطوعون".
وخلال السنوات الماضية وسعت إيران عمليات تجنيد الأفغان غير المسجلين على أراضيها مثل عبدالأمين، والذين وصلوا إيران مؤخرا بحثا عن فرصة عمل.
ولا يتوقف استغلال السلطات الإيرانية عند الوضع الاقتصادي المرتبك الذي يعاني منه اللاجئون الأفغان على أراضيها، وكذلك موقفهم القانوني الحرج، حيث يعيشون دون إقامة شرعية لكنهم يستغلون أيضا اعتناق هؤلاء اللاجئين المذهب الشيعي لتجنيدهم للقتال في صفوف الأسد بسوريا.
وتصور السلطات الإيرانية الحرب السورية لهؤلاء اللاجئين على أنها نضال شيعي لحماية والدفاع عن أماكنهم المقدسة داخل سوريا.
وقال أحمد شوجا -الباحث السابق في منظمة هيومن رايتس واتش- إن المقاتلين الأفغان يعرفون قليلا أو لا يعرفون أي شيء على الإطلاق عن السياق الأمني والسياسي للحرب السورية، موضحا أنهم لا يتحدثون العربية ومعظمهم لم يتواجد أبدا في مكان أبعد من أفغانستان أو إيران، فكثير منهم بالكاد يستطيع القراءة والكتابة.
وعلى سبيل المثال، حسب الصحيفة، يعتقد عبدالأمين أن الحرب السورية تعود إلى خلاف بين جبهة النصرة (التي تشكلت رسميا في 2012) والأسد، حيث جعلته السلطات الإيرانية يعتقد أن النزاع نشب بعد أن أراد قائد جبهة النصرة -الذي يقول عبدالأمين إنه على علاقة بالأسد- بناء محلا فوق مسجد، لكن الأسد سارع للدفاع عن المسجد وحماية كل المواقع الدينية، وفي المقابل -حسب رواية عبدالأمين- دعت النصرة إلى سقوط الأسد وتدمير الأماكن المقدسة في سوريا.
وقال عبدالأمين إنه تلقى تدريبا مع باقي المجندين الأفغان على يد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، على استخدام الأسلحة والتحركات العسكرية لمدة شهر، مشيرا إلى أن البعض تم تدريبهم ليكونوا قناصة وآخرين لاستخدام الدبابات، قبل أن يتم إدخالهم إلى سوريا جوا وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في دمشق وحلب.
واستخدمت إيران والأسد المجندين الأفغان كأول صف من المقاتلين، حيث قال عبدالأمين إنهم دائما ما يكونون أول من يقفون في أي عملية.
وتشير مذكرات قصيرة عديدة للمجندين الأفغان على تطبيق "تليجرام" للمراسلة على الهواتف إلى أن الأفغان يتم إرسالهم للقتال في أصعب المعارك، كما تحدثوا عن خسائر كبيرة بين المجندين الأفغان ونصر في نهاية المطاف بعد هجمات عدة.
وظهر المقاتلون الأفغان في الحرب السورية بعدة مناطق بينها دمشق وحماة واللاذقية ودير الزور وحمص وتدمر وحلب.
وقال عبدالأمين إنه كان مرتكزا في حلب خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول الماضيين، حيث كانت "كتيبة الفاطميون" موكلة بمساعدة قوات الأسد لاستعادة الجانب الشرقي من المدينة من مقاتلي المعارضة السورية، مؤكدا أنه ومئات من الشباب الأفغان قاتلوا تحت أوامر الحرس الثوري الإيراني.
ولعبت مليشيات إيران المسلحة -التي يقاتل فيها عناصر مثل عبدالأمين- دورا حاسما في دعم قوات الأسد بتوفير القوات البرية الكافية في معركة حلب المصيرية، حيث تسبب انتصاره في هذه المعركة في قلب تيار الحرب لصالح الأسد وإيران.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4xMzMg
جزيرة ام اند امز