نجاد مرشحا للرئاسية.. صراع الملالي أم مسرحية هزلية
ترشح أحمدي نجاد للانتخابات الرئاسية المقبلة، أربك المشهد السياسي داخل إيران، وفتح باب التساؤلات حول أسباب ودواعي هذه الخطوة.
يأتي ترشح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، للانتخابات الرئاسية المقبلة، ليربك المشهد السياسي داخل إيران، ويفتح باب التساؤلات حول أسباب ودواع هذه الخطوة غير المتوقعة لأغلب المراقبين.
المراقبون اختلفوا في تحليلهم لهذه الخطوة التي جاءت على غير رغبة مرشد إيران علي خامنئي، فالبعض اعتبرها "مسرحية" يؤديها الطرفان سرعان ما ستنتهي بانسحاب الأخير من المشهد السياسي.
فيما يرى البعض الآخر أن ترشح نجاد للرئاسة جاء رغبة منه في سحب جزء من أصوات التيار المحافظ حتى يسمح لحسن روحاني الرئيس الحالي بالفوز لولاية ثانية، في تجسيد واضح للصراع بين أجنحة نظام الملالي.
مسرحية بين نجاد وخامنئي:
بشير عبد الفتاح، الخبير المصري في الشؤون الإيرانية بمؤسسة الأهرام، قال إن الخلاف بين نجاد وبين خامنئي ليس جديداً، لكنه له جذور ترجع عندما كان نجاد رئيساً بعدما أظهر رغبة في العمل باستقلالية، وأن يكون له صلاحيات واسعة، موازية للمرشد.
ورجح عبد الفتاح لبوابة "العين" الإخبارية، أن "ما يحدث الآن على الساحة الإيرانية ما هو إلا مسرحية يؤديها نجاد، فهو يدرك جيداً الخطوط الحمراء في اللعب مع النظام الإيراني، ومن الممكن أن ينسحب في حال وجود أي خطورة عليه، خاصة أنه في حال تجاوزه لهذه الخطوط إما سيكون تحت الإقامة الجبرية أو يمكن أن تتخذ إجراءات ضده".
محمد عباس ناجي، الخبير في الشؤون الإيرانية ورئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" قال لـ"العين": "خطوة ترشح أحمدي ستربك المشهد السياسي في إيران، لكن يجب أن نستوعب أنها مسرحية من أحمدي الذي يخشى من رفض مجلس صيانة الدستور لكلا المرشحين مشائي وبقائي، وبالتالي في حال الموافقة على أحدهما سيقوم بسحب ورقه".
ورأى "ناجي" أن "قرار الرئيس الإيراني السابق ليس نهائياً، لكنه محاولة لتصدير صورة الخلاف للخارج بهدف توجيه رسالة بأنه ذات استقلالية ويمكنه تزعم تيار سياسي نجادي، وهي مقايضة من جانب أحمدي واضحة".
وظهر الخلاف بين خامنئي ونجاد، عندما طلب المرشد علانية العام الماضي من نجاد عدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة، ثم أعلن نجاد نفسه أنه لن يخوض السباق الرئاسي بناءً على نصيحة المرشد الأعلى.
وقال حينها إنه سيدعم نائبه السابق، حميد بقائي، الذي سجل هو الآخر اسمه في قائمة مرشحي الانتخابات المقبلة، وهو ما فسره خبير آخر بمسرحية بين كل من المرشد ونجاد.
من جانبه، قال مدير تحرير موقع "إيران بوست"، والخبير في الشأن الإيراني، شريف عبد الحميد لـ"العين"، إن "ما نراه أمامنا ليس سوى مسرحية، طرفاها كل من أحمدي وخامنئي، بهدف إيهام العالم بأن هناك ديمقراطية وأنه هناك من يستطيع تحدي المرشد الأعلى، دون الرجوع إليه، وهي حيلة من النظام للعب على المتناقضات بالمنطقة".
تحالف نجاد والإصلاحيين:
في المقابل، يرى المحلل السياسي، محمد المذحجي، إن ترشح أحمدي نجاد جاء بعد التنسيق مع الإصلاحيين وروحاني لإفساد لعبة خامنئي في هندسة الانتخابات لفوز إبراهيم رئيسي رجل الدين البارز والمرشح عن التيار المحافظ.
وقال المذحجي لـ"العين" عبر الإنترنت من لندن، إن نجاد اتفق مع الزعيم الإصلاحي محمد خاتمي والرئيس روحاني في رسائل تم تسريبها واحدة قبل شهر والأخرى قبل 6 أشهر، معتبراً أن هناك تنسيقاً كاملاً لضرب خطة المرشد على خامنئي والحرس الثوري لصالح روحاني.
وجاء في رسالة نقلها برويز كاظمي، وزير الرعاية الاجتماعية الإيراني، أن نجاد طلب لقاء زعيم محمد خاتمي، وأن الأول يسعى للتقرب من التيار الإصلاحي الفترة المقبلة.
فيما استبعد الدكتور أحمد لاشين، أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس، تحالف نجاد الممثل للتيار المتشدد مع تيار روحاني، معتبراً أن الأول هو من قضى على التيار الإصلاحي ولا يستطع أن يهز صورة تياره في الداخل.
واعتبر لاشين في تصريحات لـ"العين" أن نجاد يمثل تيار مستقل، هو "التيار النجادي"، حيث يمثله 3 شخصيات هم أحمدي نجاد، ونائبه الأول (سابقا) حميد بقائي ومدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي، وهذا التيار يلعب بمفرده داخل إيران، وحتى في حال عدم فوزه في الانتخابات الحالية فنستطع أن نقول أنه يمهد للانتخابات المقبلة.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية، فإن 126 شخصاً أقبلوا على تسجيل أسمائهم حتى الآن، بينهم 6 نساء، وتم فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران، أمس الثلاثاء ويستمر لمدة 5 أيام.
وقال نجاد في رسالة وجهها إلى خامنئي سبتمبر/أيلول 2016، إنه ليس لديه برنامج للمشاركة في الانتخابات القادمة، وأن ذلك نابع من "تبعيته" لتوصية خامنئي له بعدم المشاركة؛ تفادياً لحدوث شرخ في المجتمع الإيراني.
غير أنه عقب تقدمه بأوراق ترشحه، اليوم الأربعاء، قال نجاد للصحفيين، إن المرشد نصحه بعدم خوض الانتخابات وقبل "رغم أن نصيحته لم تكن تعني النهي".