"خفافيش الظلام".. أسرار علاقة إيران باعتذار "أديب لبنان"
وزير العدل اللبناني الأسبق أشرف ريفي يقول إن تعثر تشكيل حكومة مصطفى أديب، وراءه إيران والقوى المحسوبة عليها في البلاد.
في الوقت الذي يواجه لبنان مشاكل سياسية واقتصادية جمة، ويسعى للتغلب عليها بكافة الطرق، تعمل خفافيش الظلام التي تديرها إيران على إجهاض محاولات البلاد للنهوض من كبوتها.
ومع كل خطوة تخطوها بيروت نحو الحل تضع المليشيات التابعة لإيران العراقيل والألغام لتفجير أي محاولة للإنقاذ، وكان ذلك أحدثها باعتذار رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة، لغياب "التوافق بين القوى السياسية الذي على أساسه قبل مهمة التكليف".
الاعتذار الذي قضى على آمال الشعب اللبناني في الخروج من عنق الزجاجة، والتخلص من الأزمات التي تحاصره منذ أشهر، والتي فاقمها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، أرجعه البعض لرفض طهران وجود حكومة في الوقت الحاضر لانتظارها موعد الانتخابات الأمريكية المقررة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
اتهامات أذرع إيران في لبنان وعلى رأسها مليشيا حزب الله "بتفجير حكومة أديب"، تحدث عنه الكثير من المسؤولين اللبنانيين، الذين اتفقوا على أن أزمات البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الصحية مصدرها واحد وهو طهران.
فمن أعلى السلطة السياسية في لبنان إلى رجل الشارع، يحمل الجميع حزب الله وحركة أمل، مسؤولية انزلاق البلاد نحو المجهول برهنهما لمصالح البلاد بما تريده إيران.
تصريحات وزير العدل اللبناني الأسبق، أشرف ريفي، عن أن تعثر تشكيل حكومة مصطفى أديب، وراءه إيران والقوى المحسوبة عليها في البلاد، ليس بجديد، ولكن "ريفي" كشف تفاصيل جديدة عن تلاعب إيران وأذرعها بمصالح لبنان.
وقال ريفي في حديث لـ "سكاي نيوز عربية" اليوم السبت، عقب اعتذار أديب، إنه: "لدينا معلومات شبه أكيدة تفيد بأن الإيرانيين لا يريدون حكومة في الوقت الحاضر، لأن طهران تريد ربطها بموعد الانتخابات الأمريكية".
وأشار ريفي إلى تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل أيام، الذي أبدى فيه امتعاضه من مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل حكومة إنقاذ في لبنان.
ورأى وزير العدل اللبناني الأسبق، أن تأليف حكومة أديب أصبح عصيا، لأنه "بات في أيدي مجموعة من الناس أشبه بمافيا أوصلوا البلد للخراب".
وأضاف أن "المطلوب اليوم هو حكومة إنقاذ تنتشل البلاد من أزمتها، وعقلية الطبقة السائدة هي علة العلل في لبنان، فهذه ثالثة حكومة في العهد الحالي، وكل واحدة أسوأ من الأخرى، وعندما قال الرئيس ميشال عون رايحين على جهنم، ففريقه هو الذي يقود البلاد نحو هذه النتيجة".
تصفية الحسابات مع ترامب
حديث ريفي عن ربط إيران ظهور الحكومة اللبنانية بالانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يكشف بشكل واضح سعي طهران لتصفية حساباتها مع الرئيس دونالد ترامب على حساب لبنان.
وبحسب مراقبين، فإن إيران ترغب في تعقيد الأوضاع وتفجيرها في الشرق الأوسط، وعدم منح جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السلام أي فرصة، ولبنان إحدى طرقها لذلك.
ولذلك عملت إيران على تفجير محاولات تشكيل الحكومة اللبنانية عن طريق السماح لحليفها حزب الله بافتعال المشاكل مع إسرائيل، وبالتالي إشعال الأوضاع في المنطقة.
طهران تتمنى رؤية الرئيس ترامب مهزومًا، فهو الذي أعاد فرض العقوبات الاقتصادية عليها، ولم يتوقف عند هذا الحد بل أرغم الكثير من الشركات الأجنبية على حذو حذوه.
ونتيجة لموقف ترامب شُلّت حركة الاقتصاد الإيراني، ومن جل تنفيذ خططها تستعين إيران بالثنائي الشيعي "حزب الله وحركة أمل"، اللذين أصبحا خنجرا مسموما في ظهر لبنان.
تحركات مليشيا إيران الخبيثة في لبنان، أصبحت مفضوحة، حيث شن سياسيون لبنانيون هجوما عنيفاً على المليشيا، لموقفه المتعنت هو وحركة أمل من تشكيل الحكومة الجديدة.
ووضع السياسيون ورؤساء حكومات لبنانية سابقون، السبت، "اعتذار أديب" في خانة الفشل السياسي المستمر، مؤكدين أن ما حصل هو هدر فرصة إنقاذ البلاد.
رؤساء الحكومات اللبنانية السابقون أكدوا أن اللبنانيين يضعون اعتذار أديب في خانة المعرقلين الذين لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، في إشارة منه إلى الثنائي الشيعي.
وشهد اليومان الأخيران مشاورات سياسية مكثفة، وتم الحديث عن بعض الأجواء الإيجابية نتيجة طرح رئيس الحكومة السابق مبادرة تقضي بأن يسمي "أديب" وزيرا للمالية وبالتالي إبقاء هذه الوزارة مع الشيعة.
لكن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) عاد وطرح قضية أخرى وهي أن يسمي بنفسه أيضا جميع الوزراء الشيعة في الحكومة وهو ما رفضه أديب ومعظم الفرقاء السياسيين.
واعتذار أديب يعني بقاء حكومة حسان دياب في تصريف الأعمال إلى حين دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة.