جولة الشرق الأوسط.. طائرة بايدن تواجه "عاصفة واحدة" بـ3 محطات
تنتظر طائرة الرئيس الأمريكي جو بايدن 3 محطات مختلفة خلال جولة الشرق الأوسط المقررة بعد ١٠ أيام، لكنها ستواجه عاصفة واحدة.
كانت هذه خلاصة مقال كتبه علي العسيري، الذي شغل منصب السفير السعودي في باكستان ولبنان، بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية.
ومن المقرر أن يزور بايدن إسرائيل أولا، حيث سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، في تل أبيب والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الضفة الغربية.
وكما هو متوقع، سيؤكد بايدن خلال اللقاءات الدعم الأمريكي لأمن إسرائيل وعلى إقامة دولة فلسطينية، وفق العسيري الذي توقع أن يواجه الرئيس الأمريكي خيارا بين "الاستقرار والاضطراب" في رحلته للمنطقة.
"يد إيران"
وعلى الرغم من أن الروايات الإسرائيلية والفلسطينية تختلف فيما يتعلق بطبيعة الصراع وأهدافه وطريقة تسويته، لكن قادة الطرفين متفقان على دور حركة "حماس" المدعومة إيرانيا، باعتبارها المحرض الحالي على إشعال الأوضاع.
ووفق المقال، تتلقى "حماس" ذخائر إيرانية الصنع تطلق فيما بعد من غزة على إسرائيل، ما يستدعي ردا غير متكافئ من الأخيرة ويتسبب في خسائر لا تعوض بالأرواح من كلا الجانبين.
ومن خلال تهريب تلك الأسلحة عبر سوريا وجنوب لبنان تواصل إيران اختطاف القضية الفلسطينية، حيث يسمح تطرف "حماس" لإسرائيل بقتل مزيد من الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات اليهودية تحت ستار أمني، وفق العسيري.
وبعد الرحلة بين تل أبيب والضفة تطير "إير فورس وان" إلى السعودية، حيث سيلتقي بايدن الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وخلال المحادثات، لا يمكن للقيادة السعودية التغاضي عن التركيز على الخطر الدائم الذي تشكله إيران، على حد قول العسيري.
وفي اليوم التالي، سيحضر بايدن قمة رؤساء الدول والحكومات لمجلس التعاون الخليجي بحضور قادة 3 دول عربية هي: مصر، والأردن، والعراق.
ويرسل هذا التجمع رفيع المستوى للقادة العرب رسالة بأن المملكة ليست بمفردها في مواجهة التهديد الوجودي من إيران.
تاريخ طويل
وتاريخيا، تتمتع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بعلاقة دائمة يعود تاريخها إلى 1945، عندما التقى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك عبدالعزيز آل سعود على متن الطراد "يو إس إس كوينسي" قبل ساحل السعودية.
وصمدت هذه الشراكة أمام اختبار الزمن على مدار السبعة وسبعين عاما الماضية، ما تمخض عنه نتاج مهمة بالسياسة العالمية؛ من هزيمة الشيوعية السوفيتية من قبل إلى مواجهة الإرهاب العالمي مؤخرا.
كما صمدت العلاقة التاريخية أمام أزمات حرجة مثل حظر النفط عام 1973 وهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية، لتخرج أقوى في العقود التالية على ذلك.
وفي هذا الإطار، قال العسيري إنه "هكذا سيكون الحال هذه المرة، حيث سيتلاشى الغبار عما كان ربما أخطر مثال على النزاع في العلاقات الثنائية".
وعلى عكس بعض الآراء في وسائل الإعلام الأمريكية لا تتسم العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية بـ"المقايضة"، أي النفط من السعودية مقابل الأمن من الولايات المتحدة، كما أنها ليست مبنية على أي حسابات محصلتها صفر، مثل الولايات المتحدة مقابل الصين وروسيا.
وتسببت الحرب الأوكرانية في أزمة طاقة عالمية نادرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة وإجبار إدارة بايدن على استمالة المملكة السعودية لزيادة إنتاج النفط لخفض الأسعار.
لكن السعودية قطعت تعهدا للولايات المتحدة عدة مرات من قبل وستفعل ذلك مجددا، حتى وإن كانت لا تزال تتعافى من الصدمة الاقتصادية للجائحة العالمية، ما بدا في عرض الرياض زيادة مؤقتة في إنتاج النفط لدول "أوبك بلس"، وفق المقال ذاته.
علاقة مركبة
لكن الحقيقة هي أن الطاقة مسألة واحدة من عدة أولويات استراتيجية تتشاركها السعودية مع الولايات المتحدة، والتي تتراوح من الأمن الإقليمي وحل النزاعات إلى الانتشار النووي والإرهاب الدولي، وهذا يتطلب التزام الولايات المتحدة المستمر بأمن الشرق الأوسط.
وينبع المنطق السعودي-الخليجي في دور أمني ثابت للولايات المتحدة بالشرق الأوسط من الاضطرابات التي سببتها حرب العرق (2003) وفاقمتها أحداث ما يسمى بـ"الربيع العربي" في 2011، وهذا إلى حد كبير بسبب سلسلة من الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين بدون التشاور مع السعودية، وأدت في النهاية لظهور إيران كتهديد إقليمي.
ومنذ عام 1979، هدد نظام إيران باستمرار السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه، كما زعزعت إيران ووكلاؤها استقرار العالم العربي بمخططاتهم الخبيثة.
وعانت السعودية واليمن والعراق وسوريا ومصر وأفغانستان الويلات على أيدي أطراف هذا المخطط. كما شن الحرس الثوري الإيراني هجمات مباشرة على المصالح الأمريكية في المنطقة؛ وهو مسؤول عن سلسلة من الاغتيالات وعمليات الاختطاف.
أزمة "النووي"
وبعد ظهور دليل على نية إيران تطوير أسلحة نووية، قدمت إدارة باراك أوباما مكافأة لطهران هي الاتفاق النووي الموقع عام 2015. واحتدمت الحرب في اليمن بالعام نفسه، حيث تمردت مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا على الحكومة الشرعية في البلاد وبدأت تهديد أمن السعودية.
ومع ذلك، وبدلًا من مساعدة المملكة في حماية بنيتها التحتية الحيوية من هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، اختارت إدارة بايدن شطب المليشيات من قائمة المنظمات الإرهابية، كما سحبت أنظمة "باتريوت" الصاروخية من السعودية.
وعلى الرغم من أن إدارة دونالد ترامب السابقة فعلت الشيء الصحيح بالتخلي عن الاتفاق النووي الإيراني، لكنها خيبت أمل المملكة بعدم فعلها أي شيء ردًا على هجوم الحوثيين في 2019، على مصافي النفط الرئيسية في بقيق وخريص.
وسيكون تأمين الشرق الأوسط من العدوان الإيراني؛ القضية الأساسية على طاولة قمة دول مجلس "التعاون الخليجي+ 3" في جدة في 16 يوليو/تموز الجاري. كما ستركز القمة على المفاوضات المتوقفة حاليا لإحياء الاتفاق النووي.
ومن وجهة نظر جميع الدول المشاركة، ستصبح ما تسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة بلا قيمة إذا لم تفرض قيودا ملموسة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية والحرب بالوكالة في المنطقة، وفق العسيري.