مشاهير إيران بمقصلة النظام.. والسر في الاحتجاجات
"حرب نفسية" تشنها إيران على مشاهير محليين ممن أعلنوا دعمهم للاحتجاجات، في اصطفاف مكلف يضعهم بمرمى النظام.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام الإيراني ودخولها في شهرها الثاني، تصاعد التعاطف مع مطالب المتظاهرين من قبل شريحة المشاهير من الرياضيين والفنانين وباقي الشخصيات البارزة في المشهد الفني والثقافي والسياسي، وهو ما قوبل بهجمات إعلامية مضادة.
وتركزت الحرب الإعلامية النفسية للنظام الإيراني الآن على تهديد الرياضيين والفنانين المحتجين في الخارج.
وكان علي أكبر زائفي، الذي يعتبر نفسه منظّر المؤامرة في إيران، أول شخص يدعي في تغريدة: "من أجل عدم وقف أعمال الشغب، كان من المفترض أن تقوم العصابات بأوامر من الموساد (الإسرائيلي) بإزالة (اغتيال) العديد من المشاهير المتظاهرين (الوجوه الشهيرة) داخل البلاد خاصة خارجها".
وأعلن زائفي أن الهدف من هذا الإجراء إطلاق حملة "دعائية دولية ودبلوماسية" بهدف طرد سفراء الحكومة الإيرانية من بعض الدول الأجنبية.
وبعد ساعات من نشر هذه التغريدة، قدم موقع "مشرق نيوز" المقرب من منظمة استخبارات الحرس الثوري، هذا الادعاء بطريقة مختلفة مع بيان صحفي منفصل.
اغتيالات!
وزعم هذا الموقع في تقرير له مساء الثلاثاء، نقلاً عن مصدر مطلع قوله إن جهاز "الموساد ومنظمة مجاهدي خلق (معارضة) يخططان لاغتيال عدد من الممثلين والرياضيين المتمركزين في الخارج".
كما زعم الموقع الأمني الإيراني إن "هذا الإجراء من المفترض أن يستهدف أولئك الذين يدعون الناس إلى أعمال الشغب في البلاد".
وبحسب المصدر المطلع الذي لم يكشف عنه الموقع، وجهت إيران "تحذيرات ضرورية" لسلطات الدول التي توجد بها هذه الشخصيات الفنية والرياضية.
ونقل الموقع عن محللين أمنيين قولهم إن "الغرض [من هذا الإجراء] هو خلق تكاليف للجمهورية الإسلامية في الفضاء الدولي".
وجاء هذا الادعاء بعد فشل سلسلة اعتقالات وتحذيرات واستدعاء الرياضيين والفنانين لإجبارهم على التزام الصمت في مواجهة الاحتجاجات التي تعم البلاد، ورغم أن علي خامنئي قال إنه "لا يعتبر دعم الرياضيين والفنانين أمرًا ضروريًا وذات أهمية"، بدأت آلة قمع النظام شن هجوم واعتقلت عددا من المشاهير.
ويبدو أن الخبر المضاد هو احتمال اغتيال رياضيين وفنانين يعيشون في الخارج وبعيدًا عن متناول نظام القمع في الجمهورية الإسلامية، بهدف تخويفهم وإجبارهم على الصمت، وبالإضافة إلى هذا التهديد فإن سياسة تشويه سمعة هؤلاء هي أيضًا على أجندة آلة الدعاية والحرب النفسية للحكومة الإيرانية.
اتهامات واعتقالات
وزعمت الصحيفة الإيرانية الرسمية في أحد أعدادها الأخيرة أن "مشاهير أجانب (وجوه مشهورة) دعموا احتجاجات الشعب الإيراني مقابل مبالغ طائلة". من دون تقديم أي مستندات لإثبات دعواها.
وقام موقع "فكت نامه" الإيراني بالتحقيق في هذا الادعاء وكتب عنه: "حجم ونوعية دعم الشخصيات العالمية الشهيرة، من الكتاب والفلاسفة والسياسيين إلى الموسيقيين ونجوم هوليوود والرياضيين وما إلى ذلك، إلى الاحتجاجات الأخيرة للشعب الإيراني، واسع جدًا لدرجة أنه يقضي على إمكانية تنظيم حملة مالية".
ولا توجد إحصائيات عن عدد المشاهير المعتقلين في الفترة الأخيرة، لكن بعض المواقع الإخبارية تكشف بين الحين والآخر عن عمليات اعتقال كان آخرها يوم أمس الثلاثاء حين تم اعتقال المنتج السينمائي نيك يوسيفي.
والاثنين، جرت مداهمة منزل موزجان إيلانلو، صانعة أفلام وثائقية، في طهران واعتقالها بسبب دعمها للاحتجاجات.
وكانت موزجان إيلانلو ناشطة منذ بداية الاحتجاجات الأخيرة، ونشرت صورًا لها وهي تتجول بلا حجاب في طهران عبر تطبيق إنستجرام.
ويقول الاتحاد الدولي للصحفيين إن أربعة صحفيين هم روح الله نخي وعلي رضا جباري دارستاني وأحمد رضا حلبيساز وفرشيد قرببور، لم يتصلوا بعائلاتهم بعد.
تهديد من وزير
وكان مستوى تعامل الحكومة في الماضي مع منتقديها السينمائيين يصل إلى حد التهديد بحظر أنشطتهم أو إصدار أوامر بمصادرة أفلامهم، أو تنفيذ أحكام بالسجن بحق مخرجين مستقلين مثل جعفر بناهي ومحمد رسولوف.
غير أن سماع أنباء اقتحام رجال الأمن في الأيام الماضية لا يبدو مستبعداً عبر التوجه إلى منازل شخصيات السينما والتلفزيون الشهيرة بسبب موقفهم من الاحتجاجات الشعبية بالأسبوعين الماضيين مثلما لم يعد خبر توقيف أو حظر لاعبي كرة القدم الذين لديهم تاريخ من اللعب في المنتخب الوطني، غريبًا.
وكان وزير الإرشاد والثقافة محمد مهدي إسماعيلي قد هدد في وقت سابق بمنع الفنانين الذين دعموا المتظاهرين.
وكان موقع "سحام نيوز" الإصلاحي قال إن "الصراحة غير المسبوقة في كلمات هؤلاء المشاهير الداعمة للمتظاهرين، علامة على أن الجمهورية الإسلامية تواجه أزمة هذه المرة لم يكن لها مثال مماثل في العقود الأربعة الماضية، وخاصة ممثلي السينما والتلفزيون الذين اتهموا في السنوات الأخيرة بالانحياز مع الحكومة الإيرانية لحماية مصالحهم الشخصية، فهذه المرة كانوا في الخطوط الأمامية للاحتجاج على العنف ضد المتظاهرين وتأييد شعاراتهم".
وأضاف الموقع في تقريره أن "المهم في مرافقة هؤلاء المشاهير في الاحتجاجات أن طبيعة السينما والتلفزيون في إيران مملوكة للدولة، وهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من الإنتاج السينمائي والتلفزيوني يتم إنتاجه من قبل المؤسسات الحكومية، ومن ناحية أخرى، فإن الإشراف والرقابة على هذه الأعمال في أيدي وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي أو هيئة الإذاعة".
بالإضافة إلى ذلك، كان لهاتين المؤسستين سلطة منع أنشطة المصورين السينمائيين خلال العقود الأربعة الماضية وفي أوقات مختلفة وما يسمى "المحظورة".
وتابع الموقع "لكن هذا النظام الجديد انهار في أقل من أسبوعين، وخلال هذا الوقت انتقد معظم مشاهير السينما والتلفزيون الحكومة؛ من انتقاد الطريقة التي تعاملت بها الشرطة ودوريات شرطة الأخلاق مع مهسا أميني، مما أدى إلى وفاتها، إلى الاحتجاج على قمع الاحتجاجات وقتل المتظاهرين، إلى مقاطعة التلفزيون إلى خلع الحجاب الإلزامي كدلالة على التضامن مع المحتجين".
وقال الوزير الإيراني محمد مهدي إسماعيلي إن الممثلات اللواتي "اكتشفن الحجاب" يجب أن يفكرن في وظيفة أخرى.
وتعرض أشهر مذيع كوميدي إيراني مهران مديري لاتهامات غير مسبوقة من قبل وسائل الإعلام المقربة من الحكومة، ووصفته وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري بـ"مدمن البوكر" الذي فقد ثروته بسبب "القمار".
وفي البرنامج المباشر "جاريان" الذي بثته إحدى القنوات التلفزيونية الإيرانية، اتهم أصغر فرهادي بـ"الانتحال الأدبي"، وألقيت اللوم على أغنية عليدوستي لتعاونها مع محمد إمامي المدان في قضية اختلاس.