مظاهرات إيران.. هل يلقى الملالي مصير الشاه؟
العديد من المنظمات الدولية رصدت انفجارا شعبيا داخل إيران، بسبب أوضاع معيشية مزرية، إضافة لقمع الملالي للأقليات، فهل يعيد التاريخ نفسه؟
مع صعود غضب المواطنين الإيرانيين في وجه نظام الملالي في 14 مدينة داخل إيران، تعود إلى الأذهان شرارة الثورة الإيرانية التي أطاحت بشاه إيران عام 1979، فهل سيشهد العالم نهاية نظام الملالي في 2018؟
- إعلام إيران يتجاهل الاحتجاجات ومسؤولوها يستدعون "نظرية الفوضى"
- بالفيديو.. إيران وبركان الغضب.. مظاهرات ضد الفساد
العديد من الصحف العالمية نشرت أنباءً عن خروج آلاف المحتجين إلى الشوارع منذ أمس، منددين بسياسات الملالي التي دفعت البلاد إلى حافة الهاوية، بسبب سياسات اقتصادية فاشلة أدت إلى أوضاع اجتماعية مزرية مع تفشي الفقر والبطالة وسوء التغذية بين سكان إيران.
إلا أن تلك الأوضاع تعيد رسم صورة المظاهرات التي قامت ضد شاه إيران في عام 1979، والتي أدت إلى ثورة شعبية واسعة، بسبب الفساد والفقر والأوضاع والقمع الذي كان يمارس في عهد شاه إيران ضد العديد من المواطنين، إلا أنه من الواضح أن نظام الملالي لم يتعلم الدرس، ودفع مواطني بلاده للصراخ من ألم الجوع والفقر وتردي الخدمات.
جوع.. فقر.. بطالة
بحسب إحصائيات نشرها عدد من المنظمات الدولية لعام 2017، تعاني إيران من تهلهل في بنيتها الاقتصادية، حيث تسبب الفساد والمحسوبية في انهيار العديد من المؤسسات الحيوية التي يعتمد عليها الإيرانيون في معيشتهم اليومية.
وأكد تقرير تابع للبنك الدولي، وقوع أكثر من 30% من سكان إيران تحت خط الفقر، أي نحو 29.7 مليون شخص بما فيهم أطفال دون سن العاشرة، إلا أن تقارير محلية إيرانية تؤكد أن الرقم ارتفع بشكل كبير خلال عام 2017، حيث يشير بعض المراقبين إلى وصول تلك النسبة إلى أكثر من 40%.
وكشف تقرير للأمم المتحدة حول الأوضاع المعيشية في إيران، عن أن هناك أكثر من 11 مليون عائلة تعيش في 130 ألف منطقة عشوائية في مختلف أرجاء إيران، ويعيش بعض تلك العائلات في المقابر وسط أوضاع معيشية مزرية، أسهمت في تفشي الأمراض المزمنة كالسل والسرطان.
أما عن البطالة، فأكد تقرير لصندوق النقد الدولي، مستندا على تقرير للمركز الإحصائي الإيراني، تخطي معدلات البطالة خلال العام الحالي لأكثر من 12.4% من سكان إيران، 3 ملايين منهم من الشباب دون سن الـ35 عاما، مما يعني أن هناك أزمة في تشغيل القوى العاملة داخل إيران، بحسب التقرير.
تعاطي المخدرات قفز إلى نسب غير مسبوقة في إيران، فبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، يوجد أكثر من 18 مليون شخص يتعاطون المخدرات بأنواعها في إيران، 6 ملايين منهم في طهران وحدها، ويشكل الشباب النسبة العظمى من تلك الأرقام بواقع 67%.
قمع بلا حدود
منذ الأيام الأولى لنظام الملالي، مارست السلطات الإيرانية قمعا ضد السكان بشكل غير مسبوق، حيث قامت بإعدام الملايين من طلاب الجامعات المنتمين لأحزاب وتوجهات مغايرة لفكر الخميني خلال الفترة بين 1979 و1989، ويرى المراقبون أن الأوضاع لم تتغير كثيرا منذ ذلك الحين.
فقد أعدم نظام الملالي أكثر من 300 ألف شخص خلال 2017 وحده، وذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران، أن معدلات الإعدام وصلت إلى أرقام غير مسبوقة بواقع عملية إعدام واحدة كل 4 ساعات، وتشكل التهم السياسية أكثر من 90% من حالات الإعدام داخل إيران، إضافة إلى أن 23% من أعمار المحكومين بالإعدام لا يتجاوز 18 عاما.
التهميش هو إحدى أدوات النظام الإيراني للقمع، حيث تقوم السلطات الإيرانية بتجاهل تركيزات الأقليات داخل إيران، مثل المسلمين السنة والبلوش السنة والاّذريين والأكراد والأحواز العرب، وذلك عبر تجاهل متطلبات البنية التحتية والدعم والتوظيف، مما يجعل تلك الأقليات تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية مزرية، وذلك بحسب تقارير دولية وحقوقية إيرانية.
القمع في إيران يطال الشباب بشكل ممنهج، حيث تقوم سلطات الملالي بمنع أغلب النشاطات الترفيهية والثقافية الخاصة بالشباب، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، إضافة إلى منع الجلوس في المقاهي وإغلاق دور السنيما، واقتحام حفلات الزفاف ومنع الحفلات الموسيقية ومنع النساء من دخول الصالات الرياضية.
انفجار شعبي
التقارير التي تمت الإشارة إليها في السابق تصف حال الداخل الإيراني، حيث أدى تراكم فشل السياسات الاقتصادية الإيرانية إضافة إلى القمع الممنهج للأقليات والشباب وصعود معدلات التضخم إلى مستويات مخيفة (أكثر من 40% سنويا)، إلى انفجار شعبي واسع النطاق في إيران، وهو ما حدث عام 1979 نتيجة للأسباب نفسها.
إلا أن نظام الملالي يرتكب الخطأ نفسه، فبحسب محللي المركز الدولي لمراقبة الأزمات، قامت الشرطة الإيرانية بقمع مظاهرات مدينة مشهد شمال إيران، مما ولّد حالة من الغضب تضاف إلى حالة السخط من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فانتشرت المظاهرات لتصل إلى أكثر من 14 مدينة منها كرمانشاه، وقم، والأهواز، وأصفهان، وقوجان، وساري، وقائمشهر، وقزوين، ورشت، وزاهدان، وهمدان وخرم آباد، وسبزوار وبجنورد.
المؤشرات الحالية تظهر أن هناك حراكا شعبيا واسع النطاق في إيران، ومع تصاعد تلك الاحتجاجات، بحسب المركز الدولي لمراقبة الأزمات، قد تكون تلك بداية تغيير واسع النطاق داخل إيران، مما يعني احتمالية سقوط نظام الملالي كما سقط نظام الشاه.