في 2017.. صحوة عالمية ضد إيران بعد عقود المهادنة
"بوابة العين" ترصد أبرز الخطوات التي اتخذتها عدة جهات، خاصة إدارة ترامب، لمحاصرة الإرهاب الإيراني في 2017، وتصحيح أخطاء الماضي.
حمل اعتراف البيت الأبيض بخطأ إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في مهادنة إيران تصميما جديدا على سير خلفه دونالد ترامب في تنفيذ وعوده بمحاصرة الأنشطة النووية والإرهابية لطهران، مدعوما مؤخرا بموقف فرنسي مماثل.
وبدأت ملامح سياسة ترامب إزاء إيران في حملته الانتخابية التي حملت بشائر استراتيجية حادة ضد إيران، تعهد خلالها بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع معها أو إعادة التفاوض حوله، متهما طهران بخرق الاتفاق عبر الاستمرار في تطوير برنامجها الصاروخي والنووي لأهداف غير سلمية.
ومع مطلع 2017 بدأ ترامب اتخاذ خطوات لتنفيذ وعيده لإيران في أول قرارته بعد أدائه القسم رئيسا للولايات المتحدة يناير/كانون الثاني، بإعلان البيت الأبيض اعتزامه تطوير نظام دفاع صاروخي متطور للحماية من الهجمات الإيرانية والكورية الشمالية.
ثم تلاها بخطوات لزيادة العقوبات على إيران بتهمة خرق الاتفاق النووي ودعم الإرهاب.
فعقب شهر واحد من تنصيبه رئيسا، أقر ترامب في فبراير/شباط عقوبات على 12 كيانا و13 فردا لدعمهم إرهاب مليشيا الحوثي الإيرانية.
وفي مارس/آذار طرح قانونا لتشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي، وفي يونيو/حزيران أقر عقوبات عليها لدعمها المليشيات الإرهابية، وفي يوليو/تموز أعد مجلس الشيوخ الأمريكي مجموعة جديدة من العقوبات ضد إيران بسبب أنشطتها العسكرية.
وفي تغريدة له على "تويتر" قال ترامب في سبتمبر/أيلول، إنه لا يوجد هناك اتفاق نووي مع إيران، وذلك على خلفية إعلان طهران إطلاق صاروخ "خرمشهر" الجديد الذي يبلغ مداه 2000 كم ويمكن تزويده برؤوس متعددة.
أما في أكتوبر/تشرين الأول، فتم إعداد مسودة تشريع بشأن الاتفاق النووي عقب إعلان البيت الأبيض استراتيجية ترامب نحو طهران والتي ركزت على محاصرة الأنشطة الإرهابية لمليشيا الحرس الثوري الإرهابي.
وفي الشهر ذاته، أعلنت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب تمرير مشروع قانون "إتش. آر. 1698" لتوسيع العقوبات المفروضة على إيران.
استراتيجية متكاملة
أما الخطوة الأبرز فكانت إعلان ترامب الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إزاء إيران في أكتوبر/تشرين الأول، وانتقد خلالها سياسة سلفه باراك أوباما الذي اتهمه بالمهادنة مع إيران وغض الطرف عن دورها في تشكيل ونشر المليشيات في الشرق الأوسط.
وبحسب بيان للبيت الأبيض، فإن "إدارة ترامب لن تكرر هذه الأخطاء"، وبدلًا من ذلك "ستتصدى لتلك التهديدات بأكملها من الأنشطة الخبيثة للحكومة الإيرانية، وستسعى لتغيير سلوك النظام الإيراني".
خطة أمام الكونجرس الأمريكي لإنهاء مليشيات إيران والتخلص من سليماني
وتزامنا مع إعلان ترامب استراتيجيته تجاه إيران قدّم مايكل نايتس، الخبير الأمني بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، خطة لمكافحة الإرهاب الإيراني وتفكيك مليشياته إلى الكونجرس الأمريكي من 6 خطوات.
وشرحت الخطة بداية وسائل إيران لتجنيد الأشخاص في الدول المستهدفة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت والسعودية وغيرها.
وتضمنت الخطوات الست لمحاصرة وتفكيك هذا الإرهاب، منافسة إيران في جميع المساحات التي تسعى لاستغلالها بالتحرك الدبلوماسي والعسكري، وبناء وإصلاح التحالفات في المنطقة، واستقطاب الجماعات التي تعمل وكيلة لإيران عبر فرض وجود عربي إقليمي مدعوم أمريكيا.
والخطوة الرابعة قطع وسائل الاتصال بين إيران ووكلائها الفعليين مع فضح وسائل إيران لإثارة الشيعة العرب بنغمة الاضطهاد، والخامسة وضع "حدود حمراء مؤلمة" على التوسع الإيراني بضربات استباقية، وأخيرا تدريب قوات الحلفاء للتصدي للمليشيات الإيرانية وتفكيكها.
وفي نهاية خطته، طالب نايتس باستصدار أمر اعتقال دولي للإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس الثوري أو التخلص منه.
وتنفيذا لاستراتيجية ترامب أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، أنها قررت فرض عقوبات على شبكة من الأفراد والشركات قاموا بتزييف أوراق نقدية يمنية تمثل مئات الملايين من الدولارات لصالح مليشيا الحرس الثوري.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني ظهر تطبيق آخر لاستراتيجية ترامب وخطة نايتس، حيث أعد الكونجرس مشروع قانون لإدراج حركة "النجباء" التابعة لمليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق على لائحة الإرهاب؛ لدورها في نشر العنف ودعم المشروع الإيراني الاحتلالي بالعراق وسوريا.
كما طالب المشروع بحظر الحركة والشخصيات الأجنبية المسؤولة عنها أو المرتبطة بها في إشارة إلى الإيرانيين في مليشيا الحرس الثوري التي تدرّب فصائل الحشد الشعبي.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الحالي، أعلن ترامب استراتيجية جديدة أسماها استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة "لاستعادة احترام أمريكا في الخارج وتجديد الثقة في الداخل"، من بين ما تضمنته اعتبار أن السياسات الإيرانية في الشرق الأوسط من أبرز التحديات لواشنطن.
صحوة فرنسية
بعد طول خمول في التصدي الأوروبي لإيران، أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عدة تصريحات هذا العام تسير على نغمة ترامب.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني، قال ماكرون على هامش قمة أبيدجان في كوت ديفوار إن "إيران ليست شريكا لفرنسا".
وجاء هذا ردا على اتهامات لفرنسا بغض الطرف عن أنشطة إيران النووية والإرهابية، نظرا للمصالح الاقتصادية القوية بين البلدين في مجالات الطاقة والسيارات وغيرها.
وأضاف الرئيس الفرنسي أنه يجب التركيز حاليا على إلزام إيران بشروط الاتفاق النووي، ووقف دورها المزعزع للاستقرار في العديد من البلدان.
وزاد بقوله إنه على الرغم من إعلان إيران استعدادها للحضور إلى مؤتمر قمة باريس لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية، لكن "لا أصدق إلا الأشياء الملموسة".
وفي ديسمبر/كانون الثاني دعا ماكرون إلى "اجتزاز مليشيا الحشد الشعبي" الموالية لإيران في العراق مع تسارع نفوذها في السيطرة على الأراضي العراقية لصالح طهران.
وتنطوي 2017 بهذا السيل من التهديدات والوعيد العالمي لإيران، ولكن- حتى الآن- اقتصر تنفيذه على الأرض على فرض عدة عقوبات جديدة ومحاولة إدراج مليشيات إيرانية على لائحة الإرهاب، فيما ستكشف 2018 ما إن كانت هذه التهديدات ستأخذ اتجاها يكشف عن جديتها الحقيقة بخطوات أكثر تأثيرا، أم ستقف عند المناورات السياسية.