كلّ هذا يحدث وقناة الجزيرة تنقل خبر ارتفاع سعر السكر في مصر!
هذا الخيال مُستوحى من شخصيات وأحداث تاريخية، قد يتطابق في كله أو في جزئه مع ما قد يحدث وقد لا يتطابق أبداً، إلا أن الإيمان بهذا الخيال، ولو في بعضه، هو الذي يحرك الفتى العربي في الأحواز، والجامعي العاطل عن العمل في طهران والفتاة في مشهد ورجل الدين في قم، هذا الخيال رغم جموحه هو الذي يوحّد ويحرّك الجموع في مختلف المناطق في إيران من أقصاها إلى أدناها، ويدفعنا لدعم هذه الانتفاضة.
يبدأ الخيال في أن تُعلن وكالات الأنباء العالمية في خبرٍ عاجل اعتقال المرشد الأعلى للثورة الخمينية في تطور استثنائي للأحداث في إيران، بعد تضارب الأنباء عن مصيره، وبعد لحظات تنتشر صور التقطتها كاميرات الهواتف للمرشد وهو معصوب العينين ومطأطئ الرأس متجهاً لمصيره المحتوم لمحكمة ثورية في مصير قد يشابه مصير نيكولاي تشاوتشيسكو، حدث ذلك بعد عصيان جنود الحرس الجمهوري لأوامر جنرالاتهم وقادة قوات الباسيج، تضامناً مع الحراك الذي عمّ كافة المحافظات الإيرانية، ولا يزال الغموض يصاحب مصير الرئيس حسن روحاني ليتسرب خبرٌ عن هروبه مع عدد من أعضاء مجلس الخبراء إلى الدوحة، بعد أن غيّرت الطائرة مسارها من موسكو لرفضها استقبالهم. وكأن حوبة محمد رضا بهلوي لا تزال تطارد مغتصبي عرشه.
هذا الخيال مُستوحى من شخصيات وأحداث تاريخية، قد يتطابق في كله أو في جزئه مع ما قد يحدث وقد لا يتطابق أبداً، إلا أن الإيمان بهذا الخيال ولو في بعضه هو الذي يحرّك الفتى العربي في الأحواز، والجامعي العاطل عن العمل في طهران والفتاة في مشهد ورجل الدين في قم.
تتسارع الأحداث ليعلن الثوار عن محاكمة قاسم سليماني لحظة وصوله إلى إيران عند عودته من سوريا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من انهيارات في صفوف الحرس الثوري، هي لحظة دفع الثمن لسليماني وجنرالاته عن جرائم الحرب والتطهير الطائفي الذي ارتكبه في الوطن العربي، هي العدالة التي بها يُشفى غليل أمهات الأبرياء في العراق وسوريا واليمن، تصطفّ الجنرالات مرتعبة في عينيها الخوف، تطاردها أشباح قتلاها الأبرياء، يتلقون أحكامهم كأنهم في محكمة نورينبيرغ التي سقط فيها عتاة الحزب النازي.
يعلن إقليم كردستان والأحواز وبلوشستان عن سيطرة أبنائهم على المقار الحكومية والنقاط العسكرية بعد تقهقر الحرس الثوري وهروبه تاركاً سلاحه ومعداته، وتطهير أرضه من براثن النظام العنصري الطائفي الذي حاول تغييب هوية الأرض والشعب، خرج الشباب الأحوازي مرتدياً ملابسه العربية رافعاً بيده اليُمنى العقال وبيده اليُسرى علامات النصر، وفي ذات الوقت تتوجه الجموع شمال غرب طهران لتصل إلى سجن ايفين، وتبدأ بمطارقها ضرب سوره لينهار سريعاً كما انهار جدار برلين، ويتم اقتحامه كما اُقتِحم سجن الباستيل.
ينشئُ تنظيم الحمدين قناة اتصال مباشرة مع عدد من حلفائه طالباً المزيد من القوات العسكرية بعد انسحاب القطاعات الإيرانية التي تؤمن قصر الوجبة، فيأتي الرد بالرفض خوفاً من ربيع جديد في دول حلفاء الحمدين إذا ما وقفوا في وجه الثوار الإيرانيين، وبعد هذا كلّه يُسمع صوت صياح ونباح وعويل في ضاحية الجنوب يتبعه صدىً من كهوف صعده.
تصل طائرة الطيران الفرنسي إلى مطار مهران أباد حاملة حكومة المنفى التي ترأسها مريم رجوي، لتستقبلها جموع الشعب في مشهد كرّره التاريخ قبل تسعة وثلاثين عاماً، واُستقبِلت رجوي استقبال الأبطال المحررين بالورود والهتافات والأغاني، لتعلن في مؤتمرٍ صحفي عن انقشاع الظلمة وسقوط فكرة ودولة الولي الفقيه، وتشكيل حكومة مؤقتة لحين إجراء انتخابات، يليها إصدار دستور جديد يجمع كافة أطياف الشعب الإيراني، ويحفظ كرامته وحقوقه ويؤكد على أهمية العلاقة الإيجابية الإيرانية مع دول الجوار، تُرحب كل دول العالم بهذه الخطوة وتعترض ثلاثُ دولٍ وتتحفظ دولتان: كوريا الشمالية وقطر.
تُشرق شمسٌ جديدة على طهران، أملٌ جديد بعد عقود من الحرب والظلم والفقر والجوع والمخدرات، شمس العدالة والنهضة والكرامة والعدالة، يدفن الشعب شهداء الثورة وينظف الشوارع من صور الخامنئي والخميني الملقاة على قارعة الطريق، ولمن سأل عن أحمدي نجاد فهو مختبئ في أحد المخابئ التي اختبأ فيها من قبله.
كلّ هذا يحدث وقناة الجزيرة تنقل خبر ارتفاع سعر السكر في مصر!.
اختم مقتبساً ما قال لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير واصفاً ثوراتها: "ولما تكون الجماهير غير قادرة على التفكير ولا إلى تحكيم العقل فإنها لا تعرف المستحيل، ونحن نعلم أن الأشياء الأكثر استحالة هي الأكثر إدهاشاً".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة