"رجل المرشد" رئيسا.. "عراب الإعدام" على خطى خامنئي
أُعد المشهد في إيران للوصول بالاقتراع الرئاسي إلى نتيجة محتومة؛ فوز رجل المرشد المتشدد إبراهيم رئيسي.
اتفاق عام سواء في الداخل أو الخارج على كون ما جرى أمس في البلاد اقتراع صوري أعد خصيصاً لنجاح رئيسي، وقد كان، إذ إنه المرشح المختار، ليس فقط كأداة تنفيذية موالية، وإنما كخليفة مستقبلي للمرشد على خامنئي، الذي يعاني مشاكل صحية جمة.
ولا يشكك أحد في أن منصب رئاسة إيران مجرد أداة تنفيذية في يد الجهة الأكبر والحاكم الفعلي، المرشد الأعلى، خامنئي، لكن الأخير حرص هذه المرة على وجود موال عتيد لا يعارضه قيد أنملة في المنصب؛ فاستبدل حسن روحاني، الإصلاحي المشاكس أحيانا، برئيسي المتشدد فكرا والموالي حركة، وفق مراقبين.
وتظهر النتائج الأولية الرسمية فوزا كبيرا لمرشح النظام إبراهيم رئيسي "60 عاما" على منافسيه الثلاثة؛ وهم محسن رضائي وأمير حسين قاضي زاده هاشمي والمرشح الإصلاحي عبد الناصر همتي، في الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الجمعة، بعد فرز 90% من الأصوات.
وبحسب نتائج أولية رسمية صدرت صباح اليوم، حصل رئيسي على 17 مليونا و800 ألف صوت، بينما حصد الجنرال المتشدد محسن رضائي على 3 ملايين و95 ألفا.
لكن الاقتراع لم يكن تنافسيا، بعد أن استبعد مجلس صيانة الدستور الذي يشرف على الانتخاب، كل المنافسين الأقوياء من قوائم الترشيح، بما فيهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ما دفع مراقبون للقول إن الانتخابات مجهزة منذ البداية لفوز رئيسي.
"القاضي المنحاز"
بدأ رئيسي حياته المهنية بعمر 20 عاما فقط، كنائب للمدعي العام لمدينة كرج في 1980، ثم مدع عام في مدينة همدان بعد ذلك بعامين، قبل أن يحصل على الجائزة الكبرى بعمر صغير في 1985، إذ تولى منصب نائب المدعي العام في طهران، وبات المدع العام في العاصمة في 1990، وخاض مسيرة طويلة في سلك القضاء.
وأصبح رئيسي عضوا في "لجنة الموت" عام 1988، وهي اللجنة القضائية التي نظرت في تقرير مصير عدة آلاف من السجناء السياسيين، وقضت بإعدامهم، ما يثير انتقادات عالمية حتى اليوم.
وخلال عضويته في هذه اللجنة، لعب رئيسي البالغ من العمر 30 عاما آنذاك، دورا بارزا في قرارات إعدام نحو 30 ألف شخص من السجناء السياسيين، وفق تقارير حقوقية وإحصاء المعارضة الإيرانية، في أخطر انتهاك لحقوق الإنسان في تاريخ الجمهورية الإيرانية التي بناها المتشددون في 1979.
وفي عام 2017، نشر الموقع الرسمي لآية الله حسن علي منتظري، نائب المرشد الأعلى الذي أقيل إثر خلاف مع الخميني بسبب إعدامات عام 1988، تسجيلا صوتيا للأول يحتج فيه أمام "لجنة الموت"، على هذه الاعدامات، ووصفها بأنها "أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية".
ملك المال والأعمال
في عام 2016، حول المرشد الأعلى مسار رئيسي المهني من سلك القضاء إلى عالم المال والأعمال، إذ عينه رئيسا لمؤسسة "آستان قدس رضوي" الخيرية في عام 2016، والتي تشرف على شؤون ضريح الإمام الرضا الشهير في مدينة مشهد بإيران.
ولا تتمتع هذه المؤسسة بنفوذ سياسي وديني قوي فقط في إيران، بل تتلقى أيضًا مبالغ طائلة من الأموال التي يتم استثمارها في مشاريع مختلفة.
وتمتلك المؤسسة عقارات وأراض وشركات في مختلف المجالات مثل البناء والسياحة والسلع الاستهلاكية. بكلمات أخرى؛ يمكن وصف هذه المؤسسة بأنها دولة داخل الدولة في إيران.
وسبق لإبراهيم رئيسي الترشح في انتخابات الرئاسة في 2017 ضد حسن روحاني. لكنه لم يفز بالاقتراع واكتفى بالحصول على 38 بالمئة من الأصوات.
ويعتبر رئيسي من بين المقربين إلى المرشد الأعلى خامنئي باعتباره كان أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد.
وبعد ثلاث سنوات من قيادة المؤسسة الخيرية الأضخم في البلاد، عين المرشد، رئيسي، رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية في مارس/آذار 2019 وهو منصب حساس ومهم للغاية، وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
على خطى المرشد
وليس من الغريب أن تتقاطع أقدار رئيسي، والمرشد الأعلى خامنئي، بشكل كبير، فرئيس السلطة القضائية ورئيس إيران الجديد مقرب بشكل كبير من المرشد، وكان أحد طلابه، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه خليفته في المنصب الأهم في البلاد.
وخلال الانتخابات الرئاسية التي انتهت أمس، تمتع رئيسي بثقل ودعم أكبر في الدوائر الحاكمة من أي من منافسيه، لأنه المرشح الأقرب لخلافة خامنئي كمرشد أعلى، وفق موقع مينا واتش النمساوي (خاص).
وتابع الموقع “تولي رئيسي رئاسة البلاد سيكون الخطوة الأخيرة في تأهيله لمنصب المرشد الأعلى"، مضيفا "المنصب الجديد تأكيد نهائي لتوصية خامنئي بأن يخلفه رئيسي في منصب المرشد الأعلى، خاصة وأن خامنئي نفسه كان رئيسًا لإيران قبل أن يتولى منصب المرشد الأعلى في عام 1989".
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg جزيرة ام اند امز