لم تدعس صورة في العالم كما دعست صورة خامنئي في العالم العربي، ذكرونا بدعس علم الاتحاد السوفيتي وتكسير تمثال لينين
أربعون عاماً والملالي يحكمون إيران ويظنون أن حكمهم باقٍ لن يزول ويتمدد، فيما لا تختلف ثورتهم عن ثورة البلاشفة التي أسقطت حكم القياصرة في روسيا، وأسست لها دولة بنيت على أساس توسعي، مستندة إلى تصدير الثورة سميت بالاتحاد السوفيتي، احتلوا الجمهوريات ونصبوا عليها وكلاءهم وحكموا بالدم والنار سبعين عاماً، وظنوا أنهم خالدون حتى ثارت الشعوب عليهم وثارت الجمهوريات التي احتلها البلاشفة وأسقطوا وكلاء الاتحاد السوفيتي وزال حكمهم.
قد يكون الحكم مبكراً على توقيت زوال هذا الكابوس الذي جثم على صدورنا لأربعين عاماً، ولكن كل المؤشرات تدل على أن الأنظمة الشمولية غير قابلة للاستمرار إلا بالقمع والدم والقوة، وذلك علاج مؤقت لديمومتها سرعان ما يفقد مفعوله
وهكذا اعتقد الملالي أن حكمهم لن يزول، خدعتهم طول المدة وصدقوا أن حكمهم إلهي مدعوم من الله، وأن وحياً يوحى لمرجعيتهم، وأن ذلك يجيز لهم التمدد والتوسع واحتلال الشعوب وتصدير معتقداتهم لهم وحكمهم عن طريق وكلائهم، وصدقوا ما يروجونه لأتباعهم أنهم معصومون ومحصنون فتمادوا في غيهم وتغطرسوا على العالم وتكبروا وطغوا، ومارس وكلاؤهم كل أنواع العنف والقمع والقتل، واحتلوا بقوة السلاح أربع عواصم عربية، وصدروا الإرهاب للعالم وصدروا الخراب والدمار.
وبالمقابل أفقروا شعبهم وضغطوا عليه وقمعوه، وفرضوا عليه قناعاتهم الدينية ومعتقداتهم وصرفوا الأموال، هكذا هي الأنظمة الشمولية التي تعتقد أنها فوق البشر.
وعقدوا الصفقات مع كل شيطان مارد لتحسين صورتهم في الغرب، وتصويرهم على أنهم هم المتسامحون المعتدلون، وشروا الأصوات ورشوا الأحزاب، وبالأمس يقول كبيرهم الذي علمهم السحر إنهم ليسوا ضد اليهود بل هم ضد الدولة والكيان الإسرائيلي، متلونون على كل اتجاه في سبيل البقاء والاستمرارية، واليوم يذوقون مر الكأس الذي سقوه لغيرهم.
لم تدعس صورة في العالم كما دعست صورة خامنئي في العالم العربي، ذكرونا بدعس علم الاتحاد السوفيتي وتكسير تمثال لينين.
العراقيون يدعسونها واللبنانيون والسوريون واليمنيون، ونحن في دول الخليج ننظر لهذا الحكم على أنه عدو وخصم لنا إلى يوم الدين، لما فعله في دولنا، ولكل الخراب الذي صدره لنا ولما أحدثه من انتزاع لهوية شرائح من أبنائنا أغواهم وأضلهم، وصدقوا أنه منقذهم ومخلصهم، ورأوا في ثورته حلم الخلاص والتحرر، ورغم كونهم أحراراً في أوطانهم إلا أنهم ارتضوا العبودية له.
قد يكون الحكم مبكراً على توقيت زوال هذا الكابوس الذي جثم على صدورنا لأربعين عاماً، ولكن كل المؤشرات تدل على أن الأنظمة الشمولية غير قابلة للاستمرار إلا بالقمع والدم والقوة، وذلك علاج مؤقت لديمومتها سرعان ما يفقد مفعوله.
وتجميل صورتهم والتظاهر بالقوة وادعاء التماسك لن يطول، فمنهم من يعترف بالضعف الداخلي مثلما قال القائد العام الأسبق لقوات الحرس الثوري محسن رضائي: إن صورة النظام الخارجية "قد تكون قوية جداً، لكن النظام يتآكل ويتجه نحو التفكك والانهيار والتقسيم". وكان ذلك قبل اندلاع الاحتجاجات الأخيرة.
فكيف سيقنع الملا شعبه بتقبل الجوع والفقر وهم يرون المليارات تصرف على مغامراته؟
كيف سيقنعهم وأكثر من 15% نسبة البطالة و70% تحت خط الفقر، أضف إليها تلك الكوارث الطبيعية التي توالت عليهم، أهمها الجفاف ونقص الأمطار الذي هجّر مئات الآلاف من مناطقهم وكدسهم في طرقات المدن الكبرى، مشكلين أكبر أزمة تشهدها إيران منذ عشر سنوات.
هي كلمة أخيرة.. يمهل ولا يهمل.
نقلاً عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة