واشنطن بوست: "الحرس الثوري" يستغل كورونا لتعزيز قبضته بإيران
الحرس الثوري يستغل جائحة كورونا من أجل مزيد من الهيمنة على إيران ونقل البلاد من الاستبداد الديني إلى الاستبداد العسكري
حذرت صحيفة أمريكية من أن "الحرس الثوري" الإيراني يستغل جائحة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19) من أجل مزيد من الهيمنة على البلاد، ما يمثل مرحلة انتقالية من "الاستبداد الديني إلى الاستبداد العسكري".
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أنه في الأسبوع الماضي، ظهر القائد العام للحرس الثوري، اللواء حسين سلامي على التلفزيون الحكومي، للإعلان أن قواته العسكرية اخترعت آلة يمكنها الكشف عن الفيروس من مسافة 100 متر.
وعرض الجنرال الإيراني جهازا أُطلق عليه اسم "مستعان"، وهو عبارة عن أداة محمولة تشبه صحن قمر صناعي صغير، وقال إن نسبة نجاحه البالغة 80% ستساعد في إنهاء أزمة الفيروس في البلاد، ووصفه بأنها "ظاهرة علمية مدهشة".
في المقابل، قلل مسؤولو الصحة الإيرانيون من صحة هذا الادعاء، الذي سخر منه على نطاق واسع رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبرت الصحيفة أن إعلان سلامي مجرد عرض مسرحي لرسالة كان يسعى حكام إيران المتشددون إلى إيصالها في الأسابيع الأخيرة.
وأوضحت أن الحرس "الثوري" كان يروج بقوة لكونه الوصي الحقيقي على إيران خلال الوباء، وهو الذي يقدم العلاج الطبي والعيادات ومساعدات الإغاثة، وأحيانا حتى "علاجات" وإجراءات علاجية مشكوك فيها.
ولفتت إلى أن إيران كانت من بين الدول الأكثر تضررا من جراء الفيروس، حيث تجاوز عدد الوفيات الرسمي 5 آلاف حالة، وهو عدد يعتقد العديد من الخبراء الأجانب أنه يقلل إلى حد كبير من التأثير الحقيقي للفيروس.
وقال مسؤولو استخبارات غربيون ومحللون إيرانيون إنه في الوقت الذي يستمر تفشي الوباء في تدمير البلاد واقتصادها، ينتهز "الحرس الثوري" وحلفاؤه الفرص وسط الأزمة لتوسيع قاعدتهم القوية بالفعل في الوقت الذي يقمعون فيه محاولات إبداء الرأي أو التعبير عن الاستياء.
تأتي خطوات تعزيز السلطة بعد سلسلة من الأزمات الأخيرة، بما في ذلك إسقاط طائرة مدنية أوكرانية شكلت تحديا لسمعة "الحرس الثوري" في الداخل والخارج، وجعلته في موضع اتهام.
ولكن في الوقت الراهن، وبدعم صريح من المرشد الإيراني علي خامنئي، تولى الجيش والحرس الثوري وقوات "الباسيج" شبه العسكرية قيادة جهود استجابة البلاد للوباء، بما في ذلك بناء المستشفيات وإنفاذ قوانين الحجر الصحي.
وفي سياق متصل، قال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن محاولة الأذرع الأمنية لفرض هيمنة أكبر خلال الأزمة يبدو أنها تستهدف جزئيا تشويه سمعة الرئيس حسن روحاني، الذي ألقى القادة المتشددون باللائمة على حكومته الأكثر اعتدالا في الفشل في استجابة مبكرة للوباء.
ويقول محللون أمريكيون وأوروبيون إن الدور الجديد للحرس الثوري يمكن أن يترك إيران بقوة أكبر في أيدي العناصر المعادية للغرب بشدة، التي تفضل منحى أكثر مواجهة تجاه خصومها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، قال كريم ساجادبور، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وكبير باحثين في مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي"، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن: "لقد أسهم كوفيد-19 في اتجاه بدأ منذ فترة طويلة، وهو انتقال إيران من الاستبداد الديني إلى الاستبداد العسكري".
وأضاف سادجادبور: "لا أحد يستطيع أن يقول لا للحرس الثوري هذه الأيام".
ونوهت الصحيفة بأن لعبة السلطة التي يمارسها الحرس الثوري تأتي في وقت يواجه فيه التنظيم ضغوطاً مالية وضغوطا أخرى شديدة؛ لا سيما بعد مقتل أبرز قادته اللواء قاسم سليماني، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في يناير/كانون الثاني، وتداعيات فيروس كورونا الذي قتل وأصاب العديد من القادة والجنود.
لكن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تفشي المرض وجهت ضربة أكبر بكثير للتنظيم، وفقا لمسؤولي الاستخبارات الأمريكية والأوروبية، حيث يعاني الاقتصاد الإيراني، الذي تضرر بالفعل من العقوبات الأمريكية، من تداعيات الفيروس، ما دفع طهران الشهر الماضي لطلب قرض طارئ بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
كما تعرضت العديد من المؤسسات المالية التابعة للحرس الثوري، بما في ذلك في قطاعات البناء والسيارات والنفط والغاز في إيران لضربات مباشرة، وأدى النقص النقدي المفاجئ إلى توتر العلاقات مع المليشيات الموالية لإيران في لبنان وسوريا واليمن.
وأفادت الصحيفة بأن الحرس الثوري يستمد الكثير من دخله من النفط الذي يجري تهريبه وبيعه في السوق السوداء في تحدٍ للعقوبات الدولية.
لكن نتيجة الانتشار العالمي للفيروس وانهيار أسواق النفط في جميع أنحاء العالم، اضطر الحرس الثوري وجناح عملياته الخارجية، "فيلق القدس"، إلى تقليص أو تجميد بعض أنشطتهم.
وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن قادة الحرس الثوري لجأوا إلى عملاء المليشيات الموالية لطلب المساعدة المالية، ما أثار غضب بعض المليشيات في ظل الظروف الجديدة.
وقال مسؤول استخباراتي أوروبي، لم يكشف عن هويته: "ليس لديهم الكثير من المال ليتبرعوا به".
وأضاف المسؤول: "طُلب من المليشيات في لبنان ودول أخرى جمع التبرعات وتحويل الأموال إلى هيكل جهاز الأمن الإيراني".
وفي هذا الصدد، أشار مسؤولون ومحللون أمريكيون وأوروبيون إلى أنه مع نضوب أرباح النفط، يسعى قادة التنظيم جاهدين للعثور على مصادر جديدة للدخل.
وقال محلل إيراني مقيم في أوروبا، فضل عدم الكشف عن هويته: "لقد زادوا من جهودهم في التهريب والأنشطة الإجرامية الأخرى لكسب المال".
وأضاف: "إيران تعرضت لضغوط شديدة بسبب العقوبات. الآن أسعار النفط وكذلك كوفيد-19 تضربهم بشدة".
وسجلت إيران أكثر من 85 ألفا و996 إصابة بالفيروس، وأكثر من 5 آلاف و391 وفاة، بينما تعافى 63 ألفا و113 شخصا حتى صباح الأربعاء.
ويكافح العالم في الوقت الراهن من أجل السيطرة على تفشي المرض، بعد ارتفاع عدد الوفيات حول العالم، الخميس، إلى 184 ألفا و614، وبلوغ عدد المصابين نحو 2.65 مليون شخص، بينما تعافى 724 ألفا و281 شخصا.
aXA6IDMuMTQ1LjkxLjExMSA= جزيرة ام اند امز