بعد رئيسي وعبد اللهيان.. إيران على مفترق طرق داخلي وخارجي
أسالت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، جراء تحطم مروحيتهم، الكثير من حبر التساؤلات بشأن التداعيات والتأثير المحتمل على السياسة الخارجية والداخلية.
ففيما يرى خبراءُ تحدثت إليهم "العين الإخبارية" أنّ مسارَ السياسةِ الخارجيةِ الإيرانيةِ سيبقى على نفسِ النهجِ دونَ تغييرٍ جوهريٍّ، وذلكَ لِسيطرةِ المرشدِ الأعلى علي خامنئي والحرسِ الثوريِّ على "القراراتِ الاستراتيجيةِ" في البلادِ.
- «دبور الجحيم».. كل ما تريد معرفته عن مروحية الرئيس الإيراني
- رسميا.. وفاة رئيس إيران ووزير خارجيته في حادث المروحية
إلا أنّهم يُحذّرونَ في الوقتِ ذاتهِ من احتمالِ نشوءِ "صراعٍ سياسيٍّ" داخلَ تيارِ المحافظينَ الأصوليينِ، وليس بينَ تياراتٍ سياسيةٍ أخرى.
ويُرجّحُ هؤلاءِ الخبراءُ أنّ الصراعَ قدْ يندلعُ على مناصبِ القيادةِ والنفوذِ داخلَ التيارِ المحافظِ، ممّا قدْ يُؤدّي إلى زيادةِ الخلافاتِ الداخليةِ وتوتّرها.
ولكنْ، لا يزالُ من المبكرِ الجزمُ بِحجمِ التأثيرِ الحقيقيِّ لهذهِ التطوراتِ على مستقبلِ إيرانَ، سواءً على الصعيدِ الداخليِّ أو الخارجيِّ،فالأيامُ القادمةُ ستُظهرُ كيفَ ستتعاملُ المؤسساتُ الإيرانيةُ معَ هذا الفراغِ في السلطةِ، وكيفَ ستَتَكشّفُ خيوطُ الصراعِ على الخلافةِ.
وإلى ذلكَ الحينِ، تبقى إيرانُ على مفترقِ طرقٍ، تواجهُ تحدياتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ جسيمةً، قدْ تُحدّدُ مسارَها في المستقبلِ المنظورِ.
الرئيس المؤقت
وأعلن مجلس صيانة الدستور الإيراني، أن محمد مخبر النائب الأول للرئيس الإيراني سيتولى المهام التنفيذية للبلاد، بعد موافقة المرشد الإيراني علي خامنئي، عقب الإعلان عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي جراء حادث تحطم مروحيته.
كما أعلنت الحكومة الإيرانية، الإثنين، تعيين على باقري وزيرا للخارجية بالوكالة خلفا لحسين أمير عبداللهيان.
وكانت الحكومة الإيرانية أصدرت بيانا ينعى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان والوفد المرافق لهما في حادث تحطم مروحية كانت تقلهم.
وتحطمت مروحية رئيسي في محافظة أذربيجان الشرقية، في ظروف جوية سيئة، وكانت تقل إضافة إلى رئيسي، وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، وعددا من المسؤولين وحراس الرئيس الإيراني وطاقم المروحية.
السياسية الخارجية
وبشأن التغيير المتوقع في السياسة الخارجية الإيرانية بعد وفاة رئيس الجمهورية، عاد الدكتور عارف نصر، الخبير في الشأن الإيراني، في حديثه الخاص لـ"العين الإخبارية"، إلى الدستور الإيراني وإلى صلاحيات الرئيس، مشيرا إلى أنه "لا يتمتع في الحقيقة بصلاحيات كبيرة".
إزاء ذلك، لا يعتقد "عارف" أن غياب رئيسي سيحدث شغورا كبيرا بمنصب رئاسة الجمهورية في الفترة الانتقالية؛ لأن الشخصية القيادية ذات التأثير الواضح في شخص المرشد علي خامنئي.
كما أشار الخبير في الشأن الإيراني، إلى أنه على الصعيد الخارجي فإن سياسة البلاد تتحدد من قبل المرشد الأعلى للبلاد، الذي يقوم بتعيين وزير الخارجية وعدد من الوزارات السيادية مثل النفط والاستخبارات، ويسيطر على القرارات الاستراتيجية في البلاد.
وقال في هذا الصدد، إنه على المستوى الإقليمي وقضايا حرب غزة والأذرع الموالية لإيران، فإن السياسة الإيرانية تتأثر بشكل كبير بقرارات فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، وليس من خلال وزارة الخارجية".
وظهر تأثير الأشخاص على التوجهات السياسية بشكل واضح في حقبة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الذي اغتيل في غارة أمريكية عام 2020، والذي كان له تأثير واضح على السياسة الإيرانية الخارجية، أكبر من القائد الحالي قاآني، وفقا للخبير الإيراني.
العلاقات مع الغرب
وحول تأثير وفاة "رئيسي" على علاقات إيران بالغرب والولايات المتحدة، أبرز: "طهران ستواجه بشكل واقعي نسخة طبق الأصل من سياسة أمير عبد اللهيان، على الأقل خلال فترة الخمسين يوما المقبلة، والتي وفق المادة 131 من الدستور الإيراني ستمهد لإجرا الانتخابات المقبلة".
وتابع: "علي باقري من نفس الاتجاهات السياسية لعبد اللهيان، وهو عادة ما لا يثق بالغرب، ولا بالولايات المتحدة ويماطل بالملف النووي".
السياسة الداخلية
لكن وعلى صعيد الداخل الإيراني، فـالسياسة الداخلية - بحسب عارف - ربما تشهد عدة تغيرات ليس في الفترة الانتقالية وحسب بل بالفترات التي تليها، وهو ما فسره بالقول: شاهدنا بالانتخابات النيابية الأخيرة مؤخرا عزوفا كبيرا من الناخبين وهو تحد كبير أمام النظام الحالي يتعلق بكيفية تجاوز الانتخابات الرئاسية المقبلة هذا الأمر.
وحتى يتجنب النظام الإيراني هذا الإحراج، والحديث لعارف، فسيكون أمامه خياران، الأول صعب وهو خيار سياسة فتح الأبواب، بأن تكون هناك مصالحة وطنية وعودة بالإصلاحيين أملا بأن تكون هناك نسبة مشاركة أكبر في الانتخابات.
والخيار الثاني؛ الضغط للمشاركة لاختيار خليفة لإبراهيم رئيسي عبر انتخابات شكلية تمهد لعملية العبور إلى ولاية فقيه جديد من الأرجح أنه سيكون مجتبي خامنئي نجل المرشد خامنئي.
التأثير
وبدوره، قال الدكتور وجدان عبدالرحمن، الخبير في الشأن الإيراني المقيم في بريطانيا، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن السياسة الخارجية الإيرانية على الصعيد الإقليمي لن تتأثر بشكل كبير، لاسيما وأن الحرس الثوري الايراني يهيمن بشكل كبير على هذا الملف.
كما أن السياسة الخارجية لن تتأثر أيضا حيث إن "وزير الخارجية في إيران هو فقط من ينقل الرسائل، وليس من يقرر".
وبخلاف السياسة الخارجية، يتوقع عبد الرحمن أن تكون هناك "تداعيات على الداخل الإيراني، تتعلق أبرزها بزيادة حدة الخلافات الداخلية بين الأصوليين أنفسهم".
وهذا ما ذهب إليه الدكتور محمد عباس ناجي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، قائلا إن التأثير الداخلي المتوقع يتمثل في اشتداد الصراع السياسي داخل تيار المحافظين.
وباعتقاد ناجي: "فإن مستوى التنافس السياسي بين القوى السياسية سيرتفع داخل تيار المحافظين الأصوليين، حيث سيكون التنافس على رئاسة مجلس الشورى ومنصب الرئيس.
وبين أن "الجميع سيكون لديه طموح لمنصب الرئيس، لكن هذا التنافس سيكون داخل أجنحة تيار المحافظين الأصوليين وليس تيارا آخر".
كما أكد على أن "الأذرع الإيرانية في المنطقة لن تتأثر كثيرا، لأن مفاتيح العلاقة مع هذه التنظيمات ليست مع الرئيس بل مع الحرس الثوري الإيراني والمرشد.
«بلا تأثير»
وفي تحليله، لم يذهب الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بعيدا، قائلا في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "سلطات الرئيس الإيراني محدودة مقارنة بالمرشد الذي يمسك بزمام السلطة الحقيقية، ويشرف على الحرس الثوري مباشرة".
وشدد "عبدالفتاح" على أنه "لن يكون لغياب رئيس إيران ووزير الخارجية تأثير محوري على نشاط الفصائل الموالية لإيران؛ لأن هذا الملف ليس من اختصاص رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية وإنما من اختصاص المرشد وقيادات الحرس الثوري وتحديدا فيلق القدس"
وفي ملمح أخر، وحول ما تردد عن وجود شبهة جنائية خلف حادث تحطم الطائرة المروحية، لفت الخبير بمركز الأهرام، أن: "أي جهات خارجية خاصة إسرائيل مستبعدة، لأن المستهدف والمعني أكثر بالنسبة للأخيرة هو قيادات في الحرس الثوري، أو خبراء صواريخ ومسيرات، أو علماء في الطاقة النووية".
مردفا :"يخرج مسؤولون سياسيون مثل الرئيس من دائرة الاستهداف، حيث إن إسرائيل تعلم أنه لا يملك المعرفة في القضايا الأمنية والاستراتيجية بالعمق الذي يربك حساباتها"، بحسب قوله.
aXA6IDE4LjIyMi45Mi41NiA= جزيرة ام اند امز