برسالة خامنئي وترسانة صواريخ.. طهران ترد على ترامب بنغمة التحدي النووي

بكشفها عن ترسانة صاروخية جرى ترميمها وتطويرها في قاعدة تحت الأرض، وبرسالة إلى الرئيس الأمريكي، تطورات زادت من توترات الوضع بين واشنطن وطهران.
وكان دونالد ترامب، وجه رسالة لإيران، يوم الأحد، قائلا في مقابلة بثّتها محطة "فوكس نيوز": "حين دمّرنا قدراتهم النووية، توفقوا عن التصرف برعونة في الشرق الأوسط".
رسالة خامنئي
رسالة رد عليها المرشد الإيراني علي خامنئي الإثنين، قائلا إن الرئيس الأمريكي واهم باعتقاده أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية بضربات أمريكية في يونيو/حزيران الماضي.
وتساءل المرشد الإيراني "ما شأن أمريكا إن كانت إيران تمتلك صناعة نووية؟". وأضاف متوجها لترامب "من أنت لتقول إن دولة ما يجب أو لا يجب أن تمتلك الطاقة النووية؟".
وقصفت الولايات المتحدة في 22 يونيو/حزيران الماضي، موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في جنوب طهران، إضافة إلى منشآت نووية في أصفهان ونطنز بوسط البلاد، في خضم حرب استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل.
ولم تُعرف بعد حصيلة الأضرار بدقّة، غير أن الرئيس الأمريكي يكرّر منذ أشهر أن هذه المواقع "دُمّرت بالكامل".
وقال دونالد ترامب في خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي الأسبوع الماضي "أسقطنا 14 قنبلة على المنشآت النووية الرئيسية. وكما قلت منذ البداية، لقد دُمّرت بالكامل، وقد تم تأكيد ذلك".
وكانت إيران والولايات المتحدة قد قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979. وفي أبريل/نيسان الماضي، بدأت طهران وواشنطن مفاوضات غير مباشرة بوساطة سلطنة عمان حول البرنامج النووي الإيراني، لكنها توقفت بعدما شنّت إسرائيل في 13 يونيو/حزيران هجوما مباغتا ضد إيران، ما أشعل حربا استمرت 12 يوما، شاركت فيها الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.
وخلال الحرب، نفّذت إسرائيل مئات الضربات ضد مواقع نووية وعسكرية في إيران، واغتالت عددا من العلماء المرتبطين ببرنامجها النووي، فيما ردّت طهران بإطلاق صواريخ ومسيّرات على مناطق إسرائيلية عدة.
وتتّهم إسرائيل، عدو إيران اللدود، ومعها دول غربية، طهران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفيه الأخيرة مؤكدة أن برنامجها النووي مخصّص لأغراض مدنية بحتة.
تطورات عسكرية
وكشفت إيران عن ترسانة صاروخية تم ترميمها وتطويرها في قاعدة تحت الأرض، كجزء من تقرير إخباري حكومي يسلط الضوء على الأنظمة التي تضررت خلال الصراع مع إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي والتي عادت الآن إلى الخدمة.
وقدّم البثّ نظرةً نادرةً داخل منشآت الحرس الثوري الإيراني، حيث أظهرت منصات إطلاق الصواريخ آثار شظايا الغارات الإسرائيلية، وصوّر، كما زُعم، صواريخ تُطلق على إسرائيل خلال حرب الأيام الاثني عشر. ويُعدّ هذا أول عرضٍ علنيٍّ لقدرات إيران الصاروخية منذ بدء الصراع.
لماذا هذا مهم؟
بحسب مجلة «نيوزويك»، فإن هذا العرض يؤكد أن الصراع العسكري والتكنولوجي بين إيران وإسرائيل لا يزال دون حل رغم وقف إطلاق النار في 24 يونيو/حزيران.
وقد أثارت الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران ردًا صاروخيًا وطائرات مُسيّرة، مُمثلةً بذلك أحد أكثر الاشتباكات المباشرة بينهما منذ سنوات. كما قصفت القوات الأمريكية منشآت نووية إيرانية أواخر يونيو/حزيران، مما أدى إلى إبطاء وتيرة التخصيب وتكثيف مراقبة واشنطن لبرامج إيران الصاروخية والنووية.
رسالة مزدوجة
وكان العرض الذي قدمه الحرس الثوري الإيراني يهدف إلى طمأنة الجماهير المحلية والإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل بأن قواته الصاروخية لا تزال عاملة ومرنة بشكل متزايد - مما يسلط الضوء على خطر التصعيد الإقليمي الأوسع، وانقطاعات الطاقة، وتجدد القلق الدولي بشأن الانتشار النووي.
ووفقًا لوسائل الإعلام الرسمية، فإن الكشف عن هذا النظام يعد جزءًا من مبادرة القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني لإعادة بناء وتعزيز جاهزية الصواريخ بعد حرب الـ 12 يومًا . وأوضح الحرس الثوري الإيراني أن هذه التحديثات تهدف إلى تحسين مرونة أنظمة الصواريخ متوسطة المدى وأدائها التقني.
تضمن البث لقطات مصحوبة بموسيقى درامية، تُظهر مجموعة من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى (MRBMs) على منصات إطلاق جديدة ومُجددة.
وتضمن العرض إصدارات من صواريخ "قدر" و"عماد" العاملة بالوقود السائل، وسلسلة "خيبر شيكان" العاملة بالوقود الصلب، و"فاتح-1".
ولا تزال إحدى منصات الإطلاق تحمل آثار اصطدام واضحة جراء الغارات الإسرائيلية. وتضمن التقرير مقابلة مع مسؤول في الحرس الثوري الإيراني، الذي أرشد المراسل عبر الموقع مع إخفاء وجهه عمدًا، مما يُبرز أمن العمليات.
وقد انتشرت لقطات من البث على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار اهتمامًا دوليًا ونقاشًا حول قدرات إيران الصاروخية.
صواريخ باليستية
ولا يزال برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني محوريًا في استراتيجيته الدفاعية. فخلال الصراع مع إسرائيل، أطلقت إيران مئات الصواريخ، اخترق بعضها الدفاعات الإسرائيلية، مما يُظهر قدرات متطورة.
ويقول المسؤولون إن البرنامج مُصمم للردع التقليدي، مع أن إسرائيل ودولًا أخرى تعتبره تهديدًا إقليميًا.
وأعلنت إيران يوم السبت أنها لم تعد ملزمة بخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، والتي حدت من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "جميع الأحكام.. بما في ذلك القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.. تعتبر منتهية"، مؤكدة في الوقت نفسه "الالتزام بالدبلوماسية".
الاتفاق، الذي وقّعته إيران والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، ظلّ معطلاً إلى حدّ كبير منذ عام 2018، عندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات. وقد أصرّت طهران باستمرار على أن برنامجها النووي مُخصّص للأغراض المدنية فقط.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
يعكس عرض الصواريخ التموضع العسكري المستمر، في الوقت الذي تُقيّم فيه كل من إيران وإسرائيل تداعيات صراع يونيو. ومع تحذير كل طرف من الرد على هجمات مستقبلية، يبقى استقرار وقف إطلاق النار غير مؤكد.
وفي الوقت نفسه، يواصل البرنامج النووي الإيراني تقدمه، مما يزيد من توتر الوضع بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة والجهات الدولية الفاعلة الأخرى التي تراقب قدرات طهران.