كوثراني خليفة سليماني بالعراق.. ذراع إيران المدرج بقوائم الإرهاب
تولى رئاسة الملف العراقي في مليشيا حزب الله اللبنانية عقب سقوط نظام حزب البعث في العراق عام ٢٠٠٣
يسعى الإرهابي محمد كوثراني مسؤول الملف العراقي في مليشيا حزب الله اللبنانية الإرهابية إلى إنجاح مهمته الجديدة في قيادة النفوذ الإيراني بالعراق الذي كُلف به من قبل مليشيا الحرس الثوري بعد مقتل قائد فيلق القدس الإرهابي قاسم سليماني بغارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي فجر ٣ يناير/كانون الثاني الماضي.
وتولى كوثراني رئاسة الملف العراقي في مليشيا حزب الله اللبنانية عقب سقوط نظام حزب البعث في العراق عام ٢٠٠٣.
ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، يواصل كوثراني إدارة الملف السياسي العراقي ولطالما لعب أدوارا رئيسية في التقريب بين الأطراف السياسية التابعة لإيران بالعراق، وإدامة السيطرة الإيرانية على الحكومات المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن حزب الله اللبناني عقد اجتماعات عاجلة مع قادة فصائل عراقية مسلحة، لمواجهة ما وصفته بـ"الفراغ الكبير" الذي خلفه مقتل قاسم سليماني وأبومهدي المهندس.
ونقلت الوكالة عن مصدرين مطلعين على الاجتماعات أن اللقاءات التي استضافها محمد الكوثراني ممثل حزب الله في العراق، استهدفت التنسيق بين الفصائل المسلحة العراقية التي غالبا ما تسودها الانقسامات.
وأشارت المصادر إلى أن حزب الله اللبناني، المصنف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، تدخل للمساعدة في ملء الفراغ الذي تركه سليماني فيما يتعلق بتوجيه الجماعات المسلحة.
وولد محمد كوثراني القيادي في مليشيا حزب الله بمدينة النجف العراقية، ويمضي منذ عام ٢٠٠٣ معظم وقته ما بين العراق ولبنان ضمن واجباته لتعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة ومراعاة المصالح المالية والسياسية والعسكرية الإيرانية في العراق ودعم مليشيات طهران.
وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية اسم كوثراني في لوائح الإرهاب الدولية عام ٢٠١٣، وبحسب معلومات الخزانة الأمريكية فهو يحمل الجنسيتين العراقية واللبنانية ولديه قيود ميلاد بتواريخ متعددة منها ١٩٤٥ و١٩٥٩و١٩٦١، ولديه اسمان هما محمد كوثراني وجعفر كوثراني.
تدريب المليشيات
ساهم كوثراني في تشكيل مليشيا كتائب حزب الله العراق إلى جانب زعيمها أبومهدي المهندس الذي قتل في يناير/كانون الثاني الماضي بغارة أمريكية مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي.
كما أشرف على تدريب مليشيات حزب الله العراق وعصائب أهل الحق من قبل خبراء من مليشيا حزب الله اللبنانية لتنفيذ هجمات إرهابية ضد القوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق والمدنيين عام ٢٠٠٥ بأوامر مباشرة من قاسم سليماني.
ولعل أبرز الهجمات التي أشرف محمد كوثراني على التخطيط لها بشكل مباشر كان الهجوم الذي نفذته مليشيا العصائب بزعامة الإرهابي قيس الخزعلي عام ٢٠٠٧ على مركز التنسيق المشترك بين القوات الأمنية العراقية وقوات التحالف الدولي في محافظة كربلاء جنوب العراق الذي أسفر عن مقتل 5 جنود أمريكيين.
ولعب كوثراني دورا بارزا في ترسيخ الوجود الإيراني بالعراق وسيطرة الحرس الثوري عبر فيلق القدس جناحه الخارجي على العملية السياسية العراقية منذ عام ٢٠٠٦.
وبحسب معلومات استخباراتية عراقية حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادرها، كان لكوثراني دور رئيسي في تنفيذ خطة تفجير الإمامين العسكريين في مدينة سامراء عام ٢٠٠٦ التي أدت إلى اندلاع الحرب الطائفية بين السنة والشيعة في العراق وحصدت أرواح آلاف المدنيين.
السيطرة السياسية
ومع تولي رئيس حزب الدعوة نور المالكي المقرب من إيران رئاسة الحكومة العراقية عام ٢٠٠٦، أصبح كوثراني المشرف على العملية السياسية في البلاد وعراب تعيين الوزراء والمديرين العاميين والقادة العسكريين ومنسق كافة العمليات المالية والدعم المالي الخاص بالحرس الثوري وحزب الله بين العراق وإيران ولبنان.
وعمل على تعزيز عمليات توفير التدريب والتمويل والدعم السياسي واللوجستي للمليشيات الإيرانية في العراق.
وتكشف معلومات الخزانة الأمريكية عن دور كوثراني في إفراج المحكمة العراقية عن علي موسى دقدوق القيادي البارز في حزب الله اللبناني عام ٢٠١٢ عقب اعتقاله مع قيس الخزعلي وشقيقه ليث الخزعلي من قبل القوات الأمريكية في ٢٠٠٧؛ لمسؤوليتهم عن العديد من الهجمات ضد قوات التحالف في العراق، بما فيها الهجوم على مركز التنسيق المشترك في كربلاء.
وعقب اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام ٢٠١١ باشر كوثراني مهمة الإشراف على نقل عناصر المليشيات من إيران والعراق إلى سوريا للمشاركة في قمع الاحتجاجات وحماية النظام فيها من السقوط.
ولم يتوقف عند ذلك، فقد عمل جنبا إلى جنب مع قاسم سليماني وأبومهدي المهندس في نقل الأسلحة والعتاد والصواريخ من إيران إلى سوريا عبر العراق.
فضلا عن فتح العديد من المعسكرات الخاصة بتدريب عناصر المليشيات داخل الأراضي العراقية قبل نقلهم.
ويشرف كوثراني مع مساعده علي دقوق في إدارة عمليات تجنيد الشباب العراقي في صفوف المليشيات وعلى مراكز التجسس الإيرانية داخل العراق التي تحتضن أجهزة متطورة.
وتنتشر المراكز الإيرانية في غالبية مدن العراق لكن مقرها الرئيس يقع في بلدة "جرف الصخر" جنوبي العاصمة بغداد التي تمثل مركز القواعد العسكرية الإيرانية في البلاد بعد أن نفذت مليشيات الحشد الشعبي حملة إبادة جماعية ضد أهلها عام ٢٠١٤.
التدخل في سوريا
ويمتلك كوثراني استثمارات مشتركة مع قادة المليشيات العراقية وقيادات فيلق القدس في العراق حصلوا عليها خلال حكم رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي.
وتتركز الاستثمارات في قطاع التعليم والمطابع وخاصة في مجال الجامعات والمدارس الأهلية في بغداد ومدن الجنوب.
إلى جانب الاستثمار في مجال الفنادق والبنوك والنفط، وتتوسع هذه الاستثمارات سنويا من خلال التسهيلات التي يحصل عليها كوثراني وشركاؤه من العراقيين والإيرانيين.
أما مصانع الصواريخ والطائرات المسيرة ومخازنها التي افتتحتها إيران في العراق فهي الأخرى تقع في إطار مهام كوثراني الذي يعمل منذ سنوات بشكل مباشر مع عدد من قادة فيلق القدس على نقلها عبر مطار النجف جنوب العراق إلى اليمن وسوريا وجنوب لبنان لدعم مليشيات حزب الله والحوثي والمليشيات الإيرانية الأخرى.
وبعد الانتخابات البرلمانية التي شهدها العراق عام ٢٠١٨ والصراعات التي أعقبتها على تشكيل الحكومة بين الأحزاب التابعة لإيران ومليشياتها، اختار سليماني محمد كوثراني ليكون أحد المشرفين على الحكومة العراقية لمنع خروجها من سيطرة النفوذ الإيراني.
وتمكن كوثراني الذي اتخذ من بغداد مقرا له على مدى عدة شهور امتدت من يونيو/حزيران من عام ٢٠١٨ وصولا إلى إعلان تشكيل الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام من رأب الصدع بين المليشيات الإيرانية وجمعها على ترشيح عادل عبدالمهدي لرئاسة الوزراء لقربة من إيران والحرس الثوري.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية ببغداد ومدن جنوب العراق ضد حكومة عادل عبدالمهدي والنفوذ الإيراني عاد كوثراني مجددا إلى بغداد وانضم إلى غرفة العمليات التي شكلتها طهران لقمع الاحتجاجات العراقية.
وأشرف على تنفيذ خطة فيلق القدس ومليشياته لإنهاء المظاهرات عبر استخدام العنف المفرط وهو ما فشل فيه حتى اللحظة.
مقتل سليماني
واعتبر مختصون بالشأن العراقي أن مهمة كوثراني الحالية عقب مقتل سليماني والمهندس صعبة جدا.
فرغم علاقاته الواسعة مع النفوذ الإيراني في العراق وارتباطه بقادة المليشيات، فإنه لن يتمكن من لعب دور سليماني في قيادة هذا النفوذ، خاصة أن إيران ومليشياتها في العراق والمنطقة تحتضر منذ مقتل سليماني.
وعقد كوثراني منذ توليه دور سليماني بشكل مؤقت في يناير/كانون الثاني وحتى الآن أكثر من 3 اجتماعات في النجف وقم وبيروت وبغداد مع قادة مليشيات الحشد الشعبي والسياسيين العراقيين التابعين لإيران.
وتمكن من حثهم على انتخاب وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي لتشكيل الحكومة خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي.
لكنه فشل في توحيد صفوف المليشيات تحت قيادة واحدة، الأمر الذي دفع بالحرس الثوري الإيراني إلى التفكير في تنصيب شخصية من قادة الحرس لإدارة الملف العراقي.
وأكد سياسي عراقي بارز لـ"العين الإخبارية" أن "كوثراني ليس وحيدا في إدارة النفوذ الإيراني بالعراق بل يعمل معه السفير الإيراني إيرج مسجدي، وعلي أكبر محمدي المسؤول في السفارة الإيرانية ببغداد وحسن دنائي فر السفير الإيراني السابق والقيادي بالحرس الثوري وعدد من ضباط فيلق القدس وحزب الله".
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز