"القتل المستهدف".. هل تنجح مناورة إسرائيل في إيران؟
قتل 7 أشخاص تابعين للحرس الثوري الإيراني، بينهم عقيدان، في حوادث منفصلة خلال العام الجاري، ولم يكن مفاجئا اتهام طهران لإسرائيل.
وفي هذا الإطار، ذكر تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، وأعدته دانييل بليتكا، الزميلة البارزة بمعهد "أمريكان إنتربرايز"، أن "الاغتيالات لطالما كانت أداة حيوية في الترسانة الإسرائيلية".
ولفت التحليل ذاته إلى أن الإسرائيليين بارعون في تلك العمليات السرية.
لكن مهارات الإسرائيليين، بحسب التحليل، ليست القضية، بل الجدوى من عمليات القتل، متسائلا عما "إذا كانت السياسة الخارجية التي توظف أداة الاغتيال تحقق نجاحا بالفعل أم لا؟".
وبدأ التحليل بالحديث عن إيران، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستهدف عادة عناصر مهمة في برامج الأسلحة النووية والصاروخية الإيرانية.
وبالرغم من ذلك كانت هناك استثناءات، كما حدث في 2020، عندما استهدفت الفرق الإسرائيلية، بناء على طلب الحكومة الأمريكية، عبدالله أحمد عبدالله، المعروف باسم أبومحمد المصري، المسؤول الكبير في تنظيم القاعدة والعقل المدبر لتفجيرات السفارة الأمريكية في شرق أفريقيا عام 1998، وفق تقارير صحفية.
محسن فخري زاده
وكان أخطر تلك العمليات قتل محسن فخري زاده، العالم النووي الإيراني البارز عام 2020، والذي "كان معروفا منذ فترة طويلة لوكالات الاستخبارات حول العالم، وكان محور البرنامج النووي الإيراني غير المشروع".
ولم يلعب فخري زاده دورا أساسيا فحسب في التخطيط العلمي لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني، بل يقال إنه كان عنصرا أساسيا في تصدير إيران للتكنولوجيا النووية، ورصدته أطراف مهتمة في كوريا الشمالية.
ورأى التحليل أن مقتل فخري زاده كان أمرا أغرب من الخيال منذ البداية، حيث ألقت التقارير الإيرانية المشوشة اللوم على قنبلة، لكن في النهاية استقرت على مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد باعتباره الأداة لقتل العالم.
والأمر المثير للاهتمام أنه بالرغم من رفض المسؤولين الإسرائيليين عادة التعليق على عمليات القتل المستهدفة المزعومة، اختار شخص ما في الاستخبارات الإسرائيلية مشاركة القصة الكاملة لمقتل فخري زاده مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بأدق تفاصيلها.
وقال هذا الشخص الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، إن قافلة فخري زاده تباطأت بسبب المطبات قبل التوقف أمام شاحنة "زامياد"، وهي شاحنة نيسان "بيك أب" كان مركبا عليها مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد.
وبدأ السلاح يطلق وابلا من الرصاص، ليصيب مقدمة السيارة، وكانت الرسالة إلى طهران واضحة، بحسب التحليل، متمثلة في: "نعرف أين أنتم، ونعرف ما تفعلونه، ويمكننا القضاء عليكم بالوقت الذي نختاره."، وفق المصدر ذاته.
وبحسب "فورين بولسي، لا توجد كلمات تصف رد فعل الإيرانيين أفضل من أنهم أصيبوا بالهلع، لافتا إلى أنه كانت هناك روايات مشوشة تمثلت في فرقة قتلة، وقنابل، وأقمار صناعية، ثم التهديدات الروتينية.
تخبط كبير
وألقى وزير الاستخبارات الإيراني باللوم على المتواطئين الإيرانيين داخل القوات المسلحة الوطنية، بعد حادث قتل العالم.
وتابع التحليل "يٌعتقد أن مواجهة وهمية تماما تتناقلها التقارير على نطاق واسع داخل إيران، بين بحرية الحرس الثوري وسفينة أمريكية في خليج عمان قبل حوالي عام، كانت بمثابة محاولة خرقاء لحفظ ماء وجه إيران بعد الخروقات الأمنية المهينة التي مكنت من اغتيال فخري زاده".
ورأى التحليل أنه "من الصعب التشكيك في أهمية فخري زاده، فقد كان في أحد الأوقات رأس البرنامج النووي الإيراني وذاكرته التاريخية، ولهذا لا يمكن وصف مقتله سوى بأنه حركة استراتيجية ذكية من جانب إسرائيل".
ولن يكون استبدال فخري زاده سهلا على الإيرانيين، بحسب التحليل، إذ يتفق كثيرون على أن خسارته ستمثل انتكاسة للبرنامج النووي الإيراني المستمر.
واعتبر التحليل أن استهداف كبار القادة المهمين لبرنامج إيران ليس تكتيكيًا فحسب؛ بل له معنى استراتيجي من وجهة نظر إسرائيل.
وأضاف "حتى بين الديمقراطيات المتقدمة يمكن أن تكون هناك نقاط ضعف فردية، وتتضاعف نقاط الضعف تلك للحكومات غير الديمقراطية والتتنظيمات الإرهابية، حيث تتركز القوة والمعرفة العملية بين قلة مختارة".
استراتيجية ناجحة
وفي الحقيقة، بحسب التحليل، كان ما يسمى الآن بـ"القتل المستهدف" ناجحا للغاية، بالرغم من أن الكلمة تبدو غير ملائمة، لدرجة أن إسرائيل زادت ووسعت نطاق البرنامج، ولا تتطلع الآن للقضاء على شخصيات بارزة بالبرامج النووية والصاروخية الإيرانية فحسب، بل أيضا المسؤولين من المستوى المتوسط الذين يعملون على الأسلحة.
ولا تتبنى إسرائيل وحدها عمليات القتل المستهدف، فعلى الرغم من تأكيد الولايات المتحدة نبذها لممارسة الاغتيال، لكن واقعيا تبنت تلك الممارسة، بالنظر إلى تنفيذها المئات من تلك العمليات، كانت في معظمها من خلال الطائرات المسيرة خلال السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأوضح التحليل أن القتل المستهدف أصبح أداة من أدوات فن الحكم لأنه يأتي بثماره، بمعنى أنه يحقق الأهداف المحددة:
وتابع "بالرغم من أن القضاء على شخص مهم لن ينهي برنامج الأسلحة النووية الإيرانية، لكنه سيبطئه، وسيدفع كثيرا من الإيرانيين للتفكير مرتين بشأن المخاطر".
aXA6IDMuMTM4LjEzNC4yMjEg
جزيرة ام اند امز