إيران بعد 7 أكتوبر.. أذرع تتفكك واستراتيجية تحت النار
من مكان استراتيجي باتت فيه أقرب لتحقيق أهدافها طويلة الأجل، إلى وضع صعب جعلها وأذرعها محل استهداف إسرائيلي، تحول حطم آمال إيران، وجعلها في وضع محفوف بالمخاطر.
ففي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت إيران في وضع جعلها أقرب من أي وقت مضى لتحقيق أحد أهدافها طويلة الأجل وهو «تطهير المنطقة» من النفوذ الأمريكي، بحسب مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.
لكن بعد عام واحد فقط، قضت إسرائيل على حماس وكيل إيران في غزة، كما «أثبتت تل أبيب أنها قادرة على الوصول إلى بيت ضيافة كبار الشخصيات في قبل طهران لقتل رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في حين تعرض حزب الله جوهرة تاج إيران لضربات قاصمة دفعت طهران للرد على إسرائيل نيابة عنه وليس العكس»، بحسب المجلة الأمريكية.
وفي حين تواجه إسرائيل مشاكل استراتيجية خاصة بها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستطيع على الأقل أن يزعم أنه لم يبدأ هذه الحرب، لكنّ السؤال لا يزال مطروحا حول مدى مساعدة قادة إيران في التخطيط لهجوم 7 أكتوبر الذي أشعل المنطقة، وفقا لما ذكرته «فورين بوليسي».
لعبة خطيرة
ويبدو أن تسامح إيران مع المخاطرة يتزايد، حيث إن إطلاق مئات الصواريخ الباليستية على «عدو متفوق عسكريا هو لعبة خطيرة»، تقول المجلة، مشيرة إلى أن إطلاق الصواريخ وتكرار الدعوة إلى «إبادة دولة مسلحة نوويا ومتفوقة عسكريا ومدعومة من قوى عظمى تقودها حكومة يمينية تميل إلى الرد بقوة هو مقامرة انتحارية محتملة»، بحسب تعبير «فورين بوليسي».
وقالت المجلة إن هذا الأمر لم يكن الشيء الوحيد الذي فعلته إيران على مدار العام الماضي وكان محفوفا بالمخاطر، «حيث تردد أن إيران حاولت قتل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومسؤولين كبار آخرين سابقين في إدارته انتقاما لمقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني».
ورغم إحباط هذه المؤامرات إلا أن المحاولة نفسها كانت مخاطرة كبيرة، خاصة وأن ترامب مرشح حالي للرئاسة ومعروف برغبته في الانتقام.
ولو كانت هذه المحاولة قد نجحت، كان الجمهوريون سيدعون إلى الحرب مع إيران، كما أنه من غير المرجح أن يسمح الديمقراطيون بقتل رئيس أمريكي سابق دون عقاب، بحسب المجلة الأمريكية، التي أشارت إلى أنه «كان يمكن لقتل ترامب أن يقلب الحكمة السائدة في الولايات المتحدة بضرورة تجنب تغيير النظام في الشرق الأوسط.
وإذا نجت السلطات الإيرانية من هذه الحرب، فسيكون ذلك بفضل الحظ وعدم الكفاءة، تقول «فورين بوليسي»، مشيرة إلى أنه من وجهة النظر الإيرانية فإن أفعالها أو على الأقل الضربات الصاروخية تقف وراءها ضرورات استراتيجية لإعادة إرساء الردع بعد سلسلة من الإهانات الإسرائيلية والأمريكية لسيادتها.
لكن هناك القليل من الأدلة على أن التحركات الإيرانية «ليس لها أي تأثير رادع على الإطلاق حيث يتحدث القادة الإسرائيليون بصراحة أكبر الآن عن تغيير السلطات في طهران ولديهم إصرار أكبر على تدمير البرنامج النووي الإيراني»، بحسب المجلة الأمريكية.
ما الخيار الأكثر حكمة لإيران؟
استراتيجيا، فإن الخيار الأكثر حكمة لإيران الآن هو:
- التراجع إلى الظل
- إعادة بناء شبكة وكلائها
- القتال في يوم آخر
- إعادة بناء حماس وحزب الله وتحويلهما إلى قوات قتالية هائلة مجددا.
ويترك تراجع إيران الآن الباب مفتوحا أمام احتمال التوصل إلى نوع من الاتفاق المستقبلي مع الغرب على المدى المتوسط وهو الاتفاق الذي يقول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنه يريده وحتى ترامب يقول إنه منفتح على دعمه.
هل تتراجع إيران؟
ومع ذلك، يبدو أن إيران ليست عازمة على التراجع سواء كان ذلك بسبب السياسة الداخلية أو المخاوف بشأن فقدان ماء الوجه على الساحة الدولية، أو مجرد الرغبة في الانتقام.
وفي خطاب نادر ألقاه في صلاة الجمعة، أشاد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ووعد بأن "إيران لن تتراجع.. ولن تدوم إسرائيل طويلاً".
وتثور التساؤلات الآن حول ما إذا كان تهديد إيران بمزيد من التكاليف كافياً لإجبارها على تغيير الاتجاه فبإمكان الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون فرض العقوبات على إيران وبإمكان إسرائيل قصف حقول النفط الإيرانية لكن هذا قد لا يغير سلوك طهران.
وإذا لم تنجح سياسة الردع بالعقاب، فستحتاج الولايات المتحدة والغرب إلى تدمير قدرة إيران على مهاجمة إسرائيل وعلى مساعدة وكلائها وهو أمر من الصعب القيام به، لأنه يتطلب تدمير أجزاء كبيرة من القدرات العسكرية الإيرانية بدلاً من مجرد التهديد بإلحاق الأذى.
لكن إذا اتضح عزم السلطات الإيرانية على التصعيد، فقد لا يكون أمام الولايات المتحدة وحلفائها خيار آخر وفي هذه الحالة قد يكون العام المقبل أسوأ بالنسبة لطهران.
aXA6IDE4LjExNy43NS4yMTgg جزيرة ام اند امز