أزمة إسرائيل وإيران.. أوروبا خارج المشهد

خلال التصعيد بين إسرائيل وإيران، تقلصت أضواء السياسة والتأثير عن الاتحاد الأوروبي، وتراجع دوره إلى مربع بيانات التهدئة والحلول السلمية.
واكتفى التكتل والدول الأعضاء ببيانات تدعو إلى التهدئة والحلول الدبلوماسية في وقت كانت فيه كرة الأزمة تتوسع، قبل أن تتوصل الأطراف إلى اتفاق وقف إطلاق النار فجر أمس، إثر مقترح أمريكي ووساطة قطرية.
وحول دور التكتل، قال خبراء سياسيون فرنسيون إن المواقف الأوروبية من التصعيد بين إسرائيل وإيران تعكس حالة ارتباك استراتيجي، وتكشف محدودية الدور الأوروبي في إدارة أزمات الشرق الأوسط، رغم تصاعد الأصوات الداعية لخفض التوتر.
الخبراء أكدوا أن الاتحاد الأوروبي بات في موقع المتفرج، فيما تمسك واشنطن وطهران وتل أبيب بخيوط القرار.
وقالت الباحثة الفرنسية في الشؤون الأوروبية والأمن الدولي آنا ماريا بيلغرانو لـ"العين الإخبارية"، إن الموقف الأوروبي "انتقل من المراقبة القلقة إلى محاولة دبلوماسية رمزية لاحتواء التصعيد"، لا سيما بعد الضربة الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، والتي "قلبت قواعد اللعبة وضيّقت هوامش المناورة أمام الاتحاد الأوروبي".
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي "لا يملك أدوات ردع حقيقية، سواء على المستوى العسكري أو في التأثير على مواقف طهران وتل أبيب"، مشيرة إلى أن "بروكسل تُعامل من قبل واشنطن وتل أبيب كفاعل تكميلي لا شريك استراتيجي".
"تأثير أوكرانيا"
كما أكدت أن حرب أوكرانيا "استنزفت الاتحاد الأوروبي أمنيًا وماليًا وحتى نفسيًا، ما جعله في حالة إنهاك استراتيجي"، موضحة أن "الاتحاد يحاول التوفيق بين دعم كييف، ومواجهة التضخم، وتأمين الداخل، وبالتالي أصبح غير قادر على فرض نفسه في أزمات أخرى كأزمة الشرق الأوسط".
بيلغرانو اعتبرت أن خروج دعوات للتهدئة من أوروبا خلال الأزمة يأتي من دوافع أمنية داخلية أكثر من كونها موقفًا أخلاقيًا، موضحة: "قضية اللاجئين والهجرة، والخشية من موجات نزوح جديدة من لبنان أو سوريا، أصبحت قضية أمن داخلي ذات مخاطر سياسية، وليست فقط قضية إنسانية".
وقالت إنه "كذلك فإن المخاوف من اضطراب إمدادات الطاقة جعلت أوروبا أكثر توترًا وحرصًا على التهدئة".
وعن الدور الفرنسي، قالت بيلغرانو: "باريس تحاول استثمار رصيدها التقليدي في لبنان والمنطقة، لكن أدواتها الحالية محدودة، ولا يُنظر إلى وساطتها كعامل حاسم لدى الأطراف المتنازعة".
وأضافت أن مبادرة ماكرون التي حاولت الوصول لتهدئة لكن لم تحقق الهدف، "أقرب إلى تحرك رمزي يهدف إلى ملء فراغ القيادة الأوروبية، لكنها تفتقر إلى دعم موحد من بروكسل وبرلين، مما أضعف فاعليتها الميدانية".
وأشارت الباحثة إلى أن "هناك انقساما داخليا بين دول تتبنى مواقف صارمة تجاه إسرائيل، كإسبانيا وإيرلندا، وأخرى أكثر تحفظًا، مثل ألمانيا وتشيكيا.. الاتحاد يتحدث بعدة لغات، لا بصوت واحد".
"فقد زمام المبادرة"
بدوره، قال الباحث السياسي الفرنسي في مركز مونتين للدراسات الاستراتيجية في باريس جان لوران دوما، لـ"العين الإخبارية"، إن الضربة الأمريكية "نسفت أي فرصة حقيقية أمام الأوروبيين للعب دور الوساطة"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل سعت عمدًا إلى جر واشنطن إلى المواجهة، وبالتالي تقليص الدور الأوروبي إلى الحد الأدنى".
ويرى دوما، أن "الاتحاد الأوروبي فقد زمام المبادرة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018، والحرب في أوكرانيا زادت من عجزه عن إعادة فرض أجندة خارجية متماسكة".
واعتبر أن كل أزمة جديدة "تكشف هشاشة التأثير الأوروبي، وتكرّس تراجعه على المسرح الدولي".
وحول نظرة أطراف النزاع إلى أوروبا، يرى دوما أن إيران تنظر إلى الاتحاد الأوروبي "ككيان تابع سياسيًا للولايات المتحدة، وغير قادر على اتخاذ قرارات مستقلة. أما إسرائيل، فهي تتجاهل الموقف الأوروبي، أو تستخدمه لتحسين شروط التفاوض مع واشنطن".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز