أمريكا تحاول نزع فتيل «الحرب الشاملة».. هل تصغي إسرائيل؟
في محاولة من الولايات المتحدة لنزع فتيل مواجهة مسلحة قد تجر الشرق الأوسط، وكذلك أمريكا، إلى حرب شاملة، وجهت الإدارة الأمريكية رسالة إلى إسرائيل مفادها بأنها لن تنضم إلى أي هجوم مضاد على إيران.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، عن شخصين مطلعين قولهما، إن الرئيس جو بايدن أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة لن تنضم إلى هجوم مضاد على إيران إذا اختارت إسرائيل هذا الطريق بعد أن هاجمتها طهران.
وفي الوقت نفسه، يحث المسؤولون الأمريكيون الإسرائيليين على أن يكون ردهم محسوبًا، حسبما قال مسؤولان أمريكيان ودبلوماسي مطلع على القضية.
هل تصغي إسرائيل؟
ورغم الرسائل الأمريكية، فإنه لم يتضح على الفور ما إذا كان نتنياهو، الذي طالما نظر إلى طهران كعدو إسرائيل اللدود الذي يجب التعامل معه بقسوة، سيستمع في ظل الضغوط السياسية في الداخل.
ومهما كانت الخطوة التالية التي ستتخذها إسرائيل، فقد تؤثر بشكل كبير على مسار المنطقة التي تضم الآلاف من القوات الأمريكية والتي تعتبر ضرورية لإمدادات الطاقة العالمية وطرق التجارة.
وجاء الهجوم الإيراني يوم السبت، الذي استخدم فيه مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار، ردًا على غارة إسرائيلية على منشأة دبلوماسية إيرانية في سوريا أسفرت عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين. كما انضم إلى الهجوم المليشيات المتحالفة مع إيران، بما في ذلك الموجودة في اليمن والعراق. لكن تم اعتراض المقذوفات إلى حد كبير في الجو بجهد مشترك من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وآخرين.
وأدان بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن وآخرون الضربة الإيرانية في تصريحات عامة، وتعهدوا بتقديم الدعم القوي لإسرائيل. لكن حتى في تلك التصريحات العلنية، أشارت إلى أن واشنطن لا تريد التصعيد.
وقال بايدن إنه سيجتمع مع زملائه من زعماء مجموعة السبع يوم الأحد لمناقشة الرد الدبلوماسي على إيران، وهو المسار المفضل لديه منذ فترة طويلة لإدارة المنطقة. وأكد أنه أبلغ نتنياهو في المكالمة بعد أن شنت إيران الهجوم أن إسرائيل أظهرت قدراتها الدفاعية لأن الصواريخ والطائرات بدون طيار تم إحباطها إلى حد كبير.
رسائل واضحة
وفي بيان، أضاف بايدن: «أخبرته أن إسرائيل أظهرت قدرة ملحوظة على الدفاع ضد الهجمات غير المسبوقة وهزيمتها – مما أرسل رسالة واضحة إلى أعدائها بأنهم لا يستطيعون تهديد أمن إسرائيل بشكل فعال».
وقال الشخص المطلع على المحادثة الأمريكية الإسرائيلية إن بايدن طلب من نتنياهو بشكل أساسي أن «يحقق الفوز» بالنظر إلى أن إسرائيل نجت من الهجوم سالمة إلى حد كبير.
لكن بينما قال بايدن إن واشنطن لن تنضم إلى ضربة هجومية على إيران، فإن موقفه لا يعني أن الولايات المتحدة لن تدافع خطابيًا أو ستعارض بشكل صريح أي ضربة إسرائيلية على إيران، حسبما قال الشخص المطلع على المحادثة.
وبحسب «بوليتيكو»، فإن قرار إيران باستهداف الأراضي الإسرائيلية بشكل مباشر، بدلاً من استخدام وكلاء أو وسائل سرية للانتقام من الضربة الإسرائيلية على قادتها، يشير إلى جبهة جديدة في التنافس الطويل الأمد بين البلدين.
ومع ذلك، اعتبر المسؤولون الأمريكيون أيضًا أن هذا الهجوم محدود إلى حد ما ومنسق إلى حد كبير، على أمل حفظ ماء الوجه لطهران لكن دون التصعيد إلى حرب إقليمية أكبر.
وفي انتظار الهجوم الإيراني، اختارت طهران فعل ذلك، من خلال إرسال طائرات بدون طيار وصواريخ بطيئة الحركة من المرجح أن يتم إسقاطها - وتضمن بيانها العام الأولي عبارة «يمكن اعتبار الأمر منتهيًا»، في إشارة إلى أنها لا تريد المزيد من العنف.
وتعتقد إدارة بايدن منذ فترة طويلة أن طهران ولا البيت الأبيض يريدان تصعيد الصراع الحالي، الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما هاجمت حركة حماس إسرائيل، لكن البعض في إدارة بايدن افترضوا أن نتنياهو قد يرغب في إدامة الحرب من أجل الحفاظ على قبضته على السلطة.
وحتى قبل الضربة الإيرانية يوم السبت، كان المسؤولون الأمريكيون ينصحون إسرائيل بتوخي الحذر في أي رد فعل. واستمرت هذه التحذيرات منذ ساعات.
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، تعهد نتنياهو بالنصر في المواجهة، وكتب: «معًا سننتصر». فيما قالت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر لم يذكر اسمه، إن إسرائيل سيكون لها «رد غير مسبوق». لكن لم تكن هناك تفاصيل بشأن ما ستتضمنه هذه الوعود.
وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته للحديث عن قضية حساسة، إن إسرائيل «ممتنة للغاية للدعم الثابت والالتزام من جانب الولايات المتحدة، التي لعبت دورا رائدا في الدفاع عن إسرائيل من الهجوم الإيراني»، لكنه أضاف أن «إسرائيل تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها بعد هذا العدوان الإيراني غير المسبوق».
ردع؟
وبحسب «بوليتيكو»، فإن الدعم العسكري الدفاعي الأمريكي المباشر لإسرائيل – أسقطت القوات العسكرية الأمريكية العشرات من الطائرات بدون طيار والصواريخ – يمكن أن يساعد في إرسال رسالة ردع إلى إيران.
كما لفت الهجوم الإيراني الانتباه بعيدًا عن الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حماس في قطاع غزة، رغم أن الأمرين مرتبطان: فقد دعمت إيران حماس منذ فترة طويلة وتلقي إسرائيل عليها اللوم جزئيًا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن الضربة الإيرانية، وضعت بايدن ونتنياهو في نفس الزاوية، على الأقل في الوقت الحالي، بعد أشهر من التوترات المتزايدة بين الاثنين حول كيفية إدارة إسرائيل للحرب في غزة.
وفي حديثه يوم الأحد في برنامج «لقاء مع الصحافة» على شبكة «إن بي سي نيوز»، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، أن الرد متعدد الطبقات على الهجوم الإيراني أظهر أن إسرائيل «لديها أصدقاء، وأنها ليست وحدها، وأنها ليست معزولة على المسرح العالمي».
لكنه كان أكثر حذرا بشأن ما يجب أن يفعله نتنياهو وزملاؤه بعد ذلك، قائلا: «سواء كان رد فعل الإسرائيليين وكيف سيرد، فالأمر متروك لهم».
aXA6IDE4LjE5MC4yNTMuNTYg جزيرة ام اند امز