سوريا.. ساحة مواجهة خلفية تنذر بـ"صدام مباشر" بين إيران وإسرائيل
صراع مكتوم يخرج للعلن بين الحين والآخر، هكذا هي التوترات الإيرانية الإسرائيلية على الأراضي السورية.
سنوات زادت على العقد، والساحة السورية تشهد توترات ومواجهات بين البلدين، تنذر بـ"صدام مباشر" قد يتطور إلى مواجهة إقليمية.
- تونس تضبط بوصلتها بعيدا عن الإخوان.. خطوة تعيد تصحيح الأوضاع مع سوريا
- "سندفعهم خارج سوريا".. حرب الظل تشتعل بين إسرائيل وإيران
وترى تل أبيب في الوجود الإيراني على الحدود الشمالية لإسرائيل، تهديدا لأمنها القومي، فيما تواصل شن العديد من الغارات الجوية لاستهداف إيران والجماعات المسلحة الموالية لها في عدة مناطق بسوريا.
وبعد 12 عامًا من الأزمة السورية، قُتل أكثر من 7000 عنصر من الحرس الثوري والجيش، بالإضافة إلى المليشيات الموالية لإيران في سوريا.
وفي الأسابيع الأخيرة، تعرضت القوات الإيرانية لضربات مستمرة من قبل إسرائيل، فيما يدعو أنصار النظام الإيراني إلى "عمل انتقامي" على الشبكات الاجتماعية، لكن السلطات لم تصدر سوى تهديدات ولم تتمكن من اتخاذ أي إجراء عمليًا.
وبعد مقتل عنصرين من فيلق القدس التابع للحرس الثوري في سوريا في هجوم شنته إسرائيل، فجر الجمعة الماضي، على دمشق، وهدد الحرس الثوري بالرد، وأفادت إسرائيل، الأحد، عن اقتراب جسم طائر مجهول الهوية المجال الجوي لهذا البلد من سوريا وتم إسقاطه.
قصف جديد على الإيرانيين
وأفادت وسائل إعلام إيرانية وسورية، الثلاثاء، عن سماع دوي انفجارات جراء هجمات شنتها الطائرات الإسرائيلية على مواقع في ريف دمشق وجنوب شرق العاصمة دمشق ومحيط مطار دمشق الدولي.
وهذا هو رابع هجوم تشنه إسرائيل على سوريا خلال الأيام الستة الماضية، فيما أسفر هجوم، الجمعة الماضي، عن مقتل 2 من المستشارين الإيرانيين هما "ميلاد حيدري" و"مقداد مهقاني" فيما جرى استعادة جثمان ميلاد حيدري إلى طهران مساء يوم الإثنين.
وتعهد الحرس الثوري الإيراني بالرد على إسرائيل جراء الهجمات الصاروخية التي استهدفت ما سمته "المستشارين العسكريين الإيرانيين الموجودين في سوريا".
وفي هجوم، الثلاثاء، أفادت وكالة أنباء "فارس نيوز" التابعة للحرس الثوري، بأن الهجوم الإسرائيلي هذه الليلة على سوريا استهدف مقراً عسكرياً للمستشارين الإيرانيين في دمشق.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة في دمشق قولها إن "الهجوم استهدف مقراً للمستشارين الإيرانيين كما جرى استهداف ثكنة عسكرية داخل هذا المقر"، مضيفة أن "الأنباء الأولية تشير إلى مقتل شخص جراء قصف هذه الثكنة في دمشق".
وقالت المصادر للوكالة الإيرانية إن "الجيش الإسرائيلي استخدم مقاتلات من طراز إف 35 في استهداف المواقع والمقار في مناطق مختلفة من سوريا".
بدوره، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن الدفاعات الجوية تصدت للهجمات الإسرائيلية في ريف دمشق والتي استهدفت معمل في مدينة الكسوة بريف دمشق.
وقال مصدر عسكري سوري للوكالة السورية "سانا"، إن "مواطن لقي مصرعه جراء القصف الصاروخي للعدو الإسرائيلي على معمل في مدينة الكسوة بريف دمشق".
وأضاف المصدر العسكري أن "صواريخ العدو الإسرائيلي كانت تستهدف جنوب شرق العاصمة ومحيط مطار دمشق الدولي لكن الدفاعات الجوية أسقطت معظمها".
وتقول إسرائيل إن "هجماتها المتواصلة منذ سنوات على سوريا كانت تستهدف إنهاء الوجود العسكري الإيراني والمليشيات العسكرية التابعة لها التي تشكل تهديداً على أمنها".
حرب المسيرات
وفي سياق متصل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية في وقت سابق، الإثنين، إن قوات الجيش الإسرائيلي تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة أقلعت من سوريا، مشيرة إلى أن هذه الطائرة أطلقتها إيران.
كما اعترفت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية، أن "الطائرة المسيرة التي أسقطتها إسرائيل كانت إيرانية"، مضيفة أن "الطائرة المسيرة انطلقت من الجولان السوري المحتل".
وقالت القناة الإسرائيلية 13 إن "سلاح الجو أسقط طائرة مسيّرة إيرانية تسللت من سوريا فوق مرتفعات الجولان، وإن الطائرة تم إسقاطها شمال بحيرة طبريا ما يعني أن الطائرة خرقت الأجواء المحتلة بعمق 20 - 25 كيلومترا".
وقال الجيش الإسرائيلي، الإثنين، إن "التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الطائرة دون طيار إيرانية وسيتم جمع وتحليل أجزاء هذا الكائن الطائر".
ووقع هذا الحادث بعد مقتل 2 من ضباط ومستشاري فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا.
وألقى الحرس الثوري الإيراني باللوم على إسرائيل في هذه الهجمات وهدد بأن تل أبيب "ستتلقى الرد على هذه الجريمة".
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت اليونان اعتقال "عميلين" من باكستان قالت إنهما كانا يخططان لمهاجمة مركز يهودي في أثينا، وقالت إسرائيل إن إيران كانت وراء المؤامرة.
تهديدات إسرائيلية
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الحكومة الإيرانية وحزب الله اللبناني، الأحد، من أن "إسرائيل لن تتسامح مع أي أعمال ضد أمنها ومواطنيها".
وأضاف غالانت أن "إسرائيل تواجه توترًا على جميع الجبهات وأن الحكومة الإيرانية تحاول دخول حدود إسرائيل".
وقال غالانت إن "الإيرانيين يوسعون نفوذهم في غزة ويحاولون الاستقرار في سوريا ولبنان".
وأضاف "لن نسمح للإيرانيين وحزب الله أن يضرونا، ولم نعط هذا الإذن في الماضي، والآن لن نعطي مثل هذا الإذن في أي وقت في المستقبل".
وعيد إيراني
وفي سياق متصل، ذكر موقع "مشرق نيوز" الأمني التابع للحرس الثوري، نقلاً عن بعض المحللين الإيرانيين، إن "حزب الله وشركاء آخرين للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، يستعدون لعملية ضد إسرائيل رداً على استهداف القوات الإيرانية بسوريا ومقتل 2 من عناصر الحرس الثوري مؤخراً".
ونقل الموقع عن مصادر أمنية قولها إن "إيران سترد على اعتداءات النظام الصهيوني في الوقت والمكان المناسبين"، مضيفاً: "ربما يرى البعض أن عدم الرد لا يليق بإيران، لكن الإجابات عادة لا ينبغي أن تكون عاطفية".
وأوضحت المصادر أن "تعزيز الدفاع الجوي السوري الذي تجري متابعته حاليا بين طهران ودمشق أمر مهم، وإذا أصبح الدفاع الجوي السوري قوياً، فمن المؤكد أن الإسرائيليين لن يتمكنوا حتى من التفكير في الاقتراب من حدود سوريا".
تهديد المسيرات
وفي سياق آخر، تناولت صحيفة "جيروزاليم بوست"، في تقرير تحليلي، قضية الطائرات الإيرانية دون طيار في سوريا، والتي تعتبر تهديدًا لإسرائيل.
وذكرت الصحيفة في تقريرها أنه "على مر السنين، نقلت إيران طائراتها المسيرة إلى سوريا واستخدمتها لتهديد إسرائيل في الماضي، وعلى سبيل المثال في فبراير/شباط 2018، تم إسقاط طائرة دون طيار إيرانية أقلعت من قاعدة تي-4 بعد دخولها المجال الجوي الإسرائيلي".
وأدى تهديد الطائرات دون طيار الإيرانية في الماضي إلى زيادة التوترات بين إسرائيل وإيران، والآن يبدو أن تهديد الطائرات دون طيار لطهران قد عاد.
ويشير محلل في الصحيفة إلى "تقييم وكالة المخابرات فيما يتعلق بإعادة ظهور تهديد الطائرات الإيرانية دون طيار في سوريا".
ويوضح التحليل أيضًا إلى تقدير عام 2021 لمركز ألما للبحوث والتدريب، والذي يُعتقد بموجبه أن "لدى حزب الله حوالي ألفي طائرة دون طيار، وأن عددها قد يكون أعلى من ذلك"، ويقال إن طائرات حزب الله دون طيار تتراوح من المروحيات الرباعية الصغيرة المتوفرة تجاريًا إلى الطائرات بدون طيار الأكبر حجمًا على غرار طائرات كاميكازي الإيرانية دون طيار.
ويشرح محلل جيروزاليم بوست أيضًا: "منذ عام 2018، استهدفت إيران إسرائيل عدة مرات بطائرات دون طيار واستهدفت سفنًا في خليج عمان. كما قامت الدولة بتصدير تكنولوجيا الطائرات دون طيار إلى اليمن ولبنان والعراق وسوريا وروسيا".
ويتابع التقرير أن "إيران نشرت طائراتها المسيرة لتستخدمها قواتها العميلة في سوريا والعراق لاستهداف القوات الأمريكية، بما في ذلك استهداف القوات الأمريكية في شرقي سوريا، ومعسكر بالقرب من الحدود الأردنية".
ووفقًا لمحلل "جيروزاليم بوست"، بعد هجمات الطائرات الإيرانية السابقة دون طيار، قد يشير التوتر الأخير في سوريا إلى ظهور تهديد الطائرات دون طيار الإيرانية في سوريا مرة أخرى، وأن إيران ووكلائها يستخدمون المطارات السورية لإطلاق الطائرات دون طيار.
مآلات الصراع
وبين الضربات الإسرائيلية المنفردة التي تتكرر بين الحين والآخر، والاستعدادات الإيرانية للرد، باتت المنطقة تقف على برميل من الوقود ينتظر شرارة تهدد بتفجير صراع جديد لا يحمد عقباه.
صراع حال اندلاعه يضيف إلى العالم أزمة جديدة تفتح المجال أمام كل الخيارات وتهدد بتوسع قد يجذب أطرافا متعددة تطيل من أمده وتؤخر نهايته,
aXA6IDMuMTM4LjEzNS40IA== جزيرة ام اند امز