تونس تضبط بوصلتها بعيدا عن الإخوان..تصحيح الأوضاع مع سوريا
على وقع تقارب عربي سوري رفع منسوب الزخم نحو عودة دمشق لحاضنتها العربية، بعد سنوات من القطيعة مع أشقائها وجيرانها، كانت تونس على موعد مع خطوة في هذا الصدد.
فمع الانفتاح الإقليمي بين الدول العربية ودمشق، وقرب انعقاد القمة العربية في الرياض، الشهر المقبل، اتجهت تونس إلى إعادة ضبط بوصلتها، التي تقطع بها كل صلة يربطها بعهد الإخوان البائد.
فماذا فعلت؟
بعد قرابة 11 عامًا على قطع حليف "الإخوان" الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، العلاقات مع تونس، أعطى الرئيس الحالي قيس سعيد الضوء الأخضر، بالشروع في إجراءات تعيين سفير لبلاده بدمشق.
وأكد الرئيس التونسي، على ضرورة التمسك بمبادئ السياسة الخارجية للدبلوماسية التونسية؛ أهمها عدم الانخراط في أي محور واستقلال القرار الوطني، مشددا على أن مواقف تونس في الخارج تنبع من إرادة شعبها في الداخل.
قرار الرئيس التونسي جاء بعد قرابة شهر، من إعلانه إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، قائلا -آنذاك-: "ليس هناك ما يبرر ألّا يكون لتونس سفير في دمشق، وسفير لسوريا في تونس".
وأضاف: "مسألة النظام في سوريا تهم السوريين وحدهم، ونحن نتعامل مع الدولة السورية، أما اختيارات الشعب فلا دخل لنا فيها على الإطلاق"، متابعًا: "سيكون لنا سفير معتمد لدى الدولة السورية، ولا نقبل أن تقسّم سوريا إلى أشلاء، كما حاولوا تقسيمها في بداية القرن العشرين إلى مجموعة من الدول، حينما تم إعداد مشروعات دساتير خاصة بكل دولة بعد وضع اتفاقية (سايكس بيكو)".
تدارك الأخطاء
ومنذ تولي الرئيس سعيد مقاليد الرئاسة، اعتبر أن قطع العلاقات مع سوريا "خطأ"، وذهب في اتجاه إعادة العلاقات إلى طبيعتها، فسارع مؤخرًا إلى تقديم مساعدات إنسانية إلى المناطق التي تضررت من الزلزال خلال الفترة الماضية.
وشهدت تونس في عهد حكم الإخوان والمرزوقي موجات من تسفير آلاف التونسيين إلى بؤر التوتر؛ بينها سوريا، تحت غطاء سياسي.
وكان المرزوقي، قرر قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل مع سوريا في فبراير/شباط 2012، بسبب الأحداث الجارية آنذاك على الأراضي السورية، التي تحولت إلى نزاع مسلح هدفه إسقاط نظام بشار الأسد.
إلا أن وزارة الخارجية التونسية قررت بعد تولي الباجي قائد السبسي رئاسة البلاد سنة 2015، تعيين قنصل عام في دمشق والاكتفاء بهذا المستوى من التمثيل الدبلوماسي.من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي محمد بوعود، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن إعادة العلاقات هو "تدارك تونس للأخطاء التي ارتكبت طيلة العشرية التي حكم فيها الإخوان البلد الأفريقي".
وأوضح المحلل التونسي، أن تنظيم الإخوان بتونس تورط في جرائم "إرهابية" داخل القطر السوري من خلال إرسال أكثر من 3000 مقاتل تونسي، مشيرًا إلى أن تونس تحقق حاليا في قضية تسفير الإرهابيين إلى سوريا.
وأشار إلى أن قيادات من الإخوان يقبعون حاليا في السجون في هذه القضية بسبب "تورطهم في إرسال المقاتلين والحث على الجهاد في الأراضي السورية".
كشف حساب
ويقبع حاليا وزير الداخلية الأسبق والقيادي بحركة النهضة علي العريض في السجن، بعد التحقيق معه في قضية التسفير منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكانت البرلمانية السابقة وعضو لجنة التحقيق البرلمانية في ملف التسفير، فاطمة المسدي، قدمت وثائق "تؤكد تورط جهات رسمية أجنبية في تزوير جوازات سفر لإرهابيين كانوا بجبهات القتال بسوريا، من أجل العودة إلى تونس".
كما تضمن الملف وثائق تدل على وجود أمنيين متورطين في استخراج جوازات سفر لإرهابيين دون تثبت، خلال عامي 2012 و2013 اللذين شهدا رحلات نظمتها شركة "سيفاكس إيرلاينز" التابعة للبرلماني الإخواني محمد فريخة وشركة الطيران التونسية وشركة أجنبية، حاملة إرهابيين إلى بؤر التوتر.
الملف تضمن -كذلك- تورط الإخوانيين رضا الجوادي، والحبيب اللوز، وبعض الجمعيات القريبة من التنظيم الإرهابي، في أنشطة متطرفة، ساهمت في "غسل دماغ" الشباب قبل تسفيرهم إلى سوريا.
aXA6IDMuMTQ1LjE2My4xMzgg جزيرة ام اند امز