الدعوة جاءت استنفارا للجسد الواحد لمواجهة المرض الخبيث الذي استشرى في المنطقة، ساعيا لتدمير الأخضر واليابس.
الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة تتطلب موقفا خليجيا وعربيا موحدا للحفاظ على أمننا المشترك وسيادتنا في ظل التحديات والأخطار المحيطة. ومن هذا المنطلق جاءت دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى عقد قمتين خليجية وعربية في مكة المكرمة نهاية الشهر الجاري، على خلفية الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت 4 سفن قرب المياه الإقليمية لدولة الإمارات والهجوم على محطتي ضخ نفط بالمملكة العربية السعودية، بما يهدد إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية.
يحتاج المشروع الإيراني إلى اليقظة والوقوف أمام هذا التحدي الكبير مع صراع يجب أن ينتهي قريبا، ولا يمكن إيقاف هذه المليشيات، ومعها النظام الإيراني، إلا بتقليم أظافرها وإضعاف قوتها الخارجية عن طريق عمل عسكري حازم يشلها بتاتا
إن هذا القرار ليس بغريب على خادم الحرمين الشريفين، حيث دأب الملك سلمان على أن تكون السعودية نقطة ارتكاز وصمام أمان للأمن في منطقة الخليج، في الوقت الذي تحظى فيه المملكة بثقل دولي وإقليمي كبير في منطقة الشرق الأوسط، وتعد خط الدفاع الأول عن أمننا في المنطقة ما ينعكس بدوره على تعاملها مع جميع الملفات، في دعم وحدة وسيادة البلاد العربية المتأثرة من الأنظمة والمليشيات الإرهابية التي ترتكز على سياسة الفوضى والتخريب والتشرذم وضرب الأمن والاستقرار فيها.
الدعوة جاءت استنفارا للجسد الواحد لمواجهة المرض الخبيث الذي استشرى في المنطقة، ساعيا لتدمير الأخضر واليابس، مرض نقلته قوى الظلام عبر نشر خرابها ومد أذرعها في منطقة الخليج خاصة والعالم العربي عامة، للنيل من استقرارهم وأمنهم وتقويض دعائم التعافي التي بدأت ملامحها في التشكل لدى الأشقاء، راضين بأكل السحت مغمسة بدماء الأبرياء.
وبات جليا أن العمليات الإرهابية والتخريبية التي تشهدها المنطقة مؤخرا لا تحتاج إلى تفسير أو تأويل أو تخمين عن البحث عن الجاني، بل جميع الأدلة تؤكد أن المجرم هو الشيطان الذي يعمل على المشروع الإيراني، الذي يمتد من البحرين شرقاً إلى لبنان غرباً، ومن العراق شمالاً إلى اليمن جنوباً، لإقامة فروع لها في كل الدول العربية من أجل إقامة المشروع الإيراني.
انطلق المشروع الإيراني عقب قيام ما يطلق عليها "الثورة الخمينية" في طهران عام 1979 بعد الإطاحة بحكم الشاه محمد رضا بهلوي لتبدأ المساعي بتصدير (الثورة) المتمثلة بـ"النظام الإيراني" إلى دول الجوار بدءا بالعراق -التي يعتبرها النظام البوابة الشمالية للدخول إلى المنطقة، في ظل سعي طهران باختصار لإبقاء المنطقة فوق صفيح ساخن بغية تحقيق أهدافها عن طريق مد أذرعها. ثم توجهت بعد ذلك إلى سوريا المشتعلة داخليا لتدمير كل ما تبقى من مؤسسات فيها وضرب النسيج الوطني مرورا بخطة إشعال جبهة الجولان مع إسرائيل، ناهيك عن تدخلاتها في كل من لبنان وفلسطين، لتمتد الأذرع الإيرانية إلى اليمن، وتوكل هذه المهمة إلى المليشيات الموالية لها عبر جماعة أنصار الله بقيادة عبدالملك الحوثي. كل هذه التدخلات تسعى إلى هدف واحد ألا وهو ضرب استقرار هذه الدول، وبث النزاعات الطائفية فيها وتمزيق الهوية الوطنية لها. ولم يقتصر الأمر على هذه الدول فقط بل وصل حتى إلى البحرين في محاولات بائسة للمس بأمنها من خلال جماعات إرهابية مرتبطة بالحرس الثوري.
عملت إيران مؤخرا عبر مليشياتها الحوثية الموالية لها في اليمن على استهداف مكة المكرمة بصواريخ باليسيتة إيرانية، مع العلم بأن محاولة استهداف مكة المكرمة ليست الأولى من نوعها، ليُثبت هذا العمل العدائي من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران، استمرار تورط طهران في دعم المليشيات الحوثية المسلّحة بقدرات نوعية، في تحدٍ واضح وصريح للقرارين الأمميين «2216» و«2231»، بهدف تهديد أمن السعودية والأمن الإقليمي والدولي في انتهاك لحرمة شهر رمضان الفضيل والبلد الحرام والدم المسلم، لتنتهك كل ما هو مقدس لدى المسلمين.
لذلك قمتا مكة تمثلان فرصة مهمة للدول العربية والخليجية لتنسيق الجهود للتصدّي لها بصورةٍ جماعية وتحقيق ما تصبوان إليه من تعزيز فرص الاستقرار والسلام، ومواجهة النظام الإيراني وتكثيف العمل السياسي والتعبوي، على المستويات الوطنية، لرفع وعي الشعوب بمخاطر مشروع إيران ضد القيم والأوطان ومستقبل الأجيال القادمة، ووضع خطة لقمع وقطع امتداد خطر الأذرع الإيرانية الخارجية والتي تطول أغلب الأقطار العربية وتعاني من الوجود الإيراني وعلى رأسها سوريا وفلسطين ولبنان والعراق واليمن.
يحتاج المشروع الإيراني إلى اليقظة والوقوف أمام هذا التحدي الكبير مع صراع يجب أن ينتهي قريبا، ولا يمكن إيقاف هذه المليشيات، ومعها النظام الإيراني، إلا بتقليم أظافرها وإضعاف قوتها الخارجية عن طريق عمل عسكري حازم يشلها بتاتا.
وفي النهاية، فإن تطابق الرؤى والمواقف بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسيرهما معا في طريق تحقيق استقرار المنطقة وكذلك وقوف باقي دول الخليج والدول العربية إلى الجانب معهما لهو ركيزة أساسية للحفاظ على أمن المنطقة، وحجر عثرة أمام مَن تخول له نفسه العبث بأمنها واستقرارها. ولن ينجح أي عابث لأن هناك مَن له بالمرصاد ولن يسمح بذلك، وستثبت قمة مكة اتحاد العرب واتحاد مواقفهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة