إننا أمام مرحلة مهمة كشفت لنا عن هشاشة النظام الإيراني وانكشاف صورته الحقيقية التي طالما ادعى تقاسمه المسؤولية حول قضايا الشرق الأوسط
خلال أربعة عقود ماضية كانت إيران تمجد في محور المقاومة والدفاع عن الحقوق الشرعية لفلسطين، ومع كل هذا الخداع الذي أثبتته إيران خلال هذه المدة، إلا أن أحداً لم يكن يتصور أن الصمت الإيراني سيكون مطبقاً بعد نشر أمريكا خطتها للسلام في المنطقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبغض النظر عن هذه الخطة أو طبيعتها، هناك سؤال مهم يجب طرحه حول السر الذي جعل من الموقف الإيراني صامتاً؛ خاصة أبواق إيران في المنطقة وعلى رأسها بوق حزب الله حسن نصر الله.
الرسالة الأمريكية إلى إيران التي حملت جثة سليماني إلى النظام الإيراني، يبدو أنها وصلت وتم تسلمها والتوقيع بالخط العريض على ذلك التسلُّم، فليس هناك من تفسير يمكن الذهاب إليه حول ذلك الصمت الإيراني سوى القول إن أمريكا كشفت للعالم أن إيران لا تعدو كونها مضخة إعلامية سهلة الانهيار عندما تتحول المواجهة إلى عمل عسكري وإلى منهجية جادة نحو إيقاف تطور المواقف التي تقودها إيران في المنطقة.
أعتقد أننا أمام مرحلة مهمة كشفت لنا عن هشاشة النظام الإيراني وانكشاف صورته الحقيقية التي طالما ادعى النظام الإيراني تقاسمه المسؤولية حول قضايا الشرق الأوسط، ولكن الحقيقة كشفت عن أن هذا النظام جزء لا يتجزأ من تصعيد المواقف وقطع الطرق على كل المحاولات الداعية إلى استقرار المنطقة.
صمتت كل الدعايات التي كانت تنادي بالمقاومة، فهل انقلبت إيران على مقاومتها وأصبح انتماؤها إلى قضايا المسلمين مكشوفاً ولا يمكن الاستمرار فيه إلى درجة أن إيران تدعي أنها منعت من حضور اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، وأن الوفد الإيراني لم يمنح تأشيرات دخول إلى السعودية حيث الاجتماع، هذا في الحقيقة منطق عجيب فلم يحدث عبر التاريخ أن سعت السعودية إلى مثل هذا التصرف، بل هي على العكس من ذلك، تمنح عشرات الآلاف من الحجاج الإيرانيين التأشيرات للدخول إلى مكة والذهاب إلى المدينة المنورة كل عام، مع كل ما تسببت به إيران من إيذاء للحجاج وأمنهم عبر السنوات.
يبدو بوضوح أن النظام الإيراني أدرك أنه يحشر نفسه في كثير من قضايا المنطقة ويؤجج الشعوب حولها، بل يعطل مشروعات الحلول فيها، وحدث ذلك على مدى أربعة عقود مضت، فقد أصبح النظام الإيراني مؤمناً بأن الرسالة التي أدت إلى مسح سليماني من خارطة النظام في إيران قد ذيلت بالكثير من الشروط التي تفهمها إيران جيداً وتعرف كيف تتصرف حيالها.
عبر التاريخ لم يعهد العرب ولا المسلمون أن تكون إيران جزءاً من قضاياهم بقدر ما كانت جزءاً مسبباً للكثير من المشكلات والأزمات التي تحيط بهم، وقد أثبتت المواقف أن إيران كانت وما زالت مؤججاً فعلياً ومساهماً في تعطيل الكثير من انفراجات الحل في المنطقة كونها دائمة التدخل ودائمة الادعاء بأنها وكيل شرعي للدفاع عن قضايا المسلمين، بينما ما تمارسه هو في الحقيقة عكس ذلك.
أعتقد أننا أمام مرحلة مهمة كشفت لنا هشاشة النظام الإيراني وانكشاف صورته الحقيقية التي طالما ادعى النظام الإيراني تقاسمه المسؤولية حول قضايا الشرق الأوسط، ولكن الحقيقة كشفت عن أن هذا النظام جزء لا يتجزأ من تصعيد المواقف وقطع الطرق على كل المحاولات الداعية إلى استقرار المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة