إيران ومليشياتها في معرض بغداد للكتاب.. غزو ثقافي لنشر الفكر الإرهابي
النظام الإيرااني ومليشياته يستغلون معرض بغداد سياسيا؛ لبث التفرقة بين العراقيين ومواصلة مشروع طهران التوسعي.
لم يسلم معرض بغداد الدولي الـ٤٦ الذي انطلق في ٧ فبراير/شباط الجاري كباقي مجالات الحياة الأخرى في العراق من الإرهاب الإيراني.
فقد استغلت مليشيات الحرس الثوري الإرهابية المعرض سياسيا عبر أذرعها تحت أسماء دور النشر لبث التفرقة بين العراقيين ومواصلة المشروع التوسعي الإيراني.
- الحرس الثوري الإيراني يقر بأطماعه في سوريا: لن ننسحب
- آلاف الإيرانيين ينددون بـ"مذابح" الحرس الثوري ضد العتالين
ومنذ انطلاق الدورة الحالية للمعرض بدت ملامح سيطرة طهران واضحة على أروقته، فدور النشر الإيرانية التي تخضع جميعها لسيطرة الحرس الثوري ملأت أجنحتها بصور الخميني والمرشد علي خامنئي، وكأنها معارض للصور وليس للكتب.
أما الكتب الإيرانية فغالبية عناوينها كانت في إطار مشروع تصدير ثورة الخميني وعقيدة نظام ولاية الفقيه، وهي مؤلفات تحث على التطرف والتشدد ونبذ التعايش، في مواصلة للنهج الذي بدأته طهران منذ 40 عاما الذي يسعى إلى تصدير الإرهاب والعنف والفوضى إلى دول المنطقة والعالم.
ولا يقل القسم الثقافي للتوغل الإيراني في العراق خطورة عن التوغل العسكري، فدور النشر الإيرانية تستغل معارض الكتب والفعاليات الثقافية لبث الولاء والانتماء لإيران بين العراقيين وغسل أدمغتهم من خلال محو الثقافة والتراث والحضارة العراقية الأصيلة كي تكون تلك البلد لقمة سائغة له ولمليشياته، ومن ثم تتحول إلى مركز للمد الإيراني باتجاه دول المنطقة.
"العين الإخبارية" تقصت حول الغزو الثقافي الإيراني للعراق، وكشفت عن معلومات دقيقة عن نشاطات ثقافية تمارسها مليشيا فيلق القدس (الجناح الخارجي للحرس الثوري) الذي يقوده الإرهابي قاسم سليماني بغرض السيطرة الكاملة على العراق وجعله جزءا من إيران.
وبحسب هذه المعلومات، يشرف مركز "المبين" التابع لفيلق القدس على تنفيذ عمليات عسكرية وسياسية ومخابراتية تحت غطاء المشاريع الثقافية والتراثية في كل أنحاء العراق كافتتاح المراكز الرياضية والثقافية والمكتبات وإقامة دورات تعليم اللغة الفارسية، وتنظيم الرحلات إلى إيران وتجنيد الشباب، ويُشرف على قيادة هذا المركز ضابط في فيلق القدس يُدعى العميد أبطحي.
ويدير هذا المركز عبر أذرعه دور النشر الإيرانية التي تشارك بمعارض الكتاب في العراق والمئات من المكتبات وأكثر من ٧٠ قناة فضائية تابعة لمليشيات الحشد الشعبي والأحزاب التابعة لطهران في العراق والعشرات من دور القرآن وأكثر من 100 استوديو لإنتاج وطبع الأشرطة المصورة الخاصة بغسل الأدمغة، ونشر الأفكار المذهبية المتطرفة والتشجيع على المشاركة في نشر الفوضى في الشرق الأوسط.
ويشرف هذا المركز أيضا على شبكات فرعية عدة للنساء والشباب والجامعات والحسينيات المنتشرة في جميع مناطق العراق.
وتخضع مؤسسة الأمين ولجنة إمداد الخميني والهلال الأحمر الإيراني، إلى مركز "المبين" الذي تمكن خلال الأعوام الماضية من السيطرة على غالبية مطابع الكتب في العراق للتحكم بسياسة النشر في العراق، وجعلها مطابقة لسياسات النظام في طهران.
وتشارك إيران في الدورة الحالية لمعرض بغداد الدولي للكتاب بأكثر من ٢٠٠ عنوان، إضافة إلى المؤلفات التي تشارك بها دور النشر العراقية التابع للمليشيات الإيرانية.
وقال الكاتب والصحفي العراقي علي البيدر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": إن "المشاركة في معارض الكتاب والنشاطات الثقافية وسيلة من وسائل إيران لترسيخ نفوذها في العراق، لذلك نرى أن معظم الكتب الإيرانية المشاركة في معرض بغداد الدولي أيديولوجية لنشر الفكر والثورة الإيرانية التي تتنافى مع المبادئ الإنسانية، ولا تتناغم مع توجهات معرض بغداد الدولي للكتاب" .
وأضاف البيدر أن "دور النشر الإيرانية تشارك بكتب عقائدية ضيقة متطرفة تعمل على إذكاء الفكر المتطرف وتأجيج الصراع الطائفي، الذي يحاول العراقيون إخماده بكل الطرق".
ودعا الكاتب العراقي الجهات المعنية بتشديد الرقابة على الكتب الإيرانية، كاشفا أن "التوغل الثقافي في العراق يتمثل أيضا بمحاولات إيران لإعادة طباعة بعض الكتب، ومن ثم تزييف الحقائق الموجودة فيها وتحريف مسارها التي وجدت من أجله لأهداف تصب في صالح النظام الإيراني".
وتابع: "لا يقتصر الاستغلال السياسي الإيراني لمعرض بغداد الدولي للكتاب على نشر أفكار نظام ولاية الفقيه التوسعية وبث الفوضى والخراب في المنطقة، بل تمثل أيضا في تحويل المعرض إلى ساحة لاستعراض قادة المليشيات التابعة لطهران في العراق لعضلاتهم، واتخاذه منبرا لإثارة الشارع ضد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عبر كتب ومنشورات نشرتها هذه المليشيات".
بدوره، أكد الصحفي العراقي أحمد السامرائي لـ"العين الإخبارية" أن "المليشيات وإيران قتلوا جمال الكتب والثقافة في العراق".
وأضاف: "زرت المعرض مرة واحدة وعند تجولي بين أروقته شعرت أنني في معرض كتاب في طهران وليس بالعراق، بسبب كثرة صور الخميني وخامنئي وقادة المليشيات ودور النشر الإيرانية واللبنانية التابعة لمليشيا حزب الله الإرهابية، وكثافة وجود قادة المليشيات وتحويلهم المعرض إلى معسكر من خلال نشر عناصر حماياتهم والتابعين لهم".
وأعرب السامرائي عن تمنياته بأن تضع الولايات المتحدة حدا للمد الإيراني في العراق قريبا.
وانطلق معرض بغداد الدولي للكتاب في ٧ فبراير/شباط الجاري بمشاركة ٢٣ دولة عربية وأجنبية و٧٠٠ دار نشر تعرض أكثر من مليوني كتاب.
ويشهد المعرض الذي يستمر حتى ١٨ فبراير عقد ندوات فكرية وثقافية تناقش إشكاليات الرؤية الثقافية في العراق، إضافة إلى جلسات توقيع الكتب الصادرة حديثا.