مليشيات إيران بالعراق.. هل يفلح الكاظمي في لجمها؟
العراق لديه التزام تجاه منع الهجمات على قوات التحالف الموجودة داخل البلاد بدعوة من الحكومة
أعاد حادث اغتيال الخبير والمحلل الأمني هشام الهاشمي في السادس من يوليو/تموز الجاري الجدل بشأن مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق.
ويعتقد طيف واسع من المعلقين والمحللين أن أعضاء من كتائب حزب الله الموالية لإيران، وهي واحدة من الوحدات العاملة تحت مظلة قوات الحشد، كانوا وراء اغتيال الهاشمي.
وقال موقع "جاست سكيورتي" الأمريكي إن هذا الأمر يدل مجددًا على انتهاك تلك العناصر المدعومة من طهران لسيادة القانون العراقي، لكن مؤخرًا، تعرضت المليشيات إلى ضغط من بغداد.
وأشار الموقع الأمريكي إلى أنه ليلة الـ25 من يونيو/حزيران، اعتقلت دائرة مكافحة الإرهاب العراقية 14 فردًا من كتائب حزب الله، وكانت هذه هي اللحظة التي خشت عناصر تلك المليشيات قدومها – خاصة تلك الفرق الموالية لإيران – بعد فوز رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالدعم البرلماني لتولي المنصب في مايو/آيار الماضي.
وفي حين تبدو الآن عواقب تلك الاعتقالات محدودة، فإن الآثار طويلة المدى قد تكون عميقة، وربما تقود إلى تغيير ديناميكيات السلطة في البلد الذي يعاني من تغلغل النفوذ الإيراني، بحسب موقع "جاست سكيورتي".
كما رأى الموقع الأمريكي أن ردود الأفعال السياسية والشعبية على مقتل الهاشمي توفر شعاع أمل على أن رغبة السلطة في بغداد في اتخاذ الإجراء اللازمة لمواجهة نفوذ طهران.
وتعتبر المليشيات الموالية لإيران الأكبر والأقوى بالحشد الشعبي، وكثير منها يعود تاريخه للفترة التي أعقبت الغزو الأمريكي عام 2003، عندما استخدم طهران الوحدات كوكلاء للهجوم على القوات الأمريكية والمشاركة في الحرب الأهلية بالعراق.
لكن كان عام 2020 حافلًا بالانتكاسات للمليشيات؛ ففي الثالث من يناير/كانون الثاني، استهدفت غارة أمريكية الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس القيادي المسؤول عن العمليات في الحشد الشعبي، الذي كان أيضًا مؤسس وقائد كتائب حزب الله.
كما أنه في هذه الأثناء تعرضت مليشيات الحشد الشعبي لغضب شعبي متزايد من المتظاهرين العراقيين المعارضين للفساد الحكومي وزحف النفوذ الإيراني، حتى أن تلك الاحتجاجات أجبرت رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي على الاستقالة، ليحل مكانه الكاظمي الذي كان رئيسًا للمخابرات العراقية، والمعروف برغبته في الإصلاح وإخضاع المليشيات سيطرة الحكومة.
وأوضح "جاست سكيورتي" أنه منذ مقتل سليماني شنت المليشيات العراقية هجمات صاروخية بانتظام على القواعد العسكرية الأمريكية والمنطقة الخضراء في بغداد، حتى أنه في مارس/آذار أسفرت إحدى الهجمات عن مقتل أمريكيين اثنين وبريطاني.
وتتواصل تلك الهجمات حتى الوقت الحالي، ويعتقد أنه نتاج عمل عناصر مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من طهران، بما في ذلك كتائب حزب الله.
لكن من أجل تجنب المغامرة بوضعها الحالي ضمن القوات المسلحة العراقية، أطلقت الفرق الموالية لإيران هجمات صاروخية تحت ستار أسماء غير معروفة، فمثلًا أعلنت وحدات لم يسمع باسمها من قبل، مثل عصبة الثائرين، وأصحاب الكهف، مسؤوليتهم عن الهجمات، ونشروا رسائل تهديد عبر الشبكات الاجتماعية.
وأشار الموقع الأمريكي أن هناك اعتقادات واسعة النطاق أنه تم تشكيل تلك الجماعات كتنظيمات صورية لتمكين وحدات الحشد الشعبي من مواصلة عملها ضد الولايات المتحدة وفي نفس الوقت حماية نفسها من التداعيات القانونية والسياسية.
لكن مثلت مداهمة 25 يونيو/حزيران ضربة كبيرة لهذه المنظمات الصورية، حيث تحدث مايكل نايتس الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بالتفصيل عن كيف تمكنت إدارة مكافحة الإرهاب والاستخبارات العراقية، المواليتين لرئيس الوزراء، من الحصول على الأدلة المطلوبة لاستخراج مذكرة تفتيش واعتقال من أجل المداهمة.
وأشار إلى أن دائرة مكافحة الإرهاب استخدمت آلية لاستخراج أمر قانوني بحجة أنه ضروري لمنع هجوم صاروخي مخطط له واعتقال المشتبه فيهم بمكان الحادث، لافتًا إلى أن هذه تعتبر المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة العراقية وتنجح في إحباط هجوم مماثل استنادا لمعلومات استباقية.
وقال "جاست سكيورتي" إن المعتقلين كانوا جميعهم أعضاء بكتائب حزب الله، مما يعني أن فرق مليشيات الحشد الشعبي وراء الهجمات الصاروخية المتواصلة، وحال لم يجرى إحباط هجوم 25 يونيو/حزيران، لكانت تبنته المنظمة الصورية.
ورأى الموقع أن العراق لديه التزام تجاه منع الهجمات على قوات التحالف الموجودة داخل البلاد بدعوة من الحكومة، وقد قام الكاظمي بمخاطرة سياسية بالغة الأهمية من خلال محاولته الوفاء بالتزامه، مما يستدعي الإشادة به ودعمه.