إعلام غربي: اغتيال الهاشمي فرصة الكاظمي لكبح مليشيات إيران
وكالة أمريكية وصفت مقتل الهاشمي بمأساة بالنسبة للعراق، وفرصة سياسية لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
اعتبرت صحف عالمية أن اغتيال الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي بمثابة رسالة مقلقة واختبار للحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لكبح جماح مليشيات إيران في البلاد.
كما أشادت بالخبرات الطويلة التي كان يتمتع بها الهاشمي في شؤون الجماعات الإرهابية، الأمر الذي جعله هدفًا للإرهابيين.
من جانبها، اعتبرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية مقتل الهاشمي مأساة للعراق، واختبار للقيادة، وربما حتى فرصة سياسية بالنسبة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وأضافت الوكالة، خلال مقال لبوبي جوش الكاتب الأمريكي من أصول هندية، أن الهاشمي الذي قتل ليل الإثنين، كان خبيرًا في شؤون تنظيم داعش والقاعدة، وأعطى الحكومة مشورات بشأن الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وخلال العام الماضي، تزايد تركيزه على المليشيات الطائفية، المدعومة من إيران، التي تتخلل الهياكل الأمنية العراقية والسياسية.
واعتبر المقال أن انتقادات الخبير الأمني الراحل اللاذعة هي ما جعلته مكروهًا؛ حيث قال أصدقائه إنه تلقى تهديدات بالقتل من تلك الجماعات، ويندرج مقتله تحت نمط الاغتيال.
ولفت إلى أنه رغم عدم إعلان أي طرف مسؤوليته عن الحادث، يجب أن تكون المليشيات الطائفية مشتبه رئيسي.
كما أشار إلى أن المليشيات تمثل التهديد الأكبر على النظام السياسي والاجتماعي في البلاد، حتى أن رؤساء الوزراء السابقين حاولوا إجبارهم على الانصياع دون أن يتمكنوا من تحقيق نجاح كبير.
لكن رجحت الوكالة أن الكاظمي مؤهل على نحو فريد لأداء تلك المهمة وملاحققة الطائفيين والإرهابيين، فبصفته الرئيس السابق للاستخبارات العراقية، يعرف عن المليشيات أكثر مما يعرفه الساسة.
كما أن وظيفته السابقة جعلته يطور علاقات في واشنطن، أو بشكل أدق، مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وفي طهران.
إلى جانب أن العامل المهم الآخر هو خيار الكاظمي في قيادة عمليات مكافحة الإرهاب، حيث أعاد تعيين الجنرال عبدالوهاب السعدي على رأس الجهاز بعدما أقاله رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي العام الماضي بسبب ضغوط على ما يبدو من إيران.
ورأى مقال "بلومبرج" أن الكاظمي يمكنه الاستفادة من محن طهران، التي وقعت بين شقي العقوبات الأمريكية وتفشي فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي جعلها تجد صعوبة في دعم وكلائها العراقيين، فضلًا عن تراجع المدفوعات الشهرية للجماعات الطائفية.
وعلاوة على ذلك، تأتي خسارة إيران لقاسم سليماني الذي لم تتمكن من تعويضه هو ومخلبه العراقي أبو مهدي المهندس، بعد مقتلهما خلال ضربة أمريكية بداية العام.
وأشار إلى أن خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، عانى من أجل السيطرة على المليشيات التي لم تتمكن من الالتفاف حول قيادي محلي مثل المهندس.
ومنذ تولي الكاظمي لمنصبه الجديد حاول السيطرة على بعض المليشيات، ووجه بعمليات مداهمة على جماعات بارزة مثل كتائب حزب الله، لكن ما افتقر إليه رئيس الوزراء الجديد هو دعم البرلمان، الذي يحصل فيه كثير من الساسة على أوامرهم من طهران، وبالتالي فإن كل ما يحتاج إليه هو مزيد من دعم العراقي من جميع الطوائف إلى جانب المجتمع الدولي.
واتفقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مع ما الرأي السابق، معتبرة أن اغتيال الهاشمي هو رسالة موجهة إلى الحكومة العراقية.
وأشارت إلى أن المحللين داخل وخارج العراق يرون الحادث على أنه بمثابة مؤشر مقلق للحكومة، وتحد صارخ لجهودها في إرساء سيادة القانون.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن رئيس الوزراء العراقي جعل أولى أولوياته السيطرة على المليشيات الطائفية بعد توليه منصبه، ونفذت حكومته مداهمات استهدفت كتائب حزب الله المقربة من إيران، والتي اتهمتها الولايات المتحدة بشن هجمات أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود غربيين ومقاول مدني.
وذكرت الصحيفة أن الهاشمي أشاد بالمداهمة، ولطالما حث الحكومة على الوقوف في وجه تلك المليشيات، فضلًا عن إغضابه لتنظيم داعش الذي كان يشير إليه بـ"كاذب بغداد".
وأشارت "نيويورك تايمز" أن الهاشمي أخبر شقيقه، خلال الأسابيع الأخيرة، أنه تلقى تهديدات خطيرة من تنظيم داعش، فضلًا عما قاله لأصدقائه حول تهديدات المليشيات له، ونتيجة لذلك، هناك اشتباه على نطاق واسع في أن كتائب حزب الله أو مليشيات حليفة مسؤولة عن مقتله.
وقال محللون أمنيون وساسة للصحيفة الأمريكية إنه بغض النظر عما إذا كانت الجماعة أو الشخص الذي أمر بقتله كان يبعث برسالة إلى الحكومة، فمن وجهة نظر الصحيفة الأمريكية انتقادات الهاشمي اللاذعة بحق المليشيات ليست جديدة، إنما التغيير كان وصول الكاظمي إلى السلطة، خاصة مع تأكيده، الثلاثاء، أن لا أحد فوق القانون، وأن الحكومة ستلاحق القتلة.
من جانبها، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن مقتل الخبير الأمني يمثل لحظات حرجة للعراق، فقد كان شخصية بارزة في الاضطرابات التي شهدتها البلاد لأكثر من 20 عامًا، ثم جاءت فوضى عام 2003، التي ترك فراغًا سده المتطرفون، ثم الاضطرابات السياسية والأمنية التي جاءت بعد ذلك، وأصبح خلالها المستشار الذي يذهب إليه القادة والساسة رفيعي المستوى.
وأوضحت الكاتبة البريطانية إيما سكاي أن الهاشمي كان محللا بارعا، وكاتبا غزير الإنتاج، مشيرة إلى أنه كان يتمتع برؤى فريدة عن دوافع الجماعات المتطرفة وأيديولوجيتها وأعمالها الداخلية.
وقالت إنه كان يعارض فساد الطبقة السياسية والتدخل الإيراني الذي أبقى العراق في حالة الخلل، وبالرغم من التهديدات المتواصلة، رفض مغادرة بغداد، ودفع حياته ثمنًا لشجاعته.