بعد ثماني جولات مكثفة، كشفت تصريحات مسؤولين غربيين أن مفاوضات فيينا اقتربت من نهايتها وأن الاتفاق النووي بات قاب قوسين أو أدنى.
ورغم الدعوات الغربية إلى إيران بسرعة التجاوب وعدم إهدار الفرصة والتعاطي بإيجابية مع المفاوضات إلا أنه ظهرت مخاوف من عدم تضمين الاتفاق لبنود تضمن أمن المنطقة والاكتفاء فقط بما يخص الأمور التقنية للاتفاق.
مخاوف عبر عنها العشرات من النواب الجمهوريين في الكونجرس وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، مؤكدين أن الاتفاق النووي الإيراني سيجعل الشرق الأوسط أكثر عنفا وأقل استقرارا.
تحفظات إسرائيلية
كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، النقاب عن أسباب تحفظ بلاده على مسودة اتفاق بين القوى الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي.
وأوضح بينيت أن إيران تطالب بشطب الحرس الثوري من قائمة العقوبات، معتبرا هذا الطلب "وقاحة".
وقال في كلمة بمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية المنعقد بالقدس الغربية إن "الاتفاق يمهد أمام إيران مسارا سريعا لتخصيب اليورانيوم على مستوى عسكري. وفي الوقت الذي سيمر حتى انتهاء مدة الاتفاق، الإيرانيون لن يحتاجوا حتى إلى تدمير جميع أجهزة الطرد المركزي التي طوروها على مدار السنوات الأخيرة".
وأضاف "الاتفاق سيضخ مليارات الدولارات إلى آلة الإرهاب الإيرانية - مما يعني المزيد من المسيرات والمزيد من الاعتداءات على السفن والمزيد من إطلاق الصواريخ على إسرائيل وعلى حلفائنا من خلال أذرع إيران في المنطقة".
وتابع: "هذا الاتفاق يخلق مجموعة من التحديات الجديدة بالنسبة لأمن إسرائيل. ومع ذلك، لا يساورني الشك بأننا سننتصر".
ومضى قائلا: "ننظر إلى فيينا ونحن قلقون جدا مما نراه. بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لجميع القوى التي تدعم الاستقرار في الشرق الأوسط، الصفقة المتبلورة قد تخلق شرق أوسط أكثر عنفا وأقل استقرارا".
تحذيرات بالكونجرس
بعث قرابة مائتي نائب جمهوري في الكونغرس برسالة إلى الرئيس جو بايدن، ذكروا فيها أن أي اتفاق نووي جديد مع النظام في طهران "سيلقى مصير" اتفاق 2015 نفسه.
وأكدوا على أن "مثل هذا الاتفاق دون موافقة المشرعين سيلقى مصير اتفاق أوباما مع إيران نفسه".
وحذروا الرئيس الأمريكي من أنه "إذا أبرمت اتفاقا مع المرشد الإيراني دون موافقة الكونغرس رسميا، فسيكون مؤقتا وغير ملزم، وسيواجه المصير نفسه لخطة العمل الشاملة المشتركة"، وفق "فوكس نيوز".
وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي منتصف عام 2018 وقامت بتشديد العقوبات على إيران، مما دفع الأخيرة إلى التملص من بنود الاتفاق عبر رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، وخفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية التي كانت مهمتها مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية.
ومنذ أبريل الماضي، تشهد العاصمة النمساوية فيينا مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، يتوسط فيها الأوروبيون وبقية الموقعين على الاتفاق المبرم عام 2015، بهدف الحؤول دون تطوير طهران سلاحا نوويا.
قضايا رئيسية
المحلل الإيراني، أميد شكري، قال إنه "وفق تصريحات الطرفين فإن المفاوضات في مراحلها النهائية وسيتم توقيع اتفاق نووي جديد قريبًا، لكن هناك دعوات لأن يتجاوز الشأن النووي، من خلال استراتيجية واسعة النطاق للتعامل مع الإيرانيين، تشمل الحد من الأنشطة الخبيثة في المنطقة ودعم الداخل الإيراني".
وأضاف شكري أن "هناك مطالب تتصاعد من منظمات حقوقية لمناقشة قضية حقوق الإنسان في إيران ضمن المفاوضات".
وأكد على أنه "إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي ولم تكن هناك قيود على اتفاق محتمل بشأن برنامج إيران الصاروخي - البرنامج النووي والطائرات بدون طيار – ومع رفع العقوبات والإفراج عن الأموال الإيرانية المحظورة في البنوك الأجنبية، ستنفق هذه الأموال على برامج إيران العسكرية، وستؤدي هذه الحوادث إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وتهديد الأمن الإقليمي".
وتابع: "في العقود القليلة الماضية، استثمرت إيران بكثافة في الصواريخ الباليستية، مع زيادة مدى هذه الصواريخ، ستواجه دول جوار إيران وحتى إسرائيل تهديدًا خطيرًا على المدى المتوسط، يجب أن يضمنوا عدم استمرار برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي جنبا إلى جنب".
وأشار إلى أن "دول المنطقة تراقب عن كثب المحادثات النووية، ومع قربها من مرحلة حرجة، أرسلت إسرائيل بشكل غير متوقع وفدا دبلوماسيا إلى فيينا للوقوف على آخر المستجدات، وجاء إرسال الوفد الإسرائيلي رغم الطلب الصريح الأخير من رئيس الوزراء الإسرائيلي للولايات المتحدة بإنهاء مشاركتها غير المباشرة في المفاوضات مع إيران".
وأكد على أن "إرسال وفد إسرائيلي في فيينا، وهو الأول في تاريخ المفاوضات الغربية مع إيران، يهدف إلى التعبير بشكل مباشر عن مخاوف إسرائيل للوفود الحاضرة في المحادثات"، لافتا إلى أن هناك تحذيرات أيضا من الكونجرس حيث دعا 33 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين جو بايدن الأسبوع الماضي في رسالة من اتفاق يحمل أي تنازلات أمريكية وإلا فسيكون مصيره الإلغاء.
اتفاق مؤقت
رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، محمد محسن أبو النور، قال إن المفاوضات الحالية مختلفة تماما عن المحادثات التي جرت منذ أغسطس 2013 إلى يوليو 2015 حيث تم توقيع أول "اتفاق إطاري" في 24 نوفمبر 2013 خرج للعلن وكانت هناك معلومات أولية تخرج أولا بأول من قادة التفاوض من إيران وأمريكا، أما ما يحدث حاليا هو حالة كبيرة من الغموض.
وأضاف أبو النور أن العالم كله يركز على وقف البرنامج النووي لكن مستحيل أن توقع واشنطن اتفاقا دون أن يتضمن الملفات الثلاثة حتى لو لم يتم الإعلان عن ذلك.
وأشار إلى أنه في المفاوضات السابقة تم توقيع الاتفاق في 14 يوليو 2015 وبعدها بأسبوع في 20 من الشهر ذاته أقر مجلس الأمن الاتفاق في القرار رقم 2231 وبعدها بشهرين خرجت صحيفة "نيويورك تايمز" بتسريبات قالت إن هناك بنودا سرية وملاحق لم يتم الإعلان عنها.
وأوضح أنه يمكن أن يتم التوصل إلى اتفاق مع توقيع بنود أو ملاحق سرية تتعلق بدور إيران في إقليم وبرنامجيها حول الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ومن ثم بعد عام أو اتنين قد تخرج للنور.
مخاوف إسرائيلية
ولفت إلى أن ما يؤكد ذلك هو ذهاب مبعوث من إسرائيل للمشاركة بالمفاوضات بعد ما وجدت تل أبيب أن هناك موقفا أمريكيا متهادنا "صعب جدا أن يخرج اتفاق دون الملفات الثلاثة"، لافتا إلى أنه سيكون هناك رد فعل قوي جدا من إسرائيل والجمهوريين.
ونوه إلى أن هناك نظرتين مختلفتين من أوروبا وأمريكا تجاه الاتفاق النووي، فأوروبا تراها اتفاقية لمنع الانتشار النووي بشكل تقني أما أمريكا فتعتبرها اتفاقية جيواستراتيجية والدليل على ذلك الملاحق التي تم توقيعها بشكل سري في 2015 كانت كلها أمور سياسية وليست فنية.
وتوقع أبو النور أن تكون هناك اتفاق خلال الأيام المقبلة، لافتا إلى أنه قد يكون مؤقتا لمدة عام أو عامين رغم رفض طهران ولكن قد يكون هناك اضطرار إلى ذلك.